الساحل الأفريقي في 2025.. الدب الروسي يدعم وجوده بالصحراء
لفظٌ لقوى غربية ومحاولة للاتحاد وجهود مكافحة الإرهاب، هكذا يمكن تلخيص الوضع في دول الساحل الأفريقي خلال 2024، لكن كيف سيكون الحال في 2025؟
شهد العام المنصرم تطورات متلاحقة منذ بدايته، ففي يناير/كانون الثاني الماضي أعلن قادة مالي والنيجر وبوركينا فاسو في بيان مشترك انسحابهم من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس".
الدول الثلاثة المنسحبة يقودها قادة عسكريون عقب انقلابات عسكرية في مالي 2020، وبوركينا فاسو 2022، والنيجر 2023، وتعاني أوضاعا أمنية متدهورة وانتشار الأعمال الإرهابية، إضافة إلى أوضاع اقتصادية صعبة خلفت آثارا اجتماعية أصعب.
ورغم ذلك شكلت الدول الثلاث "كونفدرالية دول الساحل" في إعلان صريح لمقاطعتها إيكواس، التي اتهمتها بأنها أداة تحركها باريس، وأنها لا توفر لها دعما كافيا في مكافحة الإرهاب، حيث تواجه الدول الثلاث منذ سنوات حوادث إرهابية خاصة في منطقة "المثلث الحدودي" المشترك، بتوقيع تنظيمي القاعدة وداعش الإرهابيين.
وقررت الدول الثلاثة التخلص من الوجود العسكري الفرنسي والأمريكي، وبدأت تتجه شرقا إلى روسيا، التي ظهرت عناصر من مجموعة الفيلق الروسي (فاغنر سابقا) فيها، إضافة إلى تعاون متزايد بينها وبين موسكو، لكن هل يحمل عام 2025 أي تغيير في مواقف تلك الدول؟
المصلحة تفصل
الدكتور أحمد عبداللطيف أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس المصرية، قال لـ"العين الإخبارية" إن "الفيصل الذي يحكم الآن علاقات النيجر ومالي وبوركينا فاسو ببقية الدول والتحالفات هو المصلحة".
وأضاف عبداللطيف أن "تلك الدول جربت الاعتماد على قوى غربية مثل باريس وواشنطن، ورغم ذلك لم يفلح هذا التعاون في وقف الأعمال الإرهابية فيها، أو تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة".
واعتبر أن روسيا دخلت على الخط بديلا للقوى الغربية في هذه الدول، متوقعا أن يزيد التعاون بينها وموسكو في 2025.
وقال إن "روسيا استغلت على الفور تراجع النفوذ الغربي في منطقة الساحل، فنشرت عناصر من الفيلق الروسي (فاغنر سابقا) في مالي أولاً، ثم في بوركينا فاسو والنيجر، إضافة لتعاون عسكري شمل عقد صفقات سلاح كبيرة.
لكن هل يتوقف الدور الروسي على التعاون العسكري؟ عبداللطيف يتوقع أن تدفع روسيا باتجاه الشراكة الاقتصادية والتجارية مع دول الساحل الأفريقي، في ظل العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب الحرب في أوكرانيا.
وأوضح أنه وسط احتدام الحرب في أوكرانيا، والضغوط على موسكو، زار نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك الدول الثلاث في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في جولة كان عنوانها تعزيز الشراكة الاقتصادية خاصة في مجال الطاقة.
القمح الروسي والطاقة الأفريقية
وبحسب عبداللطيف فإن روسيا تخطط لبيع القمح الروسي إلى هذه الدول، إضافة إلى الطاقة الأفريقية، ما يعني ترسيخ قدم موسكو في هذه المنطقة التي تعتبر سوقا كبيرة يضم نحو 100 مليون نسمة.
وتوقع تصاعد الدور الروسي في منطقة الساحل في 2025، في ضوء توجه موسكو نحو توسيع علاقاتها الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية مع معظم دول المنطقة.
وأوضح أن روسيا تستخدم أدواتها الرسمية وغير الرسمية لتدعيم شراكاتها مع دول الساحل واستغلال اللفظ الشعبي والرسمي لفرنسا وأمريكا.
أكثر من مجرد تعاون عسكري
أما المحلل السياسي الجزائري شريف لخضاري فاعتبر أن روسيا نجحت بالفعل في إيجاد موطئ قدم لها في منطقة الساحل الأفريقي بديلا لفرنسا وأمريكا، وتوقع أن يزيد الأمر عن مجرد التعاون العسكري في 2025.
وقال لخضاري لـ"العين الإخبارية" إن "هذه المنطقة تزخر بالموارد الطبيعية والمعادن، ما يمكن أن يشكل عامل جذب لروسيا أو غيرها من القوى العالمية".
وأضاف أن "نفوذ روسيا في هذه المنطقة سوف يزيد خلال عام 2025، خاصة إذا لجأت إلى تعاون اقتصادي أو شراكة تجارية مما يحسن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين في هذه الدول".
وتوقع لخضاري أن تسعى مجموعة إيكواس خلال العام المقبل إلى محاولة تحسين العلاقات مع مالي والنيجر وبوركينا فاسو، مشيرا إلى أنه بالفعل توجد محادثات بين الجانبين لجسر هوة الخلافات.
واعتبر أن تشكيل الدول الثلاث تحالفا كونفيدراليا بينها سهّل مهمة روسيا في التواصل معها وفتح مجالات مختلفة للتعاون، قائلا: "موسكو تدرك ما تحتاجه هذه الدول وستعمل على تلبيته".
وبحسب لخضاري فإن غياب روسيا عن الاستعمار في أفريقيا سيجعل المواطنين يتقبلون الوجود الروسي سواء العسكري أو الاقتصادي، لأن الصورة الذهنية عن القوات الفرنسية كانت أنها قوات احتلال سابقة، وبالتالي يوجد رفض شعبي لها.
واعتبر لخضاري أن التنافس الروسي الغربي على الوجود في الساحل الأفريقي سيصب في صالح دول المنطقة التي ستستفيد من استثمارات ومساعدات اقتصادية وعسكرية.
aXA6IDE4LjE4OS4xNzAuNjUg جزيرة ام اند امز