تعتبر أفريقيا بمواردها الطبيعية المتعددة، ومناخها المتنوع وأراضيها الخصبة الشاسع، مخزن الغذاء الذي لم يستهلك بعد.
فالقوى الاستعمارية ظلت في السابق تتحرك لاستعمار دول القارة لتوفير الغذاء لشعوبها أو لتوفير المواد الخام لمصانعها المتطورة في تلك الفترة، في وقت كانت فيها القارة وشعوبها متخلفة تعتمد على الأعمال اليدوية والتي بالكاد توفر للأسرة الواحدة متطلبات الحياة من طعام وشراب.
ومع تحرر دول القارة من الاستعمار، دخلت أغلب البلدان في صراعات متعددة إثنية وعرقية وسياسية وفكرية ودينية بدعم خارجي، الأمر الذي أدي إلى أن تكون دول وشعوب أفريقيا بعيدة عن النهضة والتطور المرحلي .
وظلت الدول والأنظمة الأفريقية، تتحارب فيما بينها إما بسبب حدود جغرافية وضعت من أطراف خارج المنطقة أو لولاءات مختلفة لبعض الأنظمة التي تتاجر بالسلاح بين تلك الدول، ويتم ترويجها في أفريقيا بسبب صراعات لا ناقة لها فيها ولا جمل .
فباستقرار أفريقيا يمكن أن يستفيد العالم من منطقة ما زالت أراضيها بكرًا، عبر استثمار الأرض والمناخ والبيئة والشباب والأيدي العاملة الرخيصة والمتوفرة، لتوفير الغذاء من خلال زراعة مختلف أنواع المنتجات الطبيعية، في أراضٍ لم تتلوث بالمؤثرات والمخلفات الصناعية .
وكما هو معروف، فإن المزارع الأفريقي يعتمد في تطوير أراضيه على الأسمدة الطبيعية من مخلفات الحيوانات التي يقوم بتربيتها في منزله؛ إذ هي حلقة متكاملة من أجل تسخير الطبيعة لتسهيل أجل الحياة اليومية .
ويمكن لأفريقيا أن تكون مخزن الغذاء حال وجدت استقرارها، وابتعدت عنها الأيادي التي تتربص بها، وترغب في جعلها أراضي لحروب الغير والتي تقاد بالوكالة، وأن يبتعد القادة الأفارقة من محاربة بعضهم بسبب ولاءات لن تقدم لهم سوى الخراب والدمار، وتخلف الشعوب التي تعمل كادحة من أجل توفير احتياجاتها في وقت وصل العالم الآخر لما هو أبعد من ذلك .
فبدل أن ينتظر الإنسان الأفريقي الإغاثة والمساعدات من الدول الغربية، والتي تكون عبارة عن أغذية محسنة جينيا معدلة وراثيا قد يكون لها أضرار أخرى مستقبلا، يمكن له أن يوفر غذاءه بنفسه ويقدم للأخرين أطعمة طبيعية صحية، وخالية من أي محسنات ومواد مصنعة.
وتمتلك أفريقيا العديد من الخبرات والكوادر الشابة، التي يمكنها الإفادة في توفير الغذاء ودعم الآخرين، وليس لتأجيج الصراعات ونشر الأفكار المختلفة التي تؤدي بإنسان المنطقة الدخول في دوامة من الحروب تجعله في الآخر عبئا على الآخرين، فهجرات الشباب الأفريقي والصراعات والحروب والانقلابات هي نتاج لمجتمعات أخري تم تصديرها للقيادات السياسية في المنطقة الأفريقية، التي يمكن أن يستفاد منها بطرق أخرى لدعم دول العالم من خلال تسخير الطبيعة والموارد المائية والمناخية .
ويظل السؤال هو: يمكن أن تكون أفريقيا بكل ما تملك مخزن غذاء يكفي الجميع لامتلاكها للعناصر التي ذكرتها أعلاه، لكن من يستطيع أن يوقف الصراع في القارة السمراء، حتي يكفي الخير الأفريقي الجميع؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة