مؤتمر علماء أفريقيا بموريتانيا.. جبهة موحدة لنشر التسامح والسلام
وقائع افتتاح الحدث تشهد تسلم الرئيس الموريتاني "موسوعة التسامح"، من الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم بالمجتمعات المسلمة
أجمعت الخطابات الافتتاحية لأعمال مؤتمر علماء أفريقيا بموريتانيا، حول نشر قيم السلم والتسامح، على أهمية إبراز دور قادة الرأي والفكر في وإظهار الدين على حقيقته كقوة صانعة للسلام والمحبة، ومنع أي خلط قد يتدثر به خطاب التطرف التحريضي.
المؤتمر ينظمه منتدى تعزيز السلم بالمجتمعات الإسلامية، برئاسة الشيخ عبدالله بن بيه، ومقره بدولة الإمارات العربية المتحدة، تحت رعاية الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني وبحضور وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعة.
وحظي المؤتمر، الذي يستمر لمدة يومين، بمشاركة واسعة من كبار العلماء والمرجعيات بالقارة الأفريقية بالإضافة إلى شخصيات فكرية ومنظمات إسلامية دولية.
وقائع افتتاح الحدث شهدت تسلم الرئيس الموريتاني "موسوعة التسامح"، من الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم بالمجتمعات المسلمة التي تتضمن كل الأنشطة والفعاليات والمناسبات التي تعزز نشر ثقافة التسامح والسلم في العالم ونبذ فكر الغلو والتطرف.
الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، أكد في خطاب افتتاح المؤتمر "أن المسؤولية الملقاة على عواتق العلماء في سياق ترسيخ ثقافة التسامح والاعتدال جسيمة وبالغة الأهمية"، معولا على مخرجات المؤتمر في "تأصيل ونشر هذه القيم وتفنيد دعوات الغلو والتفرقة".
وأكد الغزواني: "إن السلم والاستقرار مطلب أساسي لا يتأتى بدونه تحقيق المقاصد الشرعية الكبرى من حفظ للدين والعقل والنفس والمال ولا يكون السلم والاستقرار إلا حيث تنتصر ثقافة التسامح والاعتدال على ثقافة التطرف والاقتتال".
ونوه الغزواني بدور العلماء "في مواجهة هذه الجماعات من خلال جهودهم الموفقة في رد من غرر بهم إلى جادة الصواب، وفي تحصين الشباب في وجه دعوات الغلو والتطرف والعنف".
شراكة بين العلماء والحكومات
قال الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم، في كلمة تأطيرية لأعمال المؤتمر، إن هناك حاجة لشراكة بين العلماء والحكومات والشباب، للوقوف ضد التحديات التي تواجه القارة الأفريقية بسبب التطرف.
وأشار الشيخ عبدالله بن بيه إلى أن الوضع الراهن، يفرض مواجهة الفكر المتطرف مواجهة علمية، تقتضي تفكيكه، في ظل تحد مصيري يهدد العالم أجمع.
واستعرض الشيخ عبدالله بن بيه، الجهود التي يقوم بها منتدى تعزيز السلم للمجتمعات المسلمة، لنشر خطاب التسامح والاعتدال والوسطية، من خلال عقد عدد من المؤتمرات الإقليمية، برعاية ودعم كريم من دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأوضح أن هذه المؤتمرات تستهدف استنهاض نخب ومفكري الأمة حول ضرورة الاضطلاع بأدوارهم لنشر هذه القيم، وإظهار رسالة الإسلام الناصعة التي تؤكد التحلي بالوسطية والتسامح وقبول الآخر، بعيدا عن الغلو والتطرف والاقتتال.
وحث الشيخ عبدالله بن بيه الشعوب والبلدان الأفريقية على استلهام التجربة الفريدة لدولة الإمارات العربية المتحدة في مجال نشر التسامح، من خلال عام التسامح، داعيا لتخصيص أنشطة وفعاليات تحث على هذه الفضيلة.
وأكد أن النتائج التي سيتم تحقيقها في هذا المجال ستكون مبهرة وعظيمة، نشرا للتآخي والمحبة بين الشعوب، ونبذا للتطرف والتفرقة بين الشعوب.
وأشار إلى أن تراث الشعوب الأفريقية زاخر بالتجارب والسلوكيات التي تبرز تعلق الأفارقة بالتسامح، وحل الإشكالات بالطرق السلمية، تحت المظلة الواحدة الجامعة للكل، مطالبا بالتمسك بهذا التراث والبناء عليه وتطويره، بما يعزز من آليات نشر قيم التسامح والاعتدال، ونبذ التطرف والغلو.
وأشاد الشيخ عبدالله بن بيه بمقاربة موريتانيا في مجال مواجهة التيارات المتطرفة التي تكللت بالنجاح، منوها بخطاب الرئيس محمد ولد الغزواني الأخير، خلال منتدى الأمن بالساحل الذي احتضنته العاصمة السنغالية مؤخرا، معتبرا أنه يعكس الوعي بمتطلبات مواجهة هذه التحديات، وعلى رأسها المقاربة الفكرية التي تعتبر العلاج الأنجح لظواهر التطرف والغلو.
التطرف لا وطن له
الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، حذر من مخاطر الفوضى والهدم والإفساد والتخريب، وحث على فضائل البناء والتعمير والتنمية.
وأكد جمعة أن حفظ الأوطان من المقاصد الشرعية للأديان منبها إلى خطورة ما دعاها جماعات الفكر المتطرف التي تنشر الفوضى والعنف في البلدان والمجتمعات المسلمة.
وشدد وزير الأوقاف المصري على "أنه لا أمن ولا بناء ولا تنمية دون القضاء على الإرهاب والتطرف، مبرزا أن الإرهاب لا وطن له ولا دين له وسيكتوي بناره كل من دعمه وكل من نظر له وكل من أسس له أو جامله" على حد تعبيره.
ودعا جمعة إلى استئصال الإرهاب والتطرف والقضاء على أسبابه ومن يحتضنه ومن يتعاطف معه، داعيا إلى الحفاظ على مؤسسات الدولة وعلى نظامها وكيانها والتصدي لكل من يهدد ذلك.
ويسعى منظمو المؤتمر، على مدى يومين، إلى إصدار "بيان علمي مؤصّل وإعلان تاريخي موحّد يعبّر عن موقف العلماء ورؤيتهم الشرعية لهذا التحدي الذي يهدد وحدة الأمة ومصالحها الدينيّة والدنيوية".
واعتبر القائمون على المؤتمر أن أهميته تنطلق من خصوصية القارة كونها هي أول رئة تنفس بها الإسلام وتشَرَّبت تسامُحَه، وازدهت بتعايُشَه السلمي إبان الهجرة إلى الحبشة، وأكدوا في بيان أن المؤتمر "هبّةٌ علمية شرعية لتوعية الشعوب وشبابها بقيم السلم والتعايش، والعمل على محاصرة أفكار العنف والتطرف بالمنطق الشرعي المبين".