القمة الأفريقية الـ36.. إجابة الاقتصاد على أزمات السياسة
تنعقد القمة الأفريقية الـ36 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا فيما التحديات تتراكم أمام قادة القارة السمراء.
فمن الأزمات السياسية التي تترجمها الانقلابات العسكرية إلى النزاعات المسلحة ومخاطر التنظيمات الإرهابية، حتى أزمات التغير المناخي التي ترجمتها موجة الجفاف التي تهدد الملايين في القارة، يجد القادة الأفارقة أنفسهم أمام أجندة حافلة حينما يطلقون قمتهم التي تنطلق غدا السبت وتختتم أعمالها الأحد.
قمة تاريخية على صعيدين، الأول كونها تأتي فيما تتكالب أزمات أمنية غير مسبوقة على أفريقيا بما في ذلك أزمة الأمن الغذائي التي فرضتها وقائع المعارك في أوكرانيا المصدر الأبرز للحبوب عالميا إلى جانب روسيا، وثانيا كونها تتزامن مع ذكرى مرور 60 عاما على ولادة منظمة الوحدة الأفريقية 1962، وأكثر من 20 عاما على تشكيل الاتحاد الأفريقي في عام 2002 بجنوب أفريقيا.
هذه القمة اختير لها عنوان "تسريع تنفيذ منطقة التجارة الأفريقية الحرة" بما يجعل هذه القمة حاسمة للقادة الأفارقة لإعطاء الأولوية لتسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ومعالجة القضية الملحة المتعلقة بتمويل مشروعات تعالج أزمات التغير المناخي، إلى جانب الأزمات المزمنة.
وعلى الرغم من دخول اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية التي أطلقت في عام 2019 لتأسيس سوق موحد يضم 1.3 مليار شخص وناتج محلي إجمالي يبلغ حوالي 3.4 تريليون دولار، إلا أن القارة أحرزت تقدمًا محدودًا في تنفيذها.
وأدى التأثير المستمر لوباء COVID-19 والحرب في أوكرانيا والتهديد المتزايد لتغير المناخ إلى وقوع 22 دولة أفريقية في ضائقة ديون أو معرضة لخطر كبير، مما أثر على تكاليف المعيشة والوظائف والدخل.
وتطالب منظمات المجتمع المدني الأفريقي بضرورة إعطاء القادة الأفارقة الأولوية لتفعيل اتفاقيات قارية وقعت لكنها لم تر النور بسبب تباطؤ الدول في إجراء التنفيذ.
ودعت هذه المنظمات إلى المضي قدما في تفعيل تلك الاتفاقيات وضرورة التمكين من حرية تنقل الأشخاص والسلع والخدمات.
واعتماد بروتوكول الاتحاد الأفريقي بشأن حرية تنقل الأشخاص عبر القارة والتصديق عليه وتنفيذه، وتحسين الإدارة عبر الحدود من خلال تبسيط متطلبات التجارة، ورقمنة الإجراءات الإدارية، ووجود نقاط حدودية شاملة من أجل إطلاق العنان لاستثمارات إضافية للبنية التحتية الحيوية.
التغير المناخي وأزمات التمويل
ويتوقع أن تطرح قضية التغير المناخي بقوة على طاولة القمة الأفريقية، باعتبارها قضية تلقي بظلال كثيفة وعلى نطاق واسع على مختلف أقاليم القارة.
ويعد تمويل مشروعات التكيف المناخي أولوية قصوى وفق أجندة القمة الأفريقية، حيث تقع أفريقيا على خط المواجهة في حالة طوارئ مناخية لم تخلقها وتواجه حاليًا فجوة تمويلية تبلغ 41 مليار دولار سنويا.
ويتوقع أن يجدد القادة الأفارقة مطالبهم بالقمة البلدان ذات الدخل المرتفع بالوفاء بوعود متعلقة بتمويل التكيف، مما يعني تحقيق هدف 100 مليار دولار سنويًا لأي عام ومعالجة أي نقص من خلال زيادة المساهمات في السنوات اللاحقة، والتأكيد على خطة للالتزام بمضاعفة تمويل التكيف على النحو المتفق عليه في COP27 الذي عقد في مدينة شرم الشيخ المصرية.
وبحسب مراقبين فإن القمة الأفريقية الـ36 تتيح فرصة للقادة الأفارقة لتقييم استعداد الاتحاد الأفريقي لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية العديدة التي تواجهها القارة في العام المقبل.
واتسمت السنوات الأخيرة في مختلف أنحاء القارة بحروب أهلية دامية وانتفاضات مسلحة وانقلابات وأزمات أخرى أدت إلى انتشار عدم الاستقرار وأودت بحياة الآلاف في القارة.
الصراعات والإرهاب
وتجد القمة الأفريقية نفسها أمام ملفات مزمنة، أبرزها إصلاح مؤسسات الاتحاد الأفريقي، ومواكبة اتفاقيات ترعاها في إثيوبيا والسودان، والحث على التعاون الإقليمي حول سد النهضة الإثيوبي وتخفيف التوترات في منطقة البحيرات الكبرى وأفريقيا الوسطى، ومتابعة ملف أزمة الانتقال السياسي في ليبيا.
وشهد العامان الماضيان حروبا أهلية في إثيوبيا وشرق الكونغو الديمقراطية ولا يزال الوضع في دول الساحل مثيرا للقلق، حيث تزعزع الجماعات المسلحة استقرار مساحات شاسعة منه وتبحث عن موطئ قدم في أماكن أخرى، فيما تواصل دول حوض بحيرة تشاد جهودها لمواجهة انتشار الجماعات الإرهابية.
تقارير الرؤساء
ومن المقرر أن تستمع القمة الأفريقية الـ36 على مدار أعمالها تقارير الرؤساء، حيث يقدم عدد من الرؤساء الأفارقة وفق أجندة القمة تقارير حول عدة ملفات يشرفون عليها.
وحول الإصلاح المؤسسي للاتحاد الأفريقي يقدم رئيس رواندا بول كاغامي تقريره، فيما يرفع رئيس الدورة المنتهية للاتحاد الأفريقي الرئيس السنغالي ماكي سال تقريرا حول حوكمة سياسة الطاقة، إلى جانب تقرير عن حالة التنفيذ الخاصة بمنطقة التجارة الأفريقية الحرة السلم والأمن وتنفيذ خريطة الطريق لإسكات البنادق في أفريقيا فضلا عن تقرير لجنة الرؤساء الخاصة بشأن إصلاح الأمم المتحدة.
عضويات معلقة
وبينما تسعى 4 دول هي، السودان ومالي وبوركينا فاسو وغينيا، إلى البحث عن جسر للتواصل مع القمة، بعد تعليق عضوية تلك الدول على خلفية انقلابات عسكرية شهدتها، سمح الاتحاد لدولة تشاد بالمشاركة في فعالياته بعد أن منحت فترة سماح لتطبيع الأوضاع السياسية في أعقاب استيلاء المجلس العسكري على السلطة بعد وفاة الرئيس إدريس ديبي في عام 2021.
ووصل وزير خارجية مالي عبدالله ديوب إلى مقر الاتحاد الأفريقي، على الرغم من تعليق عضوية بلاده وقال في تصريحات صحفية إنه يسعى إلى إجراء محادثات تتعلق بمساعدة الاتحاد لبلاده للعودة إلى مسار الانتقال المدني.
غير أن تصريحات لوزراء خارجية دول أفريقية، على هامش القمة، أشارت إلى موقف متشدد في عدم التساهل في قضية الانقلابات غير الدستورية ومحاولة بعض الدول المطالبة بفك تجميد عضوتهم بالاتحاد الأفريقي إلى حين تولي حكومات مدنية مقاليد السلطة.
aXA6IDE4LjIxNy4xNDAuMjI0IA== جزيرة ام اند امز