4 سنوات من تعويم الجنيه.. ماذا حدث للدولار والاقتصاد في مصر؟
قبل 4 سنوات من الآن وتحديدا في الثالث من نوفمبر عام 2016، اتخذ البنك المركزي المصري قرارا جوهريا بتعويم سعر صرف الجنيه.
القرار الذي شكل صلب خطة الإصلاح الاقتصادي ومهد للحصول على قرض ضخم من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار، أنقذ الاقتصاد آنذاك من عثرته.
وخلال السنوات الأربع الماضية تحول السوق المصري من طارد للاستثمارات وسط انخفاض حاد للاحتياطي النقدي الأجنبي وتفاقم السوق السوداء للعملة، إلى السوق الأكثر جذبا للاستثمارات الأجنبية بين الأسواق الناشئة كافة.
قرار لا مفر منه
وقالت علياء ممدوح، كبير الاقتصاديين في بنك الاستثمار بلتون، أن قرار تحرير سعر الصرف كان ضروريا للغاية في ذلك التوقيت ولم يكن في صالح الاقتصاد المصري تأخيره أكثر من ذلك بعد تردى كثير من الأوضاع والمؤشرات الاقتصادية سواء على صعيد الاحتياطي النقدي أو الاستثمار الأجنبي.
فضلا عن وجود سعرين للصرف الأجنبي في البلاد وتركز التعاملات في ذلك الوقت في السوق السوداء ما كان يزيد المخاطر على الاقتصاد.
أضافت أن الاقتصاد المصري لم يكن قادرا على تحمل المزيد من الأعباء الناتجة عن عدم تحرير سعر الصرف في ذلك الوقت كان، خاصة بعد سيطرة السوق الموازي على تعاملات النقد الأجنبي، وصلت لحد استحواذها على غالبية تحويلات المصريين في الخارج والتي تشكل أحد الموارد الرئيسية للنقد الاجنبي في مصر.
يشار إلى أن أسعار الصرف الرسمية للدولار قبل تحرير سعر الصرف كانت تدور بين مستويات 8.80 جنيه للشراء و9.80 جنيه للبيع، في حين بلغ سعر الدولار في السوق الموازي بين مستويات من 15 إلى 19 جنيها.
وأوضحت كبير الاقتصاديين في بلتون فاينانشيال أن التحرك السريع لأسعار الصرف في السوق الموازي في ذلك الوقت كان يعوق الاستثمارات الأجنبية، وحدث تدهور كبير في صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك القطاع المصرفي بالكامل وهو ما كان يؤثر على قدرة الدولة على الوفاء بإلتزاماتها وتغطية فاتورة الواردات .
مكاسب التعويم
عند اتخاذ قرار تحرير سعر الصرف كان احتياطي مصر من النقد الاجنبي قد هبط لأدنى مستوياته قرب 13 مليار دولار، قبل أن ينطلق في رحلة صعود تاريخية مسجلا 45.5 مليار دولار بعد تحرير سعر الصرف بأكثر من عامين.
كذلك بلغ صافي الأصول الأجنبية لدى الجهاز المصري بالسالب نحو 14 مليار دولار، في حين عاود الارتفاع مرة أخرى بعد تحرير سعر الصرف ليسجل صافي موجب بأكثر من 19 مليار دولار.
وأشارت ممدوح إلى أن مصر قبل عام 2016 كانت دولة مستوردة للغاز وذلك قبل اكتشافات حقول الغاز المختلفة، والتي ما كان يتم اكتشافها لولا تحرير سعر الصرف، كما أن تلك الفترة لم يكن هناك سيولة كافية بالعملة الأجنبية لاستيراد حتى المواد الخام اللازمة في عملية الإنتاج والتصنيع ما كان له أكبر الضرر على الصناعة وتوافر السلع والمنتجات في الأسواق.
ونوهت إلى أن الاحتياطي النقدي كان قد وصل إلى أدنى مستوياته قرب الخط الأحمر الذي يضعه صندوق النقد الدولي للدول النامية، حيث لم يكن يسد احتياجات البلاد الاستيرادية من السلع الأساسية سوى لأقل من 3 أشهر، مقابل 8 أشهر حاليا بعد تحرير سعر الصرف.
وأكدت أن القطاع الصناعي بدأ يتعافي بعد تحرير سعر الصرف، وظهر ذلك بشكل كبير خلال 2020، بعد مبادرات البنك المركزي التي أطلقها لدعم الاقتصاد والصناعة والتي تعد هي أيضا أحد نتائج تحرير سعر الصرف.
وأكدت أن تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية عادت من جديد إلى السوق المصرية بعد أن هجرتها لأشهر طويلة، فعلى سبيل المثال كان رصيد الأجانب في أذون الخزانة قد هبط إلى مستوى لم يتجاوز 110 ملايين دولار، قبل أن يتعافي بعد تحرير سعر الصرف ليصل إلى أكثر من 21 مليار دولار حاليا.
وبات المستثمرون بالسوق الدولية باتت يترقبون قيام مصر بأية طروحات للسندات وهو ما يظهر بشكل ملحوظ في التغطيات الكبيرة التي تشهدها أي عملية تطرح وهو ما كان يحدث لولا الثقة في الاقتصاد المصري وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي كان أحد أهم ركائزه هو تحرير سعر الصرف.
تحويلات المصريين بالخارج
وتطرق محللة الاقتصاد الكلي إلى تحويلات المصريين العاملين بالخارج التي عادت من جديد لتمر عبر قنواتها الشرعية من خلال البنوك بعد أن استقطبتها السوق السوداء، لتصل خلال العام المالي 2019- 2020 إلى أعلى مستوياتها مسجلة نحو 28 مليار دولار، بعدما كانت قد هبطت إلى 18 مليار دولار فقط قبل تحرير سعر الصرف.
ولفتت إلى التحسين الكبير في مؤشرات الاقتصاد الكلية، وتصنيفات مصر الائتمانية سواء السيادية أو القطاعية، ما ساهم في استعادة ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد المصري وعزز من قدرة مصر على تجاوز الأزمات التي تلت عملية تحرير سعر الصرف ومنها أزمة الاسواق الناشئة والحرب التجارية الأمريكية الصينية في 2018، وأيضا أزمة كورونا في 2020.
ركلة البداية
فيما سلط الدكتور أحمد شوقي، خبير مصرفي، الضوء على أهمية تحرير سعر الصرف في تمهيد الطريق أمام البنك المركزي لتقديم المزيد من التيسيرات النقدية للاقتصاد، ومنها إجراءات خفض الفائدة المتتالي ومبادرات دعم الاقتصاد التي عززت الإنتاج المحلي والتصدير وساهمت في زيادة تدفقات النقد الأجنبي إلى مصر.
أضاف شوقي في دراسة اقتصادية أن هذه القرارات ساهمت في خفض معدلات التضخم من مستويات مرتفعة بعد قرار التحرير وصلت إلى قرب 35% إلى مستويات منخفضة جدا بنهاية الربع الثالث من 2020 لا تتجاوز 4%.
وأكد أن الاقتصاد المصري جنى ثمار هذه الإصلاحات بتحقيق فائضا أوليا لأول مرة يصل إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2018/2019، وفائض مبدئي بالعام المالي 2019/2020.
وأوضح الخبير المصرفي أنه الجنيه المصري خلال 2020 يتمتع بأداء قوي أمام الدولار الأمريكي، حيث ارتفع خلال أول شهرين من العام بنسبة تصل إلى 3%، ما يعادل 45 قرشا.
كما أن العملة المحلية نجحت في عبور أزمة كورونا، بتحقيقهاثاني أفضل أداء للعملات بارتفاع 4.9%، خلف البيسو الفلبيني، وفقًا لتقرير مؤسسة فيتش.
aXA6IDMuMTI4LjMxLjIyNyA=
جزيرة ام اند امز