بعد الفضائح والهزائم.. الغنوشي يسعى لتدويل أزمة تونس
بعد الفضائح التي كشفت حقيقة زعيم حزب النهضة، الإخواني، راشد الغنوشي، والهزائم التي تلقاها، سعى الأخير للعب على وتر تدويل أزمة تونس.
شيخ الإخوان رغم محاولاته على مدار عقود تغيير الصورة السائدة عنه لدى التونسيين، لكنه لم ينجح في التأقلم مع المظهر الخادع والموقف المتلون، فظل تلك الشخصية المنبوذة المحاطة بالشكوك والمخاوف، وذلك الرجل الذي دفع ببلاده نحو القاع، وسعى لتوريطها في حروب إقليمية.
وعقب قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد، توالت الفضائح التي كشفت شيخ الإخوان على حقيقته، ليس أقلها إحالته للتحقيق بالمحكمة الابتدائية لارتكاب جرائم انتخابية.
وفي مواجهة ذلك، سعى الغنوشي للعب على وتر التدويل لأزمة تونس، حيث زعم أن تونس أصبحت في عزلة دولية خانقة ومهددة بانفجار اجتماعي بعد ستة أشهر من إجراءات الرئيس قيس سعيد.
قال الغنوشي إن "أزمة مالية خانقة بدأت تفرض نفسها في أشكال كثيرة مثل التهاب الأسعار أو غياب مواد أساسية، فضلا عن العزلة الدولية الخانقة التي تعيشها البلاد، بما صنع وضعا اجتماعيا يتهيأ للانفجار".
ودعا إلى "حوار وطني يضم الجميع" يسبقه إلغاء سعيد قرارات الحكم بمراسيم رئاسية وإطلاق سراح المساجين.
وكان الغنوشي يتحدث في اجتماع عبر الإنترنت لبعض من أعضاء البرلمان، هو الأول منذ أن جمد سعيد عمل البرلمان في 25 يوليو/ تموز، ويعد أوضح إشارة منذ ذلك الوقت على تحدي الرئيس وقراراته بتعليق عمل البرلمان.
وحضر الاجتماع الافتراضي بعض الأعضاء من أحزاب النهضة وقلب تونس والكرامة، بالإضافة إلى عضو برلماني مستقل واحد على الأقل.
وقاطعت عدة أطراف أخرى الاجتماع من بينها التيار الديمقراطي وحركة الشعب والحزب الدستوري الحر إضافة إلى مستقلين قالوا إنهم غير معنيين بالدعوة.
وقالت عبير موسى رئيسة الحزب الدستوري الحر في بيان، إنها تعلن عدم التزامها بأي مخرجات تنتج عن هذه الجلسة وتحتفظ بحقها في مقاضاته من أجل ما اقترفه من مخالفات.
وتواجه تونس أزمة مالية عامة تلوح في الأفق بعد سنوات من الركود، لكن الإصلاحات المؤلمة اللازمة لتأمين المساعدة الدولية قد تهدد بإثارة اضطرابات اجتماعية.
وفي كثير من الأحيان تحول الغضب من الظروف الاقتصادية إلى احتجاجات في الشوارع أو اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة خلال العقد الذي أعقب الثورة التونسية.
وأعلنت الحكومة التي عينت في سبتمبر/ أيلول عن قانون للمالية العامة يتضمن بعض الإصلاحات التي يسعى إليها المانحون، لكنها تعرضت لانتقادات من قبل أحزاب المعارضة.
فساد سياسي
ومنذ ترؤس الغنوشي رئاسة البرلمان عام 2019، تصدر اسمه قائمة أسوأ السياسيين بتونس، والشخصية الأدنى ثقة، وهو ما عكس إرادة شعب خَبِر كيف يسقط الجدار، وغضبه من نشاطات جماعة تآمرت على البلاد وألحقت بها ضررا سياسيا واقتصاديا فادحا.
في تلك الفترة أيضا، وجد رجل الدين الذي نزع جلبابه وارتدى ربطة عنق السياسي، نفسه في مرمى آل البيت الذين انسلخوا عن جلد الحركة والخصوم أيضا الذين أخضعوه للمساءلة أكثر من مرة.
ومنذ بداية حكم الإخوان يجد المتابع نفسه على خط مستقيم نحو تأزم الأوضاع السياسية والاقتصادية وغيرها في تونس، دون أن يشعر الغنوشي بخطاياه المميتة.
مسيرة دم كتبها الغنوشي منذ بداياته، وهو الذي نجا من حكم بالإعدام لتورطه في أعمال إرهابية صادر بحقه في آخر سنوات عهد بورقيبة، مقابل تسليمه قائمة بأسماء جميع قيادات حركته التي كانت تسمى حينها "الاتجاه الإسلامي".
حينها، سلم الغنوشي أسماء رفاق دربه إلى النظام، وغادر هو البلاد متجها إلى الجزائر ومنها إلى لندن حيث استقر، والمعروف أن الرجل كان هناك يحصل على منحة لجوء من سلطات البلاد، ولم يعرف له يوما أي نشاط اقتصادي يدر عليه الثروة الخيالية التي يملكها الآن.
فاسد تحت الطاولة
وعام 2019 انتخب البرلمان التونسي الغنوشي رئيسا له، في صفقة عقدتها حركته الإخوانية مع حزب "قلب تونس" الليبرالي بقيادة نبيل القروي.
خطوة جاءت بعد أسابيع فقط من اتهام الغنوشي لكتلة الحزب الليبرالي بالفساد والسطو على أموال وحقوق العباد في تونس، ليطفو ذات النشاز الفاضح.
فالشعارات الواهية التي يرفعها الغنوشي والزهد الكاذب، تظل مجرد أدوات لفتح الطريق نحو التغلغل بمفاصل الدولة، أما الوفاء بالتعهدات فتلك مسألة مختلفة تماما.
وفي يوليو/ تموز علق سعيد عمل البرلمان وعزل رئيس الحكومة، وقال إنه لا عودة للبرلمان المعلق، وانتخابات برلمانية ستجرى في ديسمبر/ كانون الأول هذا العام.
aXA6IDMuMTM2LjE5LjIwMyA= جزيرة ام اند امز