حملة المقاطعة الشعبية الجديدة تشكل تهديداً واسع النطاق للاقتصاد التركي باعتراف أردوغان شخصياً.
تشهد عدّة دولٍ عربية هذه الأيام بينها المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى والمغرب وتونس والعراق حملة مقاطعةٍ شعبية للمنتجات والبضائع التركية، بدأ بها مواطنو هذه الدول للتعبّير عن اعتراضهم على سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان العدائية تجاه دولهم وحكوماتهم ورؤسائهم.
وفي فترة قصيرة، أدت هذه الحملة إلى تراجعٍ كبير في مبيعات المنتجات التركية في العالم العربي، وهو ما اعترفت به وسائل الإعلام المؤيدة لأردوغان، حيث رصدت عشرات التقارير التلفزيونية والصحافية تأثير حملة المقاطعة الشعبية في ما لا يقل عن 4 دولٍ عربية على الاقتصاد التركي، حتى أن أردوغان نفسه تحدّث عنها أخيراً، وكعادته لجأ إلى خطابٍ "إسلامي" متشدد، مستغلاً الدّين ومعتبراً إياها "حرباً على الإسلام"!
إن حملة المقاطعة الشعبية الجديدة تشكل تهديداً واسع النطاق للاقتصاد التركي باعتراف أردوغان شخصياً، لا سيما وأن التجّار والمستثمرين الأتراك يعتمدون على الدول العربية كسوقٍ رئيسية لتصريف منتجاتهم، وهو أمر يكاد يتوقف اليوم، وذلك على خلفية هذه الحملة التي يمكن وصفها بـ "الوطنية" بعد لجوء سكان الدول العربية إلى معاقبة أنقرة إثر سياساتها العدائية تجاههم.
وما يجب القيام به اليوم إلى جانب الاستمرار في هذه الحملة على البضائع وفي السوق، هو مقاطعة شركات الطيران "التركية" والتي يعتمد عليها الكثير من العرب في رحلاتهم لرخص أسعار تذاكرها. حتى أن منع الطائرات "التركية" من المرور بالأجواء العربية سيضع شركات السفر ومعها أنقرة أمام حصارٍ اقتصادي كبير، ذلك لأن عائداتها تساهم بشكلٍ كبير في دعم الاقتصاد التركي.
والملفت أن هذه الحملة وصلت أيضاً إلى دولٍ عربية تنشط فيها جماعات مؤيدة لسياسات أنقرة، كما هو الحال في تونس التي تحاول فيها "حركة النهضة" وزعيمها راشد الغنوشي تحوّيلها إلى ما يشبه الولاية التركية، وقد أرغمت الحملة البرلمان التونسي على تأجيل التصوّيت على تشريعين يمنحان تركيا وقطر امتيازاتٍ اقتصادية قد تسمح بتغلغلهما سياسياً أكثر في الشؤون التونسية الداخلية.
وبالتالي، هذه الحملة الشعبية أكدت بما لا شكّ فيه أن الدول العربية ليست بحاجة لشنّ حربٍ عسكرية طاحنة على تركيا، فكل ما في الأمر أن مقاطعة البضائع والمنتجات التركية ستؤدي إلى شللٍ اقتصادي في أنقرة، وذلك سيؤدي حتماً إلى تدهور الاقتصاد التركي وحكماً "الليرة" المتدهوّرة أصلاً، وسيضع أردوغان في موقفٍ صعب يجبره على إعادة التفكير في مطامعه ومخططاته التوسعية في دول المنطقة.
لذلك على الجميع في العالم العربي والدول الأخرى الرافضة لسياسات أنقرة العدائية، الاستمرار في مقاطعة المنتجات التركية وجعلها تنطلق من "الشاورما" وصولاً إلى شركات الطيران، لإرغام الرئيس التركي على ترك الدول العربية بشأنها وتركيز سياساته نحو الداخل الذي يعاني من أزماتٍ خانقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة