أحمد شوقي.. ويبقى نهر "أمير الشعراء" يجري
أحمد شوقي، أحد أخصب شعراء العربية، وأعظمهم في مختلف العصور، بايعه الأدباء والشعراء في عصره على إمارة الشعر فلقب ﺑ"أمير الشعراء".
ولأن المعاني كانت تتدفق عليه كالنهر الجاري، بموهبته الشعرية الفَذَّة، وقلمه السَيَّال، تحتفل "العين الإخبارية" بمرور 151 عاما على مولده، و89 على رحيله.
في حي الحنفي بالقاهرة، كان مولد "أحمد شوقي علي" في 17 أكتوبر/تشرين الأول 1870، لأبٍ شركسي وأُمٍّ ذات أصول يونانية، غير أنه نشأ وتربَّى في كنف جَدته لأمه التي كانت تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل. أُدخل شوقي في الرابعة من عمره الكُتَّاب فحفظ فيه قدرًا من القرآن، ولما أظهر ولعًا بالشعر، انْكَبُّ على دواوين فحول الشعراء يحفظ وينهل منها قدر ما يستطيع. التحق بقسم الترجمة الذي أُنشِئَ حديثًا بمدرسة الحقوق، وسافر إلى فرنسا ليكمل دراسته القانونية. لم ينبهر بالشعراء الفرنسيين أمثال: رامبو، وبودلير، وفيرلين. وظل قلبه معلقًا بالشعراء العرب وعلى رأسهم المتنبي.
أحيا شوقي الشعر العربي وأعاده إلى مستواه الرفيع الذي كان عليه في العصور القديمة بعد أن خلّصه مما وقع به من ركاكة وانحطاط آنذاك.
امتاز شعر أحمد شوقي بالأصالة، وحاكى بقصائده قصائد القدماء وعارضها، أي أنشأ قصائده على نفس قافية قصائدهم ووزنها، ومن هؤلاء الشعراء الذين عارض قصائدهم البحتري، وابن زيدون، وأبي العلاء المعري، والبوصيري،
سعى شوقي إلى التجديد في الشعر، متأثراً بشعراء الغرب الذين اطّلع على أدبهم أثناء دراسته في بلادهم، وأثناء تواجده في المنفى في إسبانيا، ومن هؤلاء الأدباء شكسبير، وكورنيل، وراسين.
مظاهر التجديد في شعر شوقي
اهتم شوقي بالتاريخ اهتماماً كبيراً، ومن ذلك قوله :"الشعر ابن أبويه الطبيعة والتاريخ"، وقد نظم شوقي عدة قصائد في هذا الباب، منها قصائد في عظماء العرب والمسلمين، وقصائد لوصف أحداث تاريخية معينة، كوصفه للحوادث العثمانية، ونكبة دمشق.
تجلّت وطنيته في قصائده الوطنية التي مجّد فيها آثار السابقين من أفذاذ الرجال، وأزال غبار السنين عن عهودهم ليخلّدهم في أذهان الأجيال جيلاً بعد جيل.
كما أدخل إلى قصائده مسحة من الشعر القصصي والتاريخي، ووصف بعض مظاهر الحضارة الحديثة، كوصف الطائرات، والسفن، والغوّاصات، إضافة إلى وصفه للمدن لا سيما المدن المنكوبة.
الشعر المسرحي والغنائي
عُدَّ شوقي رائد الشعر المسرحي العربي دون منازع، فجاء شعره المسرحي متأثراً بالمسرح الغنائي وليس بالمسرح التحليلي، وتناول مادة مسرحياته الأولية من التاريخ، كما امتازت مسرحيات شوقي بالقوة، مثل مسرحية (مصرع كليوباترا)، ومسرحية (مجنون ليلى).
ونظم أحمد شوقي الشعر للأطفال، فترجم للفرنسي لافونتين بعض الذكريات، وكتب لهم شعراً قصصياً يدور على ألسنة الحيوانات، وقد أُدرج هذا الشعر في كتب المدارس.
غلب على شوقي، الطابع الغنائي في شعره الذي امتلأ بالموسيقى لا سيما أنّ الله قد حباه بأذن موسيقيّة موهوبة، ومن شعره الغنائي:
مُضناك جفاهُ مَرْقَدُه وبكاه ورَحَّمَ عُوَّدُهُ
حيرانُ القلبِ مُعَذَّبُهُ مقروح الجفنِ مسهَّدُه
يستهوي الوُرْق تأوُّهه ويذيب الصخرَ تنهُّدهُ
شوقيات "الأمير"
ترك أحمد شوقي نتاجاً أدبياً متنوعاً في الشعر والنثر، فقد جُمعت أعماله الشعرية في ديوان ضخم عرفُ باسم (الشوقيّات)، ويتكون هذا الديوان من 7 أجزاء، كما ترك مجموعة كبيرة من المسرحيات الشعرية، والتي كانت تراجيدية مستوحاة من التاريخ، باستثناء واحدة قد كانت ملهاة مستوحاة من الواقع المصري المعاصر، وهي الست هدى.
وفي النتاج النثري المحفوظ، ترك شوقي 5 روايات، استوحى مادة 3 منها من التاريخ الفرعوني القديم وهي: عذراء الهند، ولادياس، ورواية "دل وتيمان"، وروايات شيطان بنتاءور، وهدهد سليمان، ورواية ورقة الآس، وترك في النثر مجموعة من المقالات الاجتماعية التي تحتوي على عدة موضوعات مختلفة تحدثت عن الحرية والوطن وقناة السويس والأهرام والموت والجندي المجهول، زينها بالحِكم التي اكتسبها من تجاربه الشخصية.
ورحل "أمير الشعراء" عن عالمنا في 14 أكتوبر/تشرين الأول 1932.
aXA6IDEzLjU4LjM0LjEzMiA= جزيرة ام اند امز