الجزائري أحمد إسطنبولي يعبر عن دواخله الدفينة في معرض "نظرة طفل"
أكثر من 40 لوحة للفنان التشكيلي الجزائري أحمد بن يوسف إسطنبولي في معرض "نظرة طفل" تعبر عن الطفل "أحمد" الدفين في الفنان.
كثيرون في هذا العالم يشتاقون لذكريات الطفولة، ومنها يحنون لذاتهم التي كانوا عليها، حينما كانت القلوب طاهرة، والعقول صافية، يسترجعون زمناً راح ولم يعد، ومنهم من تمنى لو بقي طفلاً.
- "التراث التصويري".. معرض للوحات مؤسسي الفن التشكيلي الجزائري الحديث
- مصادر لـ"العين الإخبارية": الأمن الجزائري استعاد 3 لوحات مسروقة
الفنان التشكيلي الجزائري أحمد بن يوسف إسطنبولي، لم يكن من هؤلاء، لأنه "تجاوز مرحلة الأمل"، تحدى سنه وعقله وحتى مجتمعه، وكشف عن ذلك الطفل الصغير الذي يعيش بداخله، وبات مرافقاً له في أعماله الفنية.
"نظرة طفل" كانت آخر إبداعات الفنان التشكيلي إسطنبولي، من خلال معرض لوحات "برواق الفنون محمد راسم" في الجزائر العاصمة، بأكثر من 40 لوحة، كانت بمثابة المرآة لتلك البراءة التي يُفرج عنها إسطنبولي من حين لآخر، وترجمت أحاسيس طفل بريشة ملونة وخطوط متقاطعة وأشكال لا تكون إلا في مخيلة بريئة.
"العين الإخبارية" تجولت في أرجاء المعرض، وتابعت لوحات الفنان، سمعت تساؤلات من هنا وهناك عن سر تلك اللوحة وأخرى، فنقلتها إلى الفنان التشكيلي الجزائري أحمد بن يوسف إسطنبولي، الذي يمكن تسميته بـ "الطفل الكبير".
يقول إسطنبولي في حديثه مع "العين الإخبارية": "هذه اللوحات تمثلني، تمثل طفولتي، تمثل أحمد الصغير الذي لا يزال يسكنني، أعبر عن ما بداخله بريشتي، نظرة طفل للماضي والحاضر وحتى المستقبل".
ويضيف: "هناك لوحات في هذا المعرض ترْجمْت بها ما عجزت البوح به في طفولتي، من بينها لوحة الدراجة الهوائية، في صغري والدي لم يشتر لي تلك الدراجة فبقيت غصة في قلبي، رسمتها وعبرت عن ذلك الإحساس".
لوحات الفنان التشكيلي إسطنبولي "تُطلق رسائل هادفة، صريحة، لا كذب فيها ولا مجاملة" كما ذكر في حواره مع "العين الإخبارية"، ومن بين تلك اللوحات "لوحة يظهر فيها أطفال بشعر مجعد"، بشكل يشبه شعر الأفارقة.
في هذه اللوحة، أراد الفنان التشكيلي أو بالأحرى "الطفل أحمد"، توجيه رسالة للمجتمع الجزائري، يقول فيها: "نحن جزائريون ونعيش في أفريقيا، فنحن أفارقة"، وعبر عن رفضه تسمية اللاجئين الأفارقة في الجزائر من قبل بعض الجزائريين "بالأفارقة".
نفسية "الطفل أحمد"
نادرون هم في الجزائر من يختارون هذا النوع من الرسم التشكيلي، قد تكون مغامرة بحسب البعض، خاصة إذا مرت تلك اللوحات على أخصائي نفساني.
والمعروف في كثير من الدول الغربية، أن رسومات الأطفال تعرض على الأطباء النفسانيين لمعرفة شخصية الطفل، أو إن كان يعيش اضطرابات نفسية، وهنا سألت "العين الإخبارية" الفنان التشكيلي الجزائري أحمد بن يوسف إسطنبولي "إن مرت لوحاته على أشعة الأطباء النفسانيين".
جواب الفنان التشكيلي كان سريعاً وصريحاً، يشبه إلى حد كبير أجوبة الأطفال المغطاة "بمعدن البراءة"، يقول إسنطبولي: "نعم، عُرضت على أخصائيين نفسانيين في أحد المعارض التي نظمتها في العاصمة الفرنسية باريس، أجمعوا على أنها عميقة وغامضة".
رأي الجمهور
المعرض شهد إقبالاً مهماً من مختلف شرائح المجتمع الجزائري، لكن "العين الإخبارية" فضلت الحديث مع شاب يقف أمام كل لوحة، ويتأمل فيها لدقائق معدودات، بنظرات وتمتمات.
يقول عماد (25 عاماً) "ليس لي اهتمام بالفن التشكيلي، لكن هذه اللوحات أوقفتني وأنا أسير بجانب رواق محمد راسم، ومع كل لوحة أتذكر شيئاً من صغري، لم أفكر يوماً في طفولتي، لكنني رأيتها في كثير من هذه اللوحات".
وتابع قائلاً لـ"العين الإخبارية": "بعض اللوحات أيقظت كثيرا من ذكريات الطفولة، وبعضها جعلني أتمنى عودة تلك المرحلة، لم أكن أجيد الرسم، لكن كانت رسوماتي شبيهة بهذه في كثير من تفاصيلها، قد يكون صاحب اللوحات يقصد أمراً من خلال كل واحدة منها، لكنني أرى كثيراً منها بعين ذكرياتي الخاصة في طفولتي، رغم أن بعضاً منها يصعب فهمها".
سيرة فنان
يعد الفنان التشكيلي أحمد بن يوسف إسطنبولي من أشهر وأقدم الفنانين التشكيليين في الجزائر، حاصل على شهادة من المدرسة العليا للفنون الجميلة بالعاصمة الفرنسية باريس، وكان عضواً في الجمعية الدولية للفنون الجميلة التابعة لمنظمة اليونيسكو.
- بالصور.. معرض لبيع الأوراق النقدية العربية القديمة بالجزائر
- بالصور.. الفنان الجزائري أحمد طالبي يختصر مراحل التشكيل ببلاده
كما درس الفنان إسطنبولي في عدد من معاهد وجامعات الجزائر، من بينها معهد "خميس مليانة" (وسط الجزائر)، وجامعة مستغانم (غرب البلاد)، وشغل منصب مدير في بعضها الآخر.
ونظم الفنان التشكيلي أحمد بن يوسف إسطنبولي عددا كبيراً من المعارض في مختلف المحافظات الجزائرية وفي دول عربية وأوربية، كان أولها عام 1989 بالمعهد الجزائري للفنون الجميلة، إضافة إلى معارض أخرى في تونس وليبيا وفرنسا.