عيد الأضحى 2022 بالمغرب.. موجة غلاء تضرب أسواق المواشي
أسابيع قليلة ويحل عيد الأضحى المبارك في المغرب على غرار باقي الدول الإسلامية، والاستعدادات هنا على قدم وساق لكن ينغصها الغلاء وفيروس كورونا.
ويُتوقع أن يتزامن عيد الأضحى بالمملكة المغربية مع العاشر من يوليو/تموز المقبل، بحسب التقديرات الحسابية، في حين يُمكن أن يحل في التاسع من الشهر نفسه، إذا لم يُتم شهر ذي القعدة أيامه الثلاثين.
موجة غلاء
حركة تجارية متصاعدة تعرفها مختلف المدن المغربية بإعداد السلطات المحلية فضاءات تحتضن أسواق بيع الأضاحي.
هذه الفضاءات، التي اعتادت السلطات إقامتها بمحاذاة المُدن أو الأسواق الأسبوعية تجتمع فيها شاحنات الفلاحين أو "الكسابة" كما يحلو للمغاربة تسميتها.
واستقبلت الأسواق مواشي هذا العام بموجة غلاء غير مسبوقة بسبب الأزمة العالمية وارتفاع أسعار المحروقات، التي زاد من حدتها التوتر في الأراضي الأوكرانية.
وفي الوقت الذي حضرت فيه الأغنام والفلاحون، غاب نسبياً الزبائن عن الأسواق، ما يُرجعه الحاج الجيلاني، وهو فلاح من نواحي الرباط، إلى ثلاثة أمور رئيسية.
وأوضح الجيلاني لـ"العين الإخبارية" أن من الطبيعي أن تكون نسب الإقبال على شراء المواشي ضعيفة خلال هذه الفترة، خاصة وأن العيد لا زال بعيداً نسبياً، وبالتالي المواطنون يفضلون التريث قليلاً.
كما أن الأسعار، التي ارتفعت بسبب غلاء الأعلاف والمحروقات، ومجموعة من المواد الأخرى المندرجة ضمن تربية المواشي، ساهمت بشكل أساسي في ارتفاع الأسعار، الشيء الذي دفع الناس أيضاً للتريث في انتظار تطور الأمور مع الأيام، وإمكانية انخفاضها مع اقتراب العيد.
والسبب الثالث، وإن كان متعلقاً بفئة محدودة، يقول الرجل، هو تفضيل بعض الأسر المغربية الشراء مباشرة من البوادي قبل فترة من العيد، وذلك لحرصهم على معرفة محيط تربية الأضحية، والحصول على أثمنة أقل، نظراً لالتزامهم السنوي مع أولئك الفلاحين.
سلالات متنوعة
وتتوفر في المملكة المغربية سلالات أغنام متنوعة يُمكن حصرها إجمالاً في خمس سلالات أصيلة تتوزع على مختلف مناطق المملكة وتختلف باختلاف تضاريسها وطبيعة مناخها.
ويتربع الصردي على عرش سلالات الأغنام، إذ هي أشهرها، وأكثرها استهلاكاً خلال المناسبات، وخاصة خلال عيد الأضحى، على الرغم من سعرها المرتفع بالمقارنة مع نظيراتها.
وتعيش هذه السلالة في مناطق وسط البلاد، وبالضبط في إقليم سطات عامة وقبائل بني مسكين، إذ تتميز بقدرتها على العيش في المراعي الفقيرة والتكيّف مع الجو الحار.
كما تتميز بقوامها الطويل وبطنها ورأسها الخاليين من الصوف وأيضا رجليها إلى جانب سواد لون عينيها وأذنيها وأيضاً مقدمة وجهها ونهاية أرجلها.
أما منطقة الأطلس المتوسط، فتشتهر بسلالة تمحضيت، أو البركي، كما يسميها أهالي المدن المغربية، فهذه السلالة التي تنقسم بدورها إلى صنفين رئيسيين، يُسميان بـ"زيان" و"حمام أزرو".
وجهها البني ووزنها وقامتها المتوسطين إلى جانب وفرة صوفها، يُميزانها عن باقي السلالات، كما أن جودة لحومها ترجع إلى عيشها في المرتفعات، وتناولها للأعشاب الموجودة في الغابات.
وتنتشر السلالة الثالثة، المُسماة بـ"الدغمة" في الجهات الشرقية للمملكة، حيث تملك قدرة خارقة للتكيف مع الظروف الجوية والمناخية لتلك المناطق.
لها قامة متوسطة أيضاً، ويكسوها لون كستنائي، فيما تخلو بطنها ورأسها وأرجلها من الصوف، بالإضافة إلى توفرها على جزة بيضاء فاتحة اللون، ومتوسطة النعومة.
سلالة أخرى تتميز بالطعم الرفيع والمميز للحومها، وهي سلالة "بني كيل"، والتي تنتشر في المناطق الجبلية، وتتغذى أساسا على الأعشاب الطبية الموجودة في تلك المناطق.
وفي هضاب الفوسفاط، ضواحي مدن خريبكة وأبي الجعد وواد زم، تستوطن سلالات أغنام "أبي الجعد"، المتميزة بكبر حجمها، وجودة لحومها وصوفها.
بلونها الأصفر الباهت، تنمو هذه السلالات بسرعة أكبر من نظيراتها، كما تتميز بمعدلات خصوبة يناهز الـ 95 بالمائة، وأوزان قد تصل إلى القنطار.
وغير بعيد عن هضاب الفوسفات، وبالضبط في منطقة أبي الجعد، تشتهر سلالات انتهلت اسمها من اسم المنطقة، تتميز بقدرتها على التأقلم مع المناخ شبه الجاف للمنطقة، وقدرتها الفائقة على استغلال المجال الرعوي الموجود بهذه المناطق.
وخامس السلالات المغربية الأصيلة، هي سلالة "الدمان"، التي تستوطن الجنوب الشرقي المغربي، وبالضبط في الواحات الصحراوية، بكل من مناطق الراشيدية وورزازات.
لها قدرة قوية في التكيف مع المناخ الصحراوي، كما تتميز بقصر قامتها، وضيق رأسها، مع أذنيين طويلتين، تتدليان خلف رأسها الذي تغيب عنه القرون، لدى الذكور والإناث على حد سواء.
عرض يفوق الطلب
الحكومة المغربية، أكدت عبر الناطق الرسمي باسمها، مصطفى بيتاس، أن عرض المواشي الموجهة للأسواق بمناسبة عيد الأضحى يفوق الطلب خلال هذا العام.
وأكد المسؤول الحكومي أن عدد رؤوس الماشية يُتوقع أن يفوق عتبة 7 ملايين رأس، مقابل طلب يقدر بنحو 6 ملايين رأس.
وللحرص على سلامة القطيع الموجه للأضاحي، أوضح بايتاس، أنه تم تلقيح نحو مليوني رأس من الأبقار ضد الحمى القلاعية، وحوالي 19 مليون رأس من تلقيح الأغنام ضد طاعون المجترات الصغيرة والجدري، و4.5 مليون رأس من الماعز ضد طاعون المجترات الصغيرة، وذلك في إطار التلقيح المجاني.
وأكد أن عمليات المراقبة التي تمت إلى حدود الساعة أسفرت عن تسجيل 242 ألف مزرعة خاصة بتسمين الأغنام والماعز، وإحصاء 5 ملايين من رؤوس للماشية، فيما بلغت جولات المراقبة 939، والعينات الغذائية المأخوذة 263 عينة.
وفي نفس السياق، أطلقت وزارة الفلاحة المغربية، منصة إلكترونية، تُمكن المواطنين من اقتناء أضحية العيد عبد شبكة الإنترنت دون الحاجة إلى التنقل، مع خدمة توصيل على الصعيد الوطني.
ومن شأن هذه الخطوة، بحسب تصريحات لوزير الفلاحة المغربي، محمد صديقي، تمكين مربي الأغنام والماعز من البيع من دون وسطاء، كما ستعطي للزبائن الاختيار دون تكبد عناء التنقل.
المنصة الرقمية "MyANOC"، التي تم تطويرها من طرف الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، ستسمح بالاتصال المباشر بين مربي الماشية والمستهلك، وبذلك، تمكن من التقليل من إشكالية تعدد الوسطاء، كما أن هذه المنصة مخصصة أيضا لمختلف الفاعلين في قطاع اللحوم الحمراء الذين يرغبون في شراء الماشية بخصائص محددة.
ويتيح هذا التطبيق للمشترين مشاهدة المنتوجات المعروضة للبيع مع خصائصها (السلالة والوزن والعمر...)، وكذا الاطلاع على بيانات مربي الماشية، مع إمكانية إجراء عمليات بحث متقدمة متعددة المعايير.
برنامج الظرف الصعب
وفي فبراير / شباط المنصرم، وجه العاهل المغربي، الملك محمد السادس، بصرف دعم مالي لمُساعدة القطاع الزراعي "الفلاحي" لمواجهة تداعيات الجفاف.
خصص العاهل المغربي الملك محمد السادس، أكثر من مليار دولار أمريكي، لمواجهة آثار الجفاف، وذلك بعد تسجيل شُح كبير في الأمطار خلال هذا الموسم.
ووجهت نسبة مهمة من مبلغ الدعم لتمويل مختلف الأنشطة الفلاحية المتضررة، خاصة تربية الماشية، من خلال توفير الأعلاف بأثمنة مناسبة وتوفير الأدوية لمختلف المواشي وغيرها من الإجراءات.
وبالموازاة مع ذلك، رفعت الحكومة المغربية من المبالغ المالية الموجهة لدعم المواد الأساسية، وخاصة المحروقات، مُخصصة بذلك دعماً مالياً مباشراً للمهنيين، قصد تجنيب المواطنين تبعات الأزمة المالية العالمية.