بين مساعدات أوكرانيا والإغلاق الحكومي.. أمريكا تنشد إنقاذاً مؤقتاً
تجنبا لإغلاق الحكومة الفيدرالية أقر مجلس النواب الأمريكي، في 30 سبتمبر/أيلول 2023، مشروع قانون للتمويل مدته 45 يوما.
جاء ذلك بعد أن أسقط رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي مطالب إجراء خفض حاد في الإنفاق واعتمد على أصوات الديمقراطيين لتمرير الحزمة إلى مجلس الشيوخ.
المقاربة الجديدة تترك وراءها المساعدات لأوكرانيا، وهي أولوية للبيت الأبيض يعارضها عدد متزايد من المشرعين من الحزب الجمهوري، لكن الخطة ستزيد المساعدات الفيدرالية في حالات الكوارث بمقدار 16 مليار دولار، مما يلبي مطلب الرئيس جو بايدن كاملاً.
ومع تبقي ساعات على الموعد النهائي لتمويل الحكومة عند منتصف الليل، يعقد مجلس الشيوخ أيضا جلسة نادرة في عطلة نهاية الأسبوع للنظر في الخطوة التالية.
- الاقتصاد الأمريكي على حافة أزمة كبرى.. ماذا سيحدث يوم 30 سبتمبر؟
- بنك أمريكي يتكبد 75 مليون دولار بسبب علاقته مع "ملياردير مهووس بالقاصرات"
ماذا يعني الإغلاق الحكومي؟
يحدث إغلاق الحكومة عندما لا يوافق الكونغرس على تمويل الحكومة الفيدرالية بحلول الوقت الذي تبدأ فيه السنة المالية الجديدة في الأول من أكتوبر/تشرين الأول. وفي كل عام، يجب على الكونغرس تمرير 12 مشروع قانون مخصصات تشكل ميزانية الإنفاق التقديرية وتحديد مستويات التمويل للحكومة الفيدرالية.
إذا فشل المشرعون في تفعيل كل أو بعض مشاريع قوانين التخصيص، فإن العديد من العمليات الحكومية تتوقف، مما يؤدي إلى إغلاق الحكومة بشكل كامل أو جزئي إلى أن يتصرف الكونغرس. ومع ذلك ستستمر المهام الحكومية التي تعتبر ضرورية.
وتأتي كل وكالة فيدرالية بخطة طوارئ تحدد وظائفها التي ستستمر أثناء الإغلاق وأيها ستتوقف، بالإضافة إلى عدد موظفيها الذين سيستمرون في العمل وعدد الموظفين الذين سيتم إجازتهم حتى انتهاء الإغلاق.
الإغلاق الحكومي لا يعني توقف عمل كافة المؤسسات الفيدرالية التي تمول من قبل الحكومة الأمريكية، ولكنه يقتصر على المؤسسات الحكومية غير الضرورية، وهذا يعني أن العاملين في تلك المؤسسات سيتوقفون عن أداء مهماتهم إلى حين توصل الكونغرس لخطة تمويل.
أثناء فترة الإغلاق، لا يمكن للحكومة إنفاق الأموال إلا على الخدمات الأساسية، مثل تلك المتعلقة بإنفاذ القانون والسلامة العامة.
الجيش على سبيل المثال يعتبر مؤسسة ضرورية، إلا أن الجنود وبما في ذلك هؤلاء الموجدون والمشاركون بعمليات لن يتقاضوا رواتبهم بشكل مؤقت خلال فترة وقف العمل الحكومي، في الوقت الذي لن يعمل فيه الموظفون المدنيون في وزارة الدفاع الأمريكية بما في ذلك المدربون العسكريون ومتعهدو الصيانة وغيرهم.
أما إذا كنت تفكر بقضاء إجازة وزيارة الحدائق أو المتاحف وحتى حدائق الحيوانات الوطنية، فإن تلك المرافق ستكون مغلقة لاعتبارها مؤسسات غير ضرورية تتقاضى تمويلا من الحكومة. وبالتالي فإن من شأن الإغلاق أن يضع في مهبّ الريح الموارد المالية المخصصة للعاملين في المتنزهات الوطنية والمتاحف وغيرها من المواقع التي تعمل بتمويل فيدرالي.
هذا يعني أن مئات الآلاف من الموظفين الفيدراليين لن يحصلوا على رواتبهم في الوقت المناسب، في حين سيتم منح إجازة للآخرين، مما قد يسبب مصاعب مالية شديدة لبعض الأسر الأمريكية في وقت لا يزال الكثيرون يعانون من ارتفاع الأسعار بسبب التضخم وقروض الطلاب المستحق السداد.
ماذا يعني بالنسبة للمواطنين وكذلك لموظفي الحكومة؟
نظرًا لأن العديد من الموظفين الفيدراليين خارج وظائفهم أثناء إغلاق الحكومة، فإن العديد من الخدمات تتوقف أو تتباطأ، مما يزعج الحياة اليومية للعديد من الأمريكيين، حسب ما أوردت شبكة "سي إن إن".
والجدير بالذكر أن مدفوعات الضمان الاجتماعي لكبار السن والأمريكيين ذوي الإعاقة وغيرهم سيستمر توزيعها، ستواصل خدمة البريد أيضًا الخدمة المنتظمة، ستستخدم بعض الولايات أموالها الخاصة لإبقاء بعض المتنزهات الوطنية مفتوحة، مثل غراند كانيون.
وعندما يحدث الإغلاق، لا يحصل الملايين من الموظفين الفيدراليين وأعضاء الخدمة العسكرية على رواتبهم حتى ينتهي الإغلاق. وبحسب وكالة "أسوشيتد برس" لن يحصل العديد من موظفي الحكومة الفيدرالية البالغ عددهم نحو 2.87 مليون موظف -بحسب إحصاءات صادرة عن مؤسسة الاستشارات الألمانية statista عن عام 2022- بالإضافة إلى 2 مليون جندي عسكري وجنود احتياطيين في الخدمة الفعلية، على رواتبهم.
في المقابل، سيتم منح إجازات للموظفين غير الأساسيين أو إيقافهم مؤقتا. ويعتمد عدد العمال المتأثرين على ما إذا كان الإغلاق كاملًا أم جزئيًا. إذا تم تمرير بعض مشاريع قوانين التخصيص في الوقت المحدد، فستكون تلك الوكالات الفيدرالية قد حصلت على التمويل المعتمد وستستمر في العمل كالمعتاد، ما سيؤدي إلى إغلاق جزئي فقط.
الموظفون الذين يعتبرون "أساسيين"، مثل العاملين في الخدمات التي تحمي السلامة العامة أو الأمن القومي، يستمرون في العمل. في الماضي كان ذلك يشمل خدمات مثل تطبيق القانون الفيدرالي ومراقبة الحركة الجوية.
ويجب على كلا المجموعتين سحب مدخراتهما أو إيجاد طرق أخرى لزيادة أموالهما، ليس فقط حتى انتهاء الإغلاق، ولكن حتى وصول الرواتب المتأخرة. يعتمد عدد العمال المتأثرين على ما إذا كان الإغلاق كاملاً أم جزئيًا. إذا تم تمرير بعض مشاريع قوانين التخصيص في الوقت المحدد، فستكون تلك الوكالات الفيدرالية المقابلة قد وافقت على التمويل وستستمر في العمل كالمعتاد، مما يؤدي إلى إغلاق جزئي فقط.
خلال الإغلاق الحكومي الأخير في 2018-2019 عمل ما يقدر بنحو 420 ألف موظف فيدرالي بدون أجر وتم منح 380 ألف آخرين إجازة. ولكن اعتمادا على الوكالات المتضررة يمكن أن تكون هذه الأرقام أعلى من ذلك بكثير.
أما المتعاقدون الحكوميون فهم أسوأ حالاً، على عكس العمال الفيدراليين ليس لدى المقاولين ضمان باسترداد رواتبهم بمجرد إعادة فتح الحكومة. يبلغ عدد المقاولين الملايين، ومن بينهم شركات تعمل لصالح وكالة ناسا، ووزارة الأمن الداخلي، وإدارة الطيران الفيدرالية، ووكالات فيدرالية أخرى، تقدم مجموعة من الخدمات مثل تكنولوجيا المعلومات أو إصلاح البنية التحتية.
التداعيات على الاقتصاد الأمريكي
على المستوى الوطني، يمكن أن يكون لإغلاق المؤسسات الحكومية عواقب اقتصادية بعيدة المدى، مما يعيق النمو ويعزز حالة عدم اليقين، خاصة إذا طال أمده، وتشمل بعض هذه التكاليف رفع معدل البطالة، وخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي، ورفع تكلفة الاقتراض، كل أسبوع من إغلاق الحكومة يمكن أن يكلف الاقتصاد الأمريكي 6 مليارات دولار ويقلص نمو الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 0.1 نقطة مئوية في الربع الرابع من عام 2023، وفقا لتقديرات شركة "إي واي".
كما أن الإغلاق يجعل حالة الاقتصاد الأمريكي غير واضحة. في مثل هذه الحالة، يتوقف مكتب إحصاءات العمل عن نشر البيانات، مثل الأرقام الرئيسية حول التضخم والبطالة، مما يجعل من الصعب على بنك الاحتياطي الفيدرالي والمستثمرين تفسير الاقتصاد واتخاذ القرارات التي تعتبر حاسمة بشكل خاص في الوقت الحالي، ويمر بنك الاحتياطي الفيدرالي بنقطة محورية في حملته لهزيمة التضخم المرتفع.