"أوروبا تخذل أطفالها".. تقرير مفزع عن تلوث الهواء في القارة العجوز
يستمر تلوث الهواء في التسبب فيما لا يقل عن 1200 وفاة مبكرة سنوياً بصفوف الأطفال في أوروبا، وفقا لتقرير للوكالة الأوروبية للبيئة.
وتوصلت دراسة حديثة إلى أن أوروبا "تخذل أطفالها" عندما يتعلق الأمر بتلوث الهواء، حيث يتعرض جميع الأطفال في جميع أنحاء القارة تقريبًا لهواء يقل عن المعايير الصحية الدولية.
ويتسبب استنشاق الهواء الملوث في الوفاة المبكرة لما لا يقل عن 1200 طفل في جميع أنحاء أوروبا كل عام، ويعاني آلاف آخرين من مشاكل صحية جسدية وعقلية يمكن أن تكون لها آثار مدى الحياة، وفقًا لأحدث تقييم لتلوث الهواء أجرته وكالة البيئة الأوروبية.
وعلى غرار البالغين، يشكل هذا التلوث الخطر البيئي الرئيسي على صحة القصر ويقلص متوسط العمر المتوقع بحسب هذه الدراسة التي شملت حوالى 30 دولة في القارة بينها دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرون.
وقال جيراردو سانشيز مارتينيز، خبير البيئة والصحة في المنطقة الاقتصادية الأوروبية: "الأطفال يتلقون المزيد من التلوث.. نحن نخذل أطفالنا فيما يتعلق بتلوث الهواء".
الأطفال معرضون بشكل خاص للهواء الملوث، حيث يمكن أن يكون للملوثات تأثير دائم على نموهم، تبدأ التأثيرات قبل الولادة، بدراسات تربط التلوث بانخفاض الوزن عند الولادة والولادة المبكرة.
ولقد ثبت أن التعرض لمستويات عالية من الملوثات في مرحلة الطفولة يثبط قدرة الرئة، ويسبب الربو، ويؤدي إلى مستويات أعلى من أمراض الجهاز التنفسي والتهابات الأذن، ويزيد من خطر الإصابة بالحساسية، وقد تؤثر أيضًا على نمو الدماغ.
ويتعرض الأطفال للهواء القذر أكثر من البالغين لأن معدل تنفسهم أسرع، ولأنهم أقرب إلى الأرض ويكونون في الهواء الطلق أكثر.
تُفقد حوالي 110 آلاف سنة من سنوات العمر المعدلة بالإعاقة في جميع أنحاء أوروبا كل عام لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا.
وحث هانز بروينينكس، المدير التنفيذي للمنطقة الاقتصادية الأوروبية، الدول على بذل المزيد من الجهد.
وقال: "لا تزال مستويات تلوث الهواء في جميع أنحاء أوروبا غير آمنة ويجب أن تهدف سياسات جودة الهواء الأوروبية إلى حماية جميع المواطنين، وخاصة أطفالنا، الذين هم أكثر عرضة للتأثيرات الصحية لتلوث الهواء".
وأضاف: "من الملح أن نواصل تكثيف الإجراءات في الاتحاد الأوروبي، على المستويين الوطني والمحلي، لحماية أطفالنا، الذين لا يستطيعون حماية أنفسهم.. إن أضمن طريقة للحفاظ على سلامتهم هي جعل الهواء الذي نتنفسه جميعًا أنظف".
ويعد الحد من مصادر تلوث الهواء بما في ذلك حركة المرور على الطرق، وحرق الفحم والوقود الصلب، والانبعاثات الصناعية، أمرًا أساسيًا ولكن يجب أيضًا اتخاذ إجراءات لتقليل المخاطر المحددة التي يتعرض لها الأطفال، وفقًا للوكالة الاقتصادية الأوروبية.
يمكن أن يشمل ذلك وضع مناطق هواء نظيف حول المدارس، حيث يتم تقييد حركة المرور وحظر المحركات البطيئة. يجب أن تنظر السلطات المحلية والمدارس أيضًا في زراعة الأشجار.
يمكن أن يساعد التبديل إلى الطرق الخلفية للمشي إلى المدرسة أيضًا، كما أن التصميم الأفضل للمدرسة ومرافق رعاية الأطفال، مع وجود تهوية وفلاتر جيدة، يمكن أن يقلل من تعرض الأطفال للملوثات في الداخل والخارج.
ولم تشمل الدراسة دول أوروبية عدة من بينها المملكة المتحدة وأوكرانيا، ما يؤشر إلى أن الوضع قد يكون أكثر سوءا في القارة الأوروبية.
وجاء في تقرير آخر للوكالة صدر في نوفمبر/ تشرين الثاني أن ما لا يقل عن 238 ألف شخص من كل الفئات العمرية، توفوا بشكل مبكر العام 2020 في أوروبا بسبب تلوث الأجواء في دول أعضاء في الوكالة مثل بلدان الاتحاد الأوروبي وتركيا والنروج وسويسرا فضلا عن ايسلندا وليشتنشتاين.
وتعرّض 97% من سكان المدن من كل الفئات العمرية في 2021 لأجواء لا تستوفي توصيات منظمة الصحة العالمية على ما أظهرت البيانات المنشورة في الدراسة، الإثنين.
وفي تقريرها الصادر في نوفمبر/ تشرين الثاني، أشارت الوكالة الأوروبية للبيئة إلى أن الاتحاد الأوروبي على الطريق الصحيح لتحقيق هدفه المتمثل في خفض الوفيات المبكرة بأكثر من 50 % بحلول 2030 مقارنة بمستوياتها في 2005.
ومطلع التسعينيات، كانت الجزئيات الدقيقة تتسبب بأكثر من مليون وفاة مبكرة في دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين. في 2005، كان 431 ألفا لا يزالون يقضون بشكل مبكر وفق بيانات الوكالة.
إلا أن الوضع في أوروبا يبقى أفضل عموما مقارنة بمناطق أخرى في العالم. وتفيد منظمة الصحة العالمية أن التلوث يقف وراء 7 ملايين وفاة مبكرة سنويا في العالم، وهي حصيلة تقترب من تلك الناجمة عن التدخين أو التغذية غير الصحية.