"غروب الشمس وشروق الملوثات".. دعوة لفهم كيمياء تلوث الهواء ليلا
أطلقت مجلة "nature" دعوة لفهم التطور الكيميائي للتلوث في الغلاف الجوي ليلًا، أملًا في إيجاد حلول فعالة لتحسين جودة الهواء.
وبحسب المجلة، تسبب تلوث الهواء في الصين والهند معا في نحو 4.5 مليون حالة وفاة عام 2019، وفي أعقاب حوادث التلوث الأكثر فتكًا بالبلدين، أطلقت بكين ونيودلهي أول خطة وطنية لتحسين جودة الهواء في عامي 2013 و2019.
وبعد 10 سنوات، ورغم تحسن مستويات جودة الهواء بشكل كبير في البلدين، لا زالت الصين تواجه مزيدًا من التحديات للحد من تلوث الهواء بسبب المفاضلة بين التحكم في الجسيمات القابلة للاستنشاق البالغ قطرها 2.5 ميكروغرام وتلوث الأوزون.
وفي الهند يبدو الوضع أكثر قلقًا، وفقًا للمجلة، إذ استمرت معدلات تراجع جودة الهواء رغم إطلاق برنامج الهواء النظيف، مع تزايد عدد المدن التي تعاني من الأدخنة القاتلة، والسبب الشائع وراء هذا الحجم من الملوثات هو حرق الكتلة الحيوية.
كيمياء تلوث الهواء
ودرجت الأبحاث السابقة لتحديد مصادر التلوث على محاولة فهم كيمياء التلوث خلال النهار، ولهذا أطلقت مجلة "nature" في عددها الأخير دعوة لإلقاء الضوء على الجانب المظلم لتلوث الهواء وفهم كيمياء الغلاف الجوي ليلًا لمواجهة تحديات تلوث الهواء.
وتعطي الصورة النمطية للأجواء الليلة في المدن العالمية انطباعًا خاطئًا عن مدى جودة الهواء، فرغم خلو الشوارع من الزحام والهدوء الذي يطبق على المصانع، غالبًا ما تكون جودة الهواء في أسوأ حالاتها في ساعات المساء المبكرة في هذه المدن مثل دلهي وبكين.
وذكرت المجلة أن الجسيمات القابلة للاستنشاق البالغ قطرها 2.5 ميكروغرام -جسيمات تفتك بالصحة- تبلغ ذروتها بين الساعة 21:00 (9:00) والساعة 23:00 (11:00) على مستوى العالم، كما تعتبر ظروف الأرصاد الجوية غير المواتية أحد عوامل تلوث الهواء.
غروب الشمس وشروق الملوثات
وتشرح المجلة أسباب تراجع جودة الهواء ليلًا مقارنة بساعات النهار، وتقول إنه مع غروب الشمس يبرد سطح الأرض، ومعه يبرد الهواء في الغلاق الجوي، وهو ما يؤدي بدوره إلى تكوين طبقة جوية مستقرة تمنع الاختلاط الرأسي وتمنع تشتت الملوثات فتصبح أكثر تركيزًا.
وتتباين كيمياء تلوث الهواء بشكل كبير في الليل، وتعد الكيمياء الضوئية -التفاعلات الكيميائية التي يسهلها الإشعاع الشمسي- هي المسار المهيمن لإنتاج الأوزون القاتل والجسيمات القابلة للاستنشاق الأقل من 2.5 ميكروغرام خلال النهار، بينما تتولى الكيمياء الجذرية السيطرة عندما تغرب الشمس.
وتعتبر جذور النترات التي تنتجها أكاسيد النيتروجين والأوزون مهمة بشكل خاص؛ لأنها تشارك بشكل كبير في كيمياء الغلاف الجوي في الليل، وتؤثر بشكل كبير على تكوين الغلاف الجوي لتلوث الهواء في اليوم التالي.
وتشير المجلة إلى ورقة بحثية تظهر أنه بين عامي 2014 و2019 زاد معدل إنتاج جذور النترات في مناطق متفرقة من جميع أنحاء الصين، ما يشير إلى المساهمة المتزايدة للكيمياء الليلية في تلوث الهواء.
وفي الهند، يمكن للكيمياء الجوية الليلية أن تهيئ الظروف لظواهر الضباب الشديدة في فصل الشتاء، وهناك دراسات حول تطور الخصائص الفيزيائية والكيميائية للجسيمات الجديدة التي تشكلت خلال أحداث الضباب الشتوي في دلهي.
ووجدت هذه الدراسات أن تطور الجسيمات كان مدفوعًا بالتكثيف الفيزيائي للأبخرة العضوية الناتجة من حرق الكتلة الحيوية، ولاحظت تكون الجسيمات النانوية ونموها بسرعة في الليل، مع نمو الأحجام بسرعة إلى تلك المتعلقة بتكوين الضباب.
الليل أكثر تلوثًا
كما لوحظ التطور السريع للجسيمات الجديدة ومساهمتها في تلوث الضباب الشديد في مدن أخرى مثل بكين، وما يجعل هذه الأحداث في دلهي فريدة من نوعها هو أنها حدثت في الليل بدون كيمياء ضوئية، وتبين أن معدلات نمو الجسيمات النانوية أعلى من تلك التي تحدث عادة خلال النهار.
وقد يحمل تلوث الهواء بالليل أدلة على معالجة بعض التحديات الكبيرة في مكافحة التلوث، على سبيل المثال تشترك كيمياء جذور النيتروجين التي تهيمن في الليل في احتراق وتوليد الجسميات القابلة للاستنشاق والأوزون بالإضافة إلى السلائف الأولية المرتبطة بها، كما تغذي كيمياء الغلاف الجوي أثناء النهار.
ومن الممكن أن يساعد تطوير إطار يحاكي كيمياء جذور النترات في الليل في العثور على أدلة لتخفيف المفاضلة بين الجسيمات القابلة للاستنشاق وغاز الأوزون، ومع ذلك فإن تلوث الهواء الليلي في الوقت الحالي أقل فهمًا بكثير من التلوث في النهار، وفقًا للمجلة.
وختمت المجلة دعوتها بالقول: "يعد تطوير فهمنا لتلوث الهواء الليلي في جميع أنحاء العالم أمرًا ضروريًا للحصول على صورة أفضل لتلوث الهواء والعمل على تحسين جودة الهواء".
aXA6IDUyLjE0LjE2Ni4yMjQg جزيرة ام اند امز