مصدر متجدد للمياه على القمر.. هل نقترب من العيش خارج الأرض؟ (خاص)
قبل أيام، اكتشف علماء صينيون مصدرا جديدا ومتجددًا للمياه على سطح القمر، وهو ما يعطي أملًا جديدًا للحياة خارج الأرض في المستقبل.
وبحسب نتائج الدراسة المنشورة في دورية "Nature Geoscience"، عثر العلماء الصينيون على المياه في خرزات زجاجية صغيرة في التربة القمرية، ونقلوا عينات من تلك الخرزات إلى الصين ضمن بعثة المهمة الفضائية "Chang'e 5" عام 2020.
وبعد قرابة 3 سنوات من البحث والدراسة، اكتشف العلماء أن الماء الموجود في الخرزات الزجاجية، وهي بلورات متعددة الألوان وعاكسة للضوء، يمكن استخلاصه بطريقة سهلة نسبيًا، كما اقترحوا استخدام هذه المياه للشرب بين رواد الفضاء على القمر أو استخدامها كوقود.
واكتشاف المياه على سطح القمر ليس بالكشف الجديد، إذ أدرك العلماء هذه الحقيقة منذ سنوات بعيدة، ولكن الدراسة الأخيرة تعطي دليلًا دامغًا على استمرار دورة المياه على القمر بفضل الاحتياطيات الهائلة من البلورات التي تحتوي على المياه، كما يقول القائمون على الدراسة.
وقال أحد المشاركين في الدراسة، ويدعى هيجيو هوي، من جامعة نانجينغ الصينية، إن نتائج الدارسة استندت إلى 32 بلورة زجاجية جرى اختيارها عشوائيا من التربة القمرية، وتتراوح أحجامها من عرض شعرة واحدة إلى عدة شعيرات، وكان محتوى المياه على هذه البلورات ضئيلًا للغاية.
احتياطيات هائلة
وبفضل الاحتياطي الهائل من هذه البلورات الزجاجية في التربة القمرية، الذي يقدر بتريليونات الوحدات، فمن الممكن أن تصل كمية المياه المستخرجة من هذا المصدر إلى مليارات الأطنان، فيما تشير نتائج الدراسة إلى إمكانية استخلاص نحو 270 مليار طن من الماء في عملية ليست بالسهلة.
وأوضح "هوي" أنه يمكن استخراج المياه من هذه البلورات عن طريق التسخين، مع إمكانية إشراك الروبوت في هذه العمليات مستقبلًا، مشيرًا إلى وجود هذه البلورات في كل مكان تقريبًا على سطح القمر، بفعل تبريد المواد المنصهرة التي طردتها الصخور الفضائية الواردة من اصطدام النيازك.
ورغم الزخم المحاط بنتائج الدراسة، إلا أنها لم تحدد بعد فيما إذا كانت هذه المياه آمنة للشرب من عدمه، ويحتاج الأمر إلى مزيد من الدراسة والبحث، فيما نقلت صحيفة "تلغراف" عن البروفيسور لويس دارتنيل، عالم الفلك بجامعة وستمنستر البريطانية، أن هذه الدراسة قد يكون لها تأثير كبير على البعثات القمرية.
مصدر للشرب والتنفس
فيما يقول البروفيسور سين هو، عضو الأكاديمية الصينية للعلوم "CAS"، إن نتائج الدراسة الأخيرة للبلورات القمرية الغنية بالمياه تشير إلى إمكانية تخزين وإطلاق المياه على الأجرام السماوية الأخرى في النظام الشمسي، مشيرًا إلى تجديد الخزان الجوفي من خلال العملية الجارية لربط الهيدروجين بالرياح الشمسية بالأكسجين والمياه الناتجة تحت الأرض ليتم امتصاصها في حبيبات زجاجية.
وأضاف "هو" أن وجود المياه على سطح القمر مهم لأنها ستكون مصدرًا لدعم السكن البشري للقمر على المدى الطويل، مؤكدًا أن "الماء ضروري للشرب بالطبع، وبالإضافة إلى ذلك يمكن تقسيم المياه عن طريق التحليل الكهربائي لتكوين الأكسجين للتنفس على سطح القمر وفي المهام الفضائية".
العيش خارج الأرض
من جهته، يرى الدكتور حسن أبو النجا، خبير الأمن المائي والتنمية المستدامة، أن المركبات البيئية والجيولوجية ومنها المياه موجودة في كل مكان تقريبًا، مشيرًا إلى أن دراسات سابقة أثبتت وجود مصادر للمياه على سطح القمر وعلى سطح كوكب المريخ، وهي الأبحاث التي أكدتها وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا".
واعتبر "أبوالنجا"، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن نتائج الدراسة الأخيرة ستشكل فارقًا كبيرًا لفرص العيش على سطح القمر في المستقبل، ولكن شريطة إيجاد أساسيات الحياة الأخرى؛ لأن توفر المياه وحدها ليس كافيًا للحياة، ولا بد من توافر العناصر الأساسية الأخرى مثل الضغط الجوي والهواء ودرجة الحرارة المناسبة.
وعن أهمية اكتشاف مصدر دائم للمياه على القمر بالنسبة للبشر، يقول "أبوالنجا": "الكرة الأرضية شبه مغطاة بالمياه، ونسبتها على الأرض أكثر من 71%، ولكنها في معظمها مياه مالحة، وجزء بسيط جدًا منها مياه عذبة صالحة للشرب"، مؤكدًا أن "التحدي الأساسي أمام العالم بالنسبة للموارد المائية هو إدارة وحوكمة المياه، وليس إيجاد مصدر جديد للمياه، وهذا هو الحل الوحيد لكل الدول الفقيرة مائيًا لتحقيق أمنها المائي".
وأوضح أن تكلفة استخلاص المياه من خارج الأرض ستكون باهظة للغاية، ولن يحقق استخلاصها الجدوى المطلوبة، مشيرا إلى أن "دول العالم بإمكانها استغلال مياه البحر في أغراض الري والشرب عن طريق تقنيات التحلية، ودول الخليج العربي تعتمد بشكل أساسي على تحلية المياه"، مشددًا على أن "العالم يحتاج لتغيير حوكمته وإدارته للمياه، والتعاون بين الدول في المياه العابرة للحدود، لأن المياه لا تعترف بالحدود".
aXA6IDMuMTQ0LjQuNTQg جزيرة ام اند امز