جهود إماراتية رائدة لتعزيز استدامة المياه في العالم، بهدف المحافظة على ذلك المورد الحيوي الذي يعد مصدر الحياة ومحرك التنمية الاقتصادية.
ضمن تلك الجهود تستضيف دولة الإمارات نهاية العام الجاري مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28"، الذي يستهدف مواجهة تغير المناخ، أكبر تحد يواجه البشرية، والذي يهدد الحق في الحصول على المياه.
أيضا تستضيف أبوظبي المؤتمر العالمي لتحلية المياه 2024، وهو مؤتمر دولي تنظمه الجمعية العالمية لتحلية المياه، ويعد المؤتمر الأكبر في العالم، ويحظى بمشاركة قادة قطاعي المياه والتحلية وكبار المسؤولين والخبراء الدوليين لصياغة مستقبل قطاع المياه على مستوى العالم.
وفي طريقها لاستضافتها المؤتمرين، تبذل الإمارات جهودا حثيثة لتوحيد جهود تعزيز استدامة المياه في العالم، وتعزيز التعاون الدولي في هذا الصدد، والعمل على إبراز تجربتها الرائدة بهذا الخصوص لتعميم الاستفادة منها.
تجربة رائدة
ضمن أحدث جهودها بهذا الصدد، جاءت المشاركة الإماراتية البارزة في مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2023، الذي أسدل الستار على أعماله في نيويورك، الجمعة، والذي تم خلالها إبراز التجربة الإماراتية الرائدة في تعزيز استدامة المياه، وتوجيه رسائل مهمة للعالم بهذا الصدد.
وألقت مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة، البيان الوطني لدولة الإمارات أمام مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2023، أكدت خلاله التزام دولة الإمارات تجاه ملف الاستدامة والمناخ العالمي، والإدارة المسؤولة للمياه ومعالجة ندرة المياه من خلال التنويع والحفظ والابتكار.
وسلطت الضوء على استضافة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف COP28 نهاية العام الجاري، والرامي إلى جمع جميع أصحاب المصلحة من خلال جدول أعمال مثمر، والنقاش حول إيجاد حلول لتحديات المناخ العالمية.
وقالت المهيري "تعتبر الإدارة الرشيدة للمياه قضية ذات أهمية قصوى لدولة الإمارات، هذا أمر حيوي لبلد يقل متوسط هطول الأمطار فيه 10 مرات عن المتوسط العالمي، فضلا عن محدودية موارد المياه العذبة وتزايد عدد السكان ونمو الاقتصاد".
وألقت الضوء على استراتيجية الأمن المائي لدولة الإمارات 2036، والتي تهدف إلى ضمان الوصول المستمر والمستدام إلى المياه، وتناول الاستراتيجية كل من أبعاد العرض والطلب والتعامل في أوقات الطوارئ في سلسلة إمداد المياه، وسعيها إلى تقليل استهلاك المياه الصالحة للشرب بنسبة 20% وزيادة إعادة استخدام المياه المعالجة إلى 95%، بجانب مساهمة الاستراتيجية في تحقيق أهداف الحياد المناخي للإمارات بحلول عام 2050.
وتعمل دولة الإمارات على تطوير وتوسيع مشاريع تحلية المياه القائمة على تقنية التناضح العكسي مع توسيع حصة الطاقة النظيفة والمتجددة في تحلية المياه لتقليل الأثر البيئي لهذا النشاط.
كما تحرز دولة الإمارات تقدمًا كبيرًا في الحد من فقد المياه واستهلاكها من خلال معايير المباني والمنتجات الخضراء، وإصلاح تعرفة المياه، ومبادرات التوعية العامة.
وأوضحت المهيري في كلمتها، أمام مؤتمر الأمم المتحدة للمياه، أن الابتكار هو المفتاح إذا أردنا مواجهة التحديات التي تفرضها المياه، والاستفادة من الفرص التي توفرها، مشيرة إلى أن الزراعة تستهلك نحو 70% من إجمالي المياه العذبة على مستوى العالم، وأن الابتكار هو السبيل نحو التحول إلى مسار أكثر استدامة.
وتمتلك دولة الإمارات نهجا مبتكرا لخفض إجمالي استهلاك قطاع الغذاء للمياه بأكثر من 15% على الرغم من مضاعفة الإنتاج بحلول عام 2030، إلى جانب إطلاق الإمارات لاستراتيجية الأمن المائي 2036، والتي تضمن تنفيذ برامج متكامل على جانب العرض والطلب وضمان إنتاج المياه وتوزيعها في حالات الطوارئ.
وفي هذا الصدد، قالت المهيري إن الإمارات تعمل على تعزيز مكانتها في تطوير أنظمة الزراعة والغذاء الذكية مناخياً، ما دفع الإمارات نحو تبني الحلول الزراعية الحديثة مثل الزراعة المائية والزراعة العمودية.
وأشارت في الوقت نفسه إلى مبادرة "مهمة الابتكار الزراعي للمناخ" بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، وقالت: "تخصص تلك المبادرة 8 مليارات دولار أمريكي للاستثمار في الزراعة الذكية مناخيًا وأنظمة الغذاء التي ستعزز الأمن المائي على المدى الطويل لجميع الدول. تساعد هذه الأساليب المبتكرة أنظمة الأراضي والغذاء على خفض الانبعاثات، وتعزيز التكيف والمرونة، وتعزيز الاستدامة الشاملة".
تعزيز التعاون الدولي
وزيرة التغير المناخي والبيئة الاماراتي وجهت دعوة خلال مشاركتها في جلسة نقاشية بعنوان "المياه من أجل المناخ، والقدرة على الصمود والبيئة: من المنبع إلى البحر، والتنوع البيولوجي، والمناخ، والقدرة على الصمود، والحد من مخاطر الكوارث" برئاسة مشتركة بين اليابان ومصر إلى تعزيز التعاون الدولي لتحقيق استدامة المياه.
وحذرت من "أن التحديات التي كان يُنظر إليها على أنها مرتبطة فقط بالبلدان الصحراوية أو الدول النامية، أصبح يواجهها الآن عدد متزايد من البلدان يصل سكانها إلى ما يقرب من ملياري شخص حول العالم".
وأضافت: "وعلى الرغم من وجود الكثير من تحديات المياه، لايزال هناك جانب مشرق، وهو التعاون والاستثمار والعمل المشترك من أجل تعزيز منظومات إمداد المياه وأنظمة الغذاء لتحقيق أفضل النتائج أكثر من أي وقت مضى".
وأكدت أن استضافة الإمارات لمؤتمر الأطراف COP28 في نوفمبر/تشرين الأول المقبل سيسعى للبناء على ما تم التوصل إليه في مصر خلال COP27 بشأن تعزيز الأمن المائي العالمي.
وأشارت إلى أن دولة الإمارات تلتزم بتفعيل نهج تشاوري وشمولي ينتج عنه تعزيز سياسات التمويل وتوظيف واستخدام التكنولوجيا حول المياه، وسيركز مؤتمر الأطراف المقبل على الإجراءات اللازمة للإبقاء على درجة حرارة الأرض تحت مستويات 1.5 درجة ومعالجة الآثار المناخية، بما في ذلك المياه.
واستعرضت 4 أفكار أولية حول النتائج المحتملة من المشاورات خلال المؤتمر المقبل، بما في ذلك تنفيذ خطة 30 × 30، والاستثمار في البلدان الضعيفة والهشة، والإنذار المبكر، وأنظمة العمل الاستباقي، والابتكار.
كما شاركت المهيري في الجلسة النقاشية "من مؤتمر الأمم المتحدة للمياه إلى COP28: تسريع العمل في مجال المياه والمناخ" التي تستضيفها البعثة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة وهولندا وطاجيكستان ولجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية، واستعرضت التجارب الإماراتية في مواجهة ندرة المياه وتغير المناخ.
وفي ختام جلساتها "من مؤتمر الأطراف COP27 إلى مؤتمر الأمم المتحدة للمياه 2023: العمل على التكيف مع المياه والقدرة على الصمود" التي استضافتها جمهورية مصر العربية، سلطت مريم المهيري الضوء على استثمارات الإمارات في البحث والتطوير والإنتاج الغذائي المبتكر الموفر للمياه.
وقالت: "ينبغي أن نٌعيد التفكير بشكل جماعي في تحدي المياه وأن ندرك تأثير الاتجاهات الكلية الثلاثة المتمثلة في النمو السكاني، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتغير المناخ، إذ أن كلا منها يٌشكل ضغطاً على إمدادات المياه".
وأضافت: "نستثمر موارد كبيرة في البحث والتطوير ونحافظ على مجموعة من المبادرات المحلية والدولية التي تهدف إلى مواجهة التحدي المٌلح لندرة المياه".
وأكدت أن COP28 سيركز بشكل كبير على الاستجابة لنتائج التقييم العالمي، وتحقيق الهدف العالمي للتكيف، وتأكيد أهمية تدابير التكيف المتعلقة بالمياه، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تشكل ندرة المياه تهديدًا رئيسيًا لحياة الإنسان والاستقرار، فإن الإمارات تنظر إلى مواجهة تحدي المياه العالمي بوصفه فرصة اقتصادية لمساعدة المجتمعات على التقدم.
ودعت جميع الأطراف إلى توحيد جهودهم للتكيف مع تغير المناخ والتخفيف من حدته مع الحفاظ على المياه والنظام البيئي.
تعزيز الاستدامة
وتشكل الاستدامة أحد المفاهيم الرائدة التي يتم تطبيقها بصورة نموذجية في أجندة التنمية الوطنية بدولة الإمارات.
وتعزيزا لمفهوم الاستدامة، أعلن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات 2023 "عام الاستدامة" في دولة الإمارات، في مبادرة ملهمة تتوج جهود بلاده الرائدة لتعزيز الاستدامة محليا ودوليا وترسم عبرها خارطة طريق لمستقبل أفضل للعالم.
ويعني مفهوم الاستدامة "تلبية حاجات الحاضر دون المساس بقدرات الأجيال المستقبلية على تلبية حاجاتها الخاصة"، وهو أمر يجسد الأخوة الإنسانية في أسمى معانيها من خلال حفظ حقوق أجيال المستقبل.
الأمن المائي
وتؤمن دولة الإمارات إيماناً راسخاً بأن الأمن المائي شرط أساسي لجهود التنمية المستدامة لذلك أطلقت الإمارات استراتيجيتها للأمن المائي 2036 الهادفة إلى ضمان استدامة واستمرارية الوصول إلى المياه خلال الظروف الطبيعية وظروف الطوارئ القصوى.
كما أولت الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المعني بالمياه أولوية قصوى حيث يعتبر شح الموارد المائية من أكبر التحديات التي تواجه منطقتنا العربية.
وسعياً من الإمارات لمواجهة التحديات المرتبطة بالمياه قامت الجهات المختصة في دولة الإمارات بتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى واستخدام التكنولوجيا الحديثة في إدارة المياه إلى جانب إطلاقها المبادرات الهادفة إلى ترشيد استخدامات المياه وتنمية الموارد المائية.
المؤتمر العالمي لتحلية المياه
وتتويجا لجهودها في هذا الصدد، فازت أبوظبي باستضافة المؤتمر العالمي لتحلية المياه 2024، وهو مؤتمر دولي تنظمه الجمعية العالمية لتحلية المياه، ويعد المؤتمر الأكبر في العالم، ويحظى بمشاركة قادة قطاعي المياه والتحلية وكبار المسؤولين والخبراء الدوليين.
وسيجتمع المشاركون في أبوظبي في 2024 لصياغة مستقبل قطاع المياه على مستوى العالم وذلك في إنجاز عالمي جديد يُضاف إلى سجل الإنجازات الإماراتية.
ويشكل فوز العاصمة أبوظبي باستضافة المؤتمر العالمي لتحلية المياه 2024 تتويجاً للتوجيهات السديدة للقيادة الرشيدة ورؤاها المستنيرة التي أسهمت في ترسيخ مكانة إمارة أبوظبي على مستوى العالم عبر إطلاق مشروعات رائدة في قطاع تحلية المياه والاعتماد على الابتكار والإبداع والتقنيات الحديثة والمتطورة لتعزيز كفاءة استهلاك المياه وتحقيق الأمن المائي وترشيد الاستهلاك للحفاظ على الموارد الطبيعية وضمان استدامتها للأجيال الحالية والمقبلة.