سياسيون لـ"العين الإخبارية": حكومة دياب لن تستطيع إنقاذ لبنان
المسار السياسي الذي يتبعه المعنيون بتشكيل الحكومة منذ تكليف حسان دياب، يشير إلى أنها إن تشكّلت فلن تكون على قدر المسؤولية
رأى سياسيون لبنانيون أن الحكومة المقبلة المزمع تشكيلها برئاسة حسان دياب، لن يكون باستطاعتها التغلب على التحديات الداخلية والخارجية في ظل هذا الوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد.
ووفقا لهم، فالمسار السياسي الذي يتبعه المعنيون بتشكيل الحكومة منذ تكليف دياب، مرورا بالمباحثات والمواقف التي تصدر عنهم، تشير إلى أن مجلس الوزراء المقبل إن تشكّل فلن يكون على قدر المسؤولية التي يفترض أن تلقى على عاتقه.
ويلعب الانقسام السياسي الحاصل في لبنان دورا في هذا الإطار وهو ما سينعكس على صورة الحكومة المقبلة ببعدها السياسي وانتماءاتها الحزبية وارتباطاتها الإقليمية.
فمنذ اللحظة الأولى لتكليف دياب، أُطلق عليه مرشح حزب الله وحلفائه (فريق 8 آذار) الذين منحوه أصواتهم في الاستشارات النيابية، وهو الأمر الذي يرى كثيرون أنه سينعكس لاحقا على الحكومة وفرص نجاحها داخليا وخارجيا.
عودة الاصطفافات السياسية
فالنتائج الأولى لتكليف دياب وما سبقها من أحداث سياسية بدءا من انطلاق التحركات الشعبية، كانت بسقوط التسوية السياسية التي أدت إلى انتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية على أن يبقى الرئيس الحريري على رأس الحكومة طوال عهد عون.
هذه التسوية كانت بالاتفاق بشكل أساسي بين "التيار الوطني الحر" الذي كان يرأسه عون، ومن ثم صهره وزير الخارجية جبران باسيل، من جهة، ورئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، إضافة لـ"حزب الله" و"القوات اللبنانية".
سقوط التسوية أدى إلى عودة الاصطفافات السياسية إلى سابق عهدها مع بعض الخلافات تجاه قضايا معينة، وتحديدا على خط "فريق 14 آذار" (تيار المستقبل وحزب القوات وحزب الكتائب والتقدمي الاشتراكي)، الذي أعلن عن موقف موحد حيال الحكومة المتوقعة، وهو مقاطعتها وعدم المشاركة بها بعد امتناعهم عن تسمية دياب لرئاستها.
وجاءت الضربة القاضية للتسوية عبر موقف الحريري الذي خرج عن صمته رافضا اتهام حزب الله والوطني الحر له بأنه هو من دعم تسمية دياب.
ووصف الحريري، مساء الثلاثاء، الحكومة المقبلة بحكومة جبران باسيل، وزير الخارجية، معلنا بذلك سقوط التسوية الرئاسية بشكل نهائي بعد رفضه المشاركة في أي حكومة يشارك فيها باسيل بعد الآن، وهو ما لاقى ترحيبا واسعا من مسؤولين في "المستقبل" لطالما كانوا عبروا عن تحفظهم على التسوية.
وقال النائب السابق والقيادي في "المستقبل" مصطفى علوش في تغريدة له على "تويتر": من أهم إنجازات الانتفاضة بالنسبة لنا كوننا أزحنا عن صدرنا حمل تفاهة وسفاهة وجهالة وطائفية الوزير جبران باسيل واتباعه"، مضيفا: "عسى الرئيس ميشال عون أن يعي ما تسبب به صهره لعهده".
من جهته دافع عون عن صهره، رافضا اتهامه بتشكيل الحكومة لكنه قال إنه يحق له ذلك لأنه يرأس أكبر كتلة نيابية، وهو الأمر الذي لاقى بدوره رفضا من نواب "المستقبل" مؤكدين مخالفته للدستور.
أما النائب سامي فتفت فوصف كلام عون بالطعنة الدستورية الجديدة، واعتبر "القول بأن جبران باسيل يحق له أن يكون شريكاً بتأليف الحكومة لأنه رئيس أكبر كتلة نيابية، طعنة دستورية جديدة للعهد، ويخالف أصول تشكيل الحكومات، والكتل النيابية يتم التشاور معه".
وأكد أن "تأليف الحكومة حق حصري بالدستور لرئيسي الجمهورية والحكومة، إلا إذا اختار رئيس الجمهورية تجيير صلاحياته للآخرين، أو تنازل الرئيس المكلف عن صلاحياته".
النائب في "تيار المستقبل" محمد الحجار، اعتبر أن التسوية السياسية التي أدت إلى انتخاب ميشال عون رئيسا والحريري رئيسا للحكومة سقطت.
وقال لـ"العين الاخبارية": التسوية كان عنوانها حماية البلد ومصلحتها أما اليوم وبعد إصرار عون على رفض كل ما طرحه الحريري ما أدى إلى إبعاده عبّد الطريق لإسقاط التسوية، وفيما بات من المستحيل أن يبقى الحريري في حكومة واحدة مع باسيل، يعني تلقائيا سقوط التسوية".
التحديات الداخلية
ومع تأكيده على أنه يتمنى النجاح لحكومة دياب، يشكك النائب الحجار في ذلك، مشيرا إلى أن الخلل بدأ منذ تكليفه شكلا ومضمونا.
ويوضح: "عند انتخاب عون تذرعوا ببدعة الميثاقية التي لا مكان لها بالدستور، ونحن مشينا بها آنذاك لخدمة البلد ولكن عندما تصبح هذه الميثاقية وسيلة لخدمة أهداف سياسية وعنوانا للتلاعب بالدستور، كما حصل مع تكليف دياب، فلن نقبل بها".
ويؤكد الحجار: "حتى بعد بدء عملية التأليف، المسار والسياسة نفسهما يتبعونهما، حيث عمد باسيل إلى إعطاء رئيس الحكومة المكلف لائحة بخمسين اسما ليختار هو منها، وبالتالي كما قال الحريري سابقا هذه الحكومة هي حكومة باسيل".
بدورها صرحت مصادر وزارية لـ"العين الإخبارية" أنه إضافة إلى "الميثاقية المفقودة" في تكليف دياب والمشكلة التي يعانيها في إيجاد الشخصيات السنية للقبول بالتوزير، فإن التحدي الداخلي للحكومة العتيدة هو إرضاء الشارع المنتفض منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي الذي كان واضحا في مطالبه منذ البداية ومعترضا على تكليف دياب من الأساس باعتباره جزءا من المنظومة السياسية.
ولفتت المصادر إلى أنه إضافة إلى ذلك لا يبدو أن "الثنائي الشيعي" (حزب الله وحركة أمل) ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، يذهبون باتجاه حكومة متخصصين مستقلين، وخير دليل على ذلك الأسماء التي بدأ تسريبها للتوزير والمعروفة بانتمائها السياسي.
ومن هنا، ترى المصادر ذاتها أن الحل لن يكون إلا بعودة المباحثات السياسية إلى البداية وبأسرع وقت ممكن انطلاقا من إحياء التسوية السياسية بين عون والحريري أو على الأقل عودة التواصل بين الطرفين، ما من شأنه أن يعيد تكليف الحريري لرئاسة الحكومة أو على الأقل شخصية مدعومة من قبله وتأليف مجلس وزراء قادر على إنقاذ الوضع في لبنان.
التحدي الخارجي
وفي التحدي الخارجي الذي من المتوقع أن تواجهه حكومة دياب إذا شكّلت، يقول النائب الحجار لـ"العين الإخبارية": لطالما شكل خطاب وزير الخارجية جبران باسيل إضافة إلى حزب الله مشكلة مع المجتمع العربي والدولي، رغم وجود الحريري على رأس الحكومة".
ويضيف: "أما اليوم، فعندما سيتفردون هم بالحكومة فنتوقع أن يكون الوضع أكثر سوءا على مختلف الصعد.. لذا نقول فليتحملوا عندها مسؤولية ما قاموا به".
أما المصادر الوزارية فأشارت لـ"العين الاخبارية" إلى أن هناك ترقبا دوليا حيال الحكومة المقبلة وما سينتج عن مباحثات تشكيلها ومدى مطابقتها للمعايير التي سبق أن تحدث بها أكثر من مسؤول دولي.
ونوهت بأن أبرز هذه المعايير هي أن تلقى الحكومة ثقة الداخل والمجتمع اللبناني ولا تقتصر على فريق واحد وبالتالي تأخذ صفة اللون الواحد وتعمل على تنفيذ الإصلاحات، مع التركيز على أن يحمل الوزراء صفة المتخصصين المستقلين وألا يكونوا صورة لمسؤولي الأحزاب وسياسييه.
ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول احتجاجات للمطالبة بتشكيل حكومة إنقاذ من التكنوقراط وإجراء انتخابات نيابية مبكرة وخفض سن الاقتراع إلى 18 عاماً ومعالجة الأوضاع الاقتصادية واسترداد الأموال المنهوبة ومحاسبة الفاسدين، ويؤكد المحتجون استمرار تحركهم حتى تحقيق المطالب.
واستقال الحريري وحكومته في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي "تجاوباً مع إرادة الكثير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات ليطالبوا بالتغيير، والتزاماً بضرورة تأمين شبكة أمان تحمي البلد في هذه اللحظة التاريخية.
وتم تكليف حسان دياب بتشكيل حكومة جديدة في 19 من الشهر الجاري بعد استشارات نيابية ملزمة أجراها رئيس الجمهورية مع النواب، وحاز الرئيس المكلف 69 صوتاً من أصوات النواب، وامتنع خلالها 42 نائباً عن تسمية أحد لتشكيل الحكومة، من بينهم كتلة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري النيابية.
aXA6IDMuMTQ2LjEwNy4xNDQg
جزيرة ام اند امز