مثقفون عرب يتحدثون لـ"العين" عن هموم أدب المهجر: نروي الواقع
"العين" التقت كوكبة مميزة من المثقفين لتطرح أسئلة عديدة عن مفهوم الرواية العربية في المهجر وهمومها
عُرس ثقافي إماراتي عربي تحتضنه سنوياً عاصمة الثقافة الإسلامية والصحافة والسياحة العربية، إنه ملتقى الشارقة الثالث عشر للسرد الذي انطلقت فعالياته صباح أمس، في قصر الثقافة تحت عنوان "الرواية العربية في المهجر" والذي تنظمه دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، بحضور عبد الله العويس رئيس الدائرة، ومحمد إبراهيم القصير مدير الشؤون الثقافية في الدائرة، وكوكبة من النقاد والأدباء والكتاب من الدول العربية والأجنبية.
هذا الكرنفال الإبداعي الذي تستهل به الإمارة الباسمة موسمها الثقافي تحت رعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والذي يحرص في كل عام على أن يتخذ مرتكزاً جديداً بندواته، وحواراته، وأوراق عمله، يناقش في دورته الثالثة أحوال الأدباء والكتاب العرب في المهجر، الذين أجبرتهم الظروف في السنوات الأخيرة على مغادرة بلدانهم العربية إلا أنهم استمروا في عطائهم، لتكون الشارقة هي الحاضنة لأقلامهم وآلامهم ومعاناتهم في الغربة .
"العين" التقت كوكبة مميزة من المبدعين والنقاد والأدباء المشاركين من مختلف البلدان العربية والأجنبية لتفتح الملف وتطرح أسئلة عديدة عن مفهوم الرواية العربية في المهجر وما يتعلق بوجودها، ومظاهر تجلياتها، ومشروعية التسمية في اللحظة الراهنة من حياة الأمم، ويبقى السؤال المهم والخطر الذي يحاول نخبة من المثقفين الإجابة عليه هو "هل الأدب المهاجر يعد نوعاً خاصاً بذاته لا يمثل غير نفسه ومعاناته أم أنه يمكن أن يمثل الأدب القومي كله؟
واسيني الأعرج: لسنا بمعزل عن واقع بلادنا
الروائي الجزائري المقيم في فرنسا واسيني الأعرج الأستاذ بجامعة السوربون في باريس وجامعة الجزائر المركزية كان من أوائل المشاركين بتألق في الدورة الثالثة عشر لملتقى الشارقة للسرد ولم يتردد في الحديث عن الرواية العربية في المهجر بل إنه بدأ حديثه واصفاً الروائي العربي بأنه كغيره من كتّاب العالم، منشغل بالعالمية التي تمر بالضرورة عبر قناة الترجمة، فهي الوسيلة التي تدفع بجهده الإبداعي من دائرة الضيق إلى دائرة أكثر تعقيدا وانفتاحا وإنسانية، ويكمل واسيني حديثه قائلاً: عندما نتحدث عن "الرواية العربية في المهجر" فعلينا أن نعرف أننا أمام تاريخ طويل من المنجزات الأدبية ما يمكن أن يوحي بأن أغلبية ما يكتب من روايات عربية اليوم، هي من الأدب المهاجر إذا أخذنا الهجرة بالمفهوم البسيط الذي هو مجرد الانتقال إلى أرض الهجرة، ثم إن أغلب الذين سنذكرهم على أن رواياتهم من قبيل الأدب المهاجر، هم في الحقيقة مسافرون متنقلون باستمرار بين وطنهم الأصلي وبين مَهاجرهم، وليسوا منقطعين عن واقع بلادهم وأحداثه، وهم يكتبون من صميم هذا الواقع ولست هنا بصدد الحديث عن نفسي ولكني أتنقل بشكل موسمي بين فرنسا والجزائر، فهل يمكن وصف ما أكتبه بأنه أدب مهاجر، خاصة وأن معظم أعمالي مهمومة بوطني الجزائر؟ فلا تكاد تخلو رواية من رواياتي الأخيرة عن التعرض لسنوات الدم التي عاشتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي وبداية القرن الحالي، ويغير واسيني مجري الحديث عن الغربة وألمها وأدبها ليتطرق وصول الرواية العربية إلى العالمية إلى –والكلام على لسانه- تلك قضية نطرحها على أنفسنا بشكل متواتر، وأعتقد أن الرواية العربية يجب أن تبذل مجهوداً من أجل الاعتراف بها كمنجز إنساني وليس كمجهود فردي أو جماعي مرتبط بمحلية تضيق الخناق أكثر مما تدفع بالرواية نحو وضع اعتباري يليق بها .
د.اعتدال عثمان: نجحوا في الوصول إلى العالمية
بينما ركزت د.اعتدال عثمان بجامعة زايد في دبي في حديثها علي ما تطرقت إليه بعض محاور الملتقى التي اهتمت بتهميش أدب المهجر عندما قالت: إن تحولات السرد وتقنياته عبر مساحة زمنية ممتدة، تعاقبت عبرها أجيال المبدعين، بما ينفي النظرة التقليدية التي تكرس دواعي ثابتة لمبدعي المهجر مثل الحنين إلى الوطن، ومعاناة الغربة، ورغبة استدعاء الماضي المنقضي واستعادته والعيش في شرنقته بمعزل عن القضايا الكبرى، ولعل هناك الكثير من النماذج المبهرة من أدب المهجر استوعبت هذا الأمر وقاموا بمزجه بجماليات فنية عالية ونجحوا بالفعل إلى الوصول إلى العالمية .
ماجد بوشليبي: الرواية العربية تقف بالمرصاد للمتربصين
ماجد بوشليبي رئيس المنتدى الإسلامي بالشارقة والذي ترأس جلسات اليوم الثاني التي جاءت تحت عنوان "الرواية العربية مدخل للحوار" أعرب عن سعادته البالغة باحتضان الشارقة هذا الملتقى الذي يناقش سنوياً قضايا الأدب والثقافة والمثقفين في العالم العربي، وضم صوته لصوت الأديب المصري يوسف القعيد الذي طالب أمس بضرورة تنظيم جائزة كبرى تليق باسم عاصمة الثقافة الإسلامية ويتم منحها للأدباء العرب وعن أدب المهجر قال بوشليبي إنه ذو تاريخ قديم ومجيد ولعلنا لا يمكن أن نذكر هذا النوع من الأدب دون أن نتطرق إلى العبقري جبران، والمتابع لسيرة الرواية العربية في المهجر، يلحظ تشكل تجارب روائية متخذة طرقاً مختلفة في التعبير عن مقاصد الكتابة الروائية عند كاتبها، الذي يجتر أحداثاً وشخصيات تعيد إنتاجها في فضائه الروائي في المهجر. أو معادل ذاتي، وذلك عبر الشخصيات المحركة للحدث، ويطالب بوشليبي كافة الدول العربية بمزيد من الاهتمام بهذه النوعية من الدب التي تحمل قضايا معبرة عن الأوجاع العربية خاصة في الوقت الراهن الذي تتعرض له منطقتنا لبعض الأفكار الظلامية، فالرواية العربية الهادفة هي خير سلاح يقف بالمرصاد لكل من يحاول النيل من عقول أجيالنا .
aXA6IDE4LjExNy43OC4yMTUg
جزيرة ام اند امز