مثقفون عرب يتحدثون لـ"العين" عن أدوارهم بوجه التطرف
لقاءات على هامش اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد الكتاب
ما هي المواقف الحاسمة التي يجب أن يتخذها المثقفون العرب تجاه الهجمة على التنوير؟ من الأسئلة التي طرحناها أمام نخبة من المثقفين العرب
كيف يمكن للإبداع العربي أن يعيد النبض لشريان الثقافة العربية؟ وما المواقف الحاسمة التي يجب أن يتخذها المثقفون العرب تجاه الهجمة الشرسة التي يتعرض لها العقل والتنوير في منطقتنا العربية؟ وهل هناك أدوار محددة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب باعتباره مؤسسة مدنية رسمية أو شبه رسمية تحتضن مثقفي الأمة العربية وتجمعهم داخل منظومة واحدة في تلك المرحلة الراهنة الفاصلة التي تحاول فيها القوى الظلامية أن تنفذ مخططها لزعزعة أمن المنطقة، والتي باتت تشكل خطرًا حقيقيًّا على الوجود الإنساني؟
أسئلة وعلامات استفهام طرحناها أمام نخبة من المثقفين العرب اللذين التقيناهم على هامش انعقاد اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتَّاب العرب في مدينة دبي، وهو ذلك الحدث الذي يحمل زخمًا جديدًا، يتجه به المبدعون إلى وضع إستراتيجية ثقافية للوطن العرب.
د. عمر قدور: لا يمكن أن ننفصل عن الحراك السياسي
البداية كانت من عند د.عمر قدور، رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتّاب السودانيين ومساعد الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب، الذي راهن كثيرًا على الدور الذي يمكن أن يقوم به الاتحاد نظرًا لكونه مؤسسة قومية أهلية من منظمات المجتمع المدني في هذا الجزء من العالم، وكثيرون ينبغي أن يدركوا أن تنظيمات المجتمع المدني هي التي تقود العالم الآن.
فالمرحلة الحالية تتطلب حراكًا كاملًا للمجتمع بمختلف تخصصاته عبر منظماته المشروعة التي تمثّله في الجوانب الأدبية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، ليشاركوا الدولة في إصدار القوانين والتشريعات، هذه السمة تميّز الاتحاد العام للأدباء والكتَّاب العرب، خاصة وأنه أفرز الكثير من الاتحادات المماثلة، وتفوّق على اتحاد كتاب إفريقيا وعلى منظمات كثيرة أخرى -والكلام علي لسان قدور- الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب له بصمة تميّزه، كونه يجمع الأمة العربية، ويعبّر عن ضميرها وثقافتها وحضاراتها، ويحمل مشاعل التنوير، أما الدور الحاسم والآني له، فيرى أنه يتجسّد في مواكبته لكل مستجدات الساحة، وألا يكون بمعزل عن الحراك السياسي العام في المجتمع، وكلٌّ في موقعه، وقد علّمنا التاريخ أن التغييرات التي حصلت في الوطن العربي والعالم قادها مفكرون ومثقفون.
وختم قدور حديثه قائلًا: سلاحنا في مواجهة القوي الظلامية المتطرفة التي تريد النيل من عقولنا هو الثقافة وأدواتنا للتغيير هي الإبداع في ظل وجود إرادة ومناخ من حرية التعبير.
د. يوسف الحسن: علينا أن نحقق التواصل الثقافي العربي
الكاتب والمفكر الإماراتي د. يوسف الحسن أشار إلى أن أهم ما يجب أن نلتفت إليه هو أن نقوم بتغيير أسلوب تفكيرنا ومشروعنا الثقافي المشترك، بدءًا من العمل على تحقيق التواصل الثقافي العربي، بما يتناسب مع هذه المرحلة العربية العصيبة والحرجة.
وأضاف سيكون هذا تحت مظلة الأمانة العربية للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، ثم التوافق بين جميع الاتحادات وروابط وجمعيات الكتاب العربية على الوقوف معنا ضد التنظيمات الإرهابية.
سلوى بكر: انتهى زمن الأبراج العاجية
الكاتبة سلوى بكر، عضو الوفد المصري للكتّاب المصريين، تحدثت بحماس وربما أيضًا بانفعال ظهر على ملامح وجهها عندما قالت: انتهى زمن الأبراج العاجية، على المثقف أن ينظر إلى هموم شعبه، وأن يتزعّم قضايا بلده لتحلّ المشاكل بالحوار والتفاعل، وألا يتم الاكتفاء بكتابة قصيدة أو كتابة مقال، وهذا ما نفعله نحن في مؤتمراتنا كافة التي تعقد كل 3 سنوات، أو في اجتماع المكاتب التي تنعقد كل 6 أشهر في إحدى العواصم العربية، حيث نحرص على إصدار 3 بيانات أساسية، الأول: ذو طابع سياسي ويتناول القضايا الملحة على الساحة العربية مثل القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المحورية، سوريا، العراق، اليمن الشقيق، السودان وغيرها. والبيان الثاني ثقافي، يعنى بشؤون الثقافة في الوطن العربي والعالم، بينما يأتي البيان الثالث كبيان الحريّات، وهو الأهم.
وطالبت سلوى بتخليق آليات ثقافية لمواجهة المد الظلامي في المنطقة تحت شعار الإسلام السياسي بتلوناته كافة، بحيث يكون هنالك فرصة لانصهار ضروب أدبية وفنية تحت مسمى ثقافي موجه أساسًا للأجيال الشابة وصغيرة السن بهدف إحداث تيار فكري ثقافي مواجه للتيار الظلامي السائد.
عبد الرحمن علام: العالم العربي ينتظر منا الكثير
وعلى ذات الطريق سار المغربي عبد الرحمن علام عندما أعلن أنه ينتظر من المثقف العربي اليوم ومستقبلًا الكثير، على اعتبار أن الثقافة اليوم هي من المنافذ الكبيرة لتجاوز كثير من العوائق في البلدان العربية، في ظل ما تعيشه مجتمعاتنا اليوم من تفشي الإرهاب والظلامية، فلابد من إعادة الاعتبار للخطاب الثقافي، ويقول علام: إن موضوع الإرهاب يظل هاجسًا للمثقف العربي اليوم، لذا علينا بالاصطفاف الكامل لمقاومته.
د. راشد نجم النجم: علينا الالتفات إلى خطابنا التنويري
وتحدث د. راشد نجم النجم، نائب رئيس أسرة الأدباء والكتّاب البحريني الذي أكد على ضرورة مواجهة الخطاب الظلامي بخطاب تنويري، داعيًا بعض الأنظمة العربية إلى أن تتوقف عن محاولات إلغاء المثقف العربي، وهو الذي يتحمل مسؤولية مباشرة إزاء المواقف والمصائر التاريخية لشعبه، وعليه أيضًا أن يكون جزءًا من المشروع الوطني والقومي لأمته، وأن يسهم في إعادة بناء الوطن العربي وتخليصه من الكثير من المخاطر والمنزلقات والتحديات الراهنة فيما يتعلق بظهور بعض التيارات السلفية والمتعصبة، فنحن لا نريد أن نعطي صورة مشوّهة عن الأمة العربية، ولابد من التأكيد على أن ما تقوم به العصابات الإرهابية والتكفيرية لا يمت بصلة لفكرنا العربي وللدين الإسلامي؛ لذا يجب تقديم صورة بديلة وتخليص البلدان العربية من منظمات داعش والقاعدة، بالإضافة إلى ضرورة اعتبار القضية الفلسطينية هي القضية المحورية.
محمد بوحوش: نحن بحاجة لصنع واقع بديل
الكاتب والشاعر محمد بوحوش عضو اتحاد الأدباء والكتاب التونسيين، بدأ حديثه مؤكدًا على استحالة تحقق أي ثورة في الواقع ما لم تتحقق في العقول، وهذا لا يتم إلا بفعل الثقافة، وعليه، كما يقول بوحوش يحتاج المثقف العربي على وجه التحديد ونظرًا للطبيعة التي وجدت عليها المجتمعات العربية في مستوى تفاعلاتها السياسية والاجتماعية إلى صنع واقع بديل يطمح له جميع المواطنين العرب، ومن هنا تأتي خطورة وأهمية دور المثقف العربي، وإذا كان هناك اتحادات كتاب في الوطن العربي وأمانة عامة تجمعها مع بعضها البعض، فلأن هناك إحساسًا متعاظمًا حول أهمية دور المثقف في الواقع المأمول الذي نطمح إليه.
aXA6IDMuMTQyLjIxMC4xNzMg جزيرة ام اند امز