القاعدة بعد مقتل "دروكبال".. تفكيك للتحالفات الإرهابية
مقتل دروكبال يتحقق أخيرا في ظرف حاسم تجتازه القاعدة وهي تقاتل من جهة على جبهة الصراع مع حكومات المنطقة
لم تكتب الضربة التي باغتت زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبد الملك دروكبال ، نهاية القائد الذي تطلب رأسه أكثر من جهة فحسب، بل كتبت فصلا جديدا في سجل المواجهة بين دول المنطقة والإرهاب.
مساء الأربعاء الماضي، قتل عبد الملك دروكبال، من قبل طائرات فرنسية مسيرة عقبها إنزال لقوات فرنسية خاصة محمولة بمروحية، وبدعم من الطيران الحربي لقوة برخان الفرنسية وبمعلومات استخبارية أمريكية، وفق تقرير مفصل عن الحادث اطلعت عليه "العين الإخبارية".
ووفق هذا التقرير فإن مسرح العملية كان جبال أيفوغاس في منطقة حدودية بين الجزائر ومالي وحصيلتها ستة قتلى منهم عبد المالك وخمسة من مقربيه قد يكون من بينهم المسؤول الإعلامي للتنظيم توفيق شعيب، إضافة إلى استسلام أحد المرافقين دون قتال.
تحييد عبد الملك دروكبال، الذي ظل حلما يراود أكثر من دولة، يتحقق أخيرا في ظرف حاسم تجتازه القاعدة وهي تقاتل من جهة على جبهة الصراع مع حكومات المنطقة، وعلى جبهة موازية يحتدم التنافس مع تنظيم وافد جديد أكثر تشددا وعنفا، هو إمارة داعش الصحراء.
ظروف وملابسات مقتل دروكبال، طرحت في رأي مراقبين لشؤون المنطقة أكثر من علامة استفهام حول علاقة الحادث بالترتيبات التي تشهدها المنطقة للخروج من عنف زجاجة الإرهاب في ظل دعوة بعض الحكومات للحوار مع المتشددين المحليين، والنتائج المتوقعة للخطة الأمنية المشتركة بين فرنسا وبلدان المنطقة التي تمخضت عنها قمة "لابو" الأخيرة في فرنسا.
قبل أشهر، أعلنت حكومة مالي رغبتها في إجراء حوار مع بعض الحركات المحلية المتشددة في إطار المشاورات الهادفة إلى إحلال السلام بالمنطقة، وهي دعوة كانت تصطدم بفيتو "القاعدة" التي شكلت مع هذه الحركات سنة 2017 ما يعرف بـ"نصرة الإسلام"، التي يتزعمها فعليا "دروكبال".
صدفة أم استدراج
الخبير في قضايا غرب أفريقيا سماعيل ولد الشيخ سيديا يتساءل عن سبب سهولة "قنص" الرجل الخمسيني، وقدومه إلى أرض مكشوفة ويوجد بها من أعدائه أكثر من جبال منطقة القبائل التي استقر بها المقام فيها لأكثر من عقدين من الزمن.
واستعرض الخبير في منشور له بصفحته على الفيس بوك، سيناريوهات تتراوح مع احتمال وجود إشارات طرد واستدراج نحو الفرنسيين ليكونوا هم من يتولون هدر دمه مثلا، أم أن هاجس استحواذ أبي الوليد الصحراوي وهو زعيم تنظيم داعش في الصحراء الكبرى على معظم خيل ورجل تنظيم القاعدة وحلفائها في مالي كسبب آخر للانكشاف.
واعتبر ولد الشيخ سيديا أن الضربة الجديدة القاعدة تضاف إلى ضربات أخرى موجعة تلقاها التنظيم أمنيا وسياسيا في مالي خلال السنتين الماضيتين كان آخرها القبض على محمد لمرابط مسؤول الاكتتاب فيه، من قبل عناصر القوات الفرنسية الخاصة في النيجر منتصف مايو/آيار الماضي. إضافة إلى اليد الممدودة للسلام من قبل حليفيه في "نصرة الإسلام" مثل إياد آغ غالي وأحمدون كوفا مع الحكومة المالية.
ضربة أخرى تلقاقتها القاعدة يضيف الخبير ولد الشيخ سيديا وهي بروز أبو الوليد الصحراوي وهو ناشط سابق في تنظيم القاعدة (فرع تنظيم المرابطون) كزعيم لداعش في الصحراء الكبرى المنافس لتنظيم القاعدة في التكتيك والخطاب الإيديولوجي.
تفكك تحالف الإرهاب
البخاري محمد مؤمل، عميد سابق بالجيش الموريتاني، وخبير مختص في قضايا الأمن بمنطقة الساحل الإفريقي يعتبر أن مقتل زعيم ما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي، لا يشكل فحسب ضربة لقدرات التنظيم، بسبب فقد شخصية بحجم القائد، بل ربما يفكك التحالفات التي نسجها التنظيم مع بعض الحركات المتشددة الأخرى.
وأوضح الخبير الأمني، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن غياب العقل المدبر لهذا التحالف الذي تم سنة 2017 بين القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وعدد من تلك الحركات في إطار ما يعرف بجماعة "نصرة الإسلام"، من شأنه أن يكون البداية لتفكك هذا التحالف الذي يضم عدد من الحركات المحلية المتشددة.
وتوقع مؤمل أن تتجه كل جماعة من تلك الحركات إلى الاستقلال بذاتها عن بقية الكيان المتشددة بسبب غياب ما اعتبره الزعيم الروحي لهذا التحالف عبد الملك دروكبال.
ومن بين تلك القيادات التي ستنفصل عن تحالف "نصرة الإسلام" بحسب مؤمل، تلك التي يقودها إياد أغ غالي، التي تمثل الطوارق، إلى جانب الحركة الممثلة للفولان بقيادة آمادو بكوفا، معتبرا أن تلك الحركات ستجد نفسها في حل من التزاماتها السابقة ضمن هذا الكشكول الذي أسسه "دروكبال".
وكشف الخبير الأمني أن غياب زعيم القاعدة دروكبال الذي كان يعارض دعوة حكومة دولة مالي مؤخرا إلى فتح حوار مع الحركتين الممثلتين للفولان والطوارق، ربما يفتح أفقا جديدا لإحلال السلام والمصالحة في شمال مالي مع هاتين، وإنهاء حمل السلاح ضد الدولة المركزية في ماكو.
وأشار إلى أن مقتل دروكبال ستكون له تداعيات أخرى، على الصراع الذي يخبو ويثور من حين لآخر بين القاعد وتنظيم داعش في الصحراء بقيادة أبو الوليد المطلوب للأمريكيين، موضحا أنه رغم هذه الضربة الموجعة فإنه لا تزال هناك فترة قبل أن ينتهي خطر هذه الجماعات، خصوصا في ظل وجود بعض الصراعات العرقية التي تتغذى عليها تلك الحركات.
تمكنت قوات فرنسية ومالية، الجمعة، من القضاء على الإرهابي ذي الأصل الجزائري عبدالمالك درودكال، زعيم ما يسمى بتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في عملية عسكرية مشتركة شمال مالي.
وقالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي، إن "القوات الفرنسية قتلت زعيم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عبد المالك دروكدال بشمال مالي.
aXA6IDE4LjIyNS4yNTQuODEg جزيرة ام اند امز