انخدع الكثير من العامة في العالم الإسلامي لفترة ليست بالقصيرة بما يسمى "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"
انخدع الكثير من العامة في العالم الإسلامي لفترة ليست بالقصيرة بما يسمى "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، حيث كان ينظر له من قبل الكثير من البسطاء والسذّج بأنه عبارة عن كيان يجمع تحت مظلته عدداً من علماء الأمة الإسلامية، لكن هذا الكيان الذي تأسس في يوليو 2004 في المملكة المتحدة وتم تسجيله في العاصمة الأيرلندية دبلن، نعم دبلن وليس كما يعتقد الكثيرون بأنه مسجّل في قطر، كان مجرد وسيلة اتخذها تنظيم الإخوان الإرهابي وبدعم وتمويل مباشر من النظام القطري، لاستغلال الدين الإسلامي واستغلال توقير العامة في عالمنا الإسلامي لكل من يطلق على نفسه لقب شيخ أو عالم دين، لتمرير أجندة حزبية وسياسية، وخدمة جماعات إرهابية ومخططات دموية لنشر الفوضى والدمار في دولنا الإسلامية، وبالتالي عمل الاتحاد الإرهابي على إصدار الفتوى تلو الأخرى لتحقيق أهداف التنظيم العالمي للإخوان، عبر إصدار بيانات التحريض تارة والتهجم على الحكومات والأنظمة السياسية تارة والدفاع عن دول وأنظمة دون غيرها تارة أخرى.
ويحسب للدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب إدراجها لهذا الكيان ضمن قائمة الإرهاب، هذا الكيان الذي يترأسه مفتي الإرهاب يوسف القرضاوي، ويضم في عضويته الكثير من الشخصيات المحسوبة على الإخوان المسلمين، علاوة على بعض الشخصيات التي لا يربطها بالاتحاد إلا تلك العضوية التي تقبض على إثرها مبلغا دوريا يتم صرفه من خزينة "تنظيم الحمدين"، لشراء مواقف سياسية والحصول على دعم معنوي من خلال إدراج أسماء أولئك الأعضاء في كل بيان يصدر عن "اتحاد القرضاوي".
ومن أحداث ما سمّي بـ"الربيع العربي" افتضح أمر هذا الكيان، من خلال فتاوى رئيسه الإرهابي يوسف القرضاوي وعبر البيانات التحريضية التي يصدرها ضد هذه الدولة أو ذلك النظام، وهي بيانات تدعو في مجملها إلى إهدار الدماء وإزهاق الأرواح وقتل الحكام، إلّا أن الفضيحة التي عجز "اتحاد القرضاوي" أن يجد لها تبريرا هي ما كشفت عنه الوثيقة الجديدة لزعيم ومؤسس تنظيم القاعدة الإرهابي أسامة بن لادن، والتي نشرتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وجاء فيها أن "بن لادن" دعا في رسالة مكتوبة أتباعه إلى دعم ما يسمى بـ"الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين"، حيث يرى فيه بذرة لمشروع حكومة الدولة الإسلامية، وكشفت الوثيقة أن أسامة بن لادن أكد في رسالته أن قطر ستتولى دعم هذا الاتحاد ماديا ولوجستيا لتثبيته وترسيخ دوره المشبوه، وهو ما كشف عن الهدف الحقيقي الذي تم من خلاله إنشاء ما يسمى بـ"الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين".
إن تبرؤ الإخونجي الغنوشي من الانتماء لهذا الكيان الإرهابي مقدمة لتبرؤ بقية أعضائه، والكرة الآن في ملعب عملاء "اتحاد القرضاوي" ودولهم التي يحملون جنسياتها، ولهم الخيار بين الانتماء للإرهاب أو التبرؤ منه، وترك القرضاوي والقره داغي وولد الددو وغيرهم لوحدهم يحملون راية الإرهاب
لنعد سويّا بالذاكرة قليلا إلى الوراء ونحاول أن نستعرض بعضا من بيانات "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" الإرهابي، ونتعرف على المواقف التي اتخذها وهل فعلا كانت في خدمة الدين الإسلامي الحنيف؟ وهل كانت تلك البيانات والمواقف تعبّر حقا عن سماحة الإسلام وقبوله للآخر؟ وهل اتخذ هذا الكيان مبدأ الحياد في حل القضايا الشائكة التي تعترض العلاقات بين مختلف الدول الإسلامية؟، هل أسهم "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" في إطفاء نار الفتن التي تفتك بمجتمعاتنا الإسلامية؟ وهل بادر بأي حملة لإبراز الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين والدفاع عن تهم الإرهاب والقتل التي لحقت بهذا الدين الحنيف، جرّاء تلك الأعمال الإجرامية التي نفّذتها التنظيمات الإرهابية، كالقاعدة وداعش والنصرة والإخوان وحزب الله؟ هل أسهم في حملة للقضاء على الفقر والجوع والتهجير الذي يتعرض له المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها؟ هل بادر في دعم برامج التنمية والتعليم ومحاربة الأمية والجهل في المجتمعات الإسلامية؟
إن مواقف "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" الإرهابي قد اقتصرت على عدد من البيانات والمواقف التي كانت تدعو إلى الخروج على الحكام وولاة الأمر، وإلى تحريض الشعوب لإثارة الفوضى في أي دولة لا يشارك الإخوان في حكمها، في المقابل كان يدعو الشعوب إلى طاعة الحكام في قطر وتركيا وفي مصر وتونس إبّان حكم الإخوان، وما أن اختار شعبا مصر وتونس غير الإخوان للحكم حتى ثارت ثائرة اتحاد القرضاوي وخرج ببيانات وخطابات تحرّم الانتساب لقوات الأمن وتحرض على قتال الجيش المصري، وباتت تونس بين ليلة وضحاها دولة معادية للدين وللديمقراطية ورمزا للفساد بحسب وجهة نظر القرضاوي وزبانيته في الاتحاد.
هل يُعقل أن تصدر منظمة تطلق على نفسها اسم "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" بيانا في مارس 2017 تقول فيه "إن النظام الذي يدعو إليه أردوغان هو النظام الذي يتفق مع التعاليم الإسلامية، التي تجعل أمير المؤمنين أو الرئيس الأعلى هو رقم (1) في السلطة"؟، فما هي المعايير التي صنّف من خلالها - "اتحاد القرضاوي الإرهابي" - النظام الذي يدعو له الرئيس التركي بأنه النظام الذي يتفق مع الشريعة الإسلامية؟ وماذا عن بقية الأنظمة في العالم الإسلامي؟ ألا تتفق مع التعاليم الإسلامية؟ أم أن تصنيف الأنظمة بأنها إسلامية أو غير إسلامية يكون وفق ولائها ومحاباتها لتنظيم الإخوان الإرهابي؟
يبدو أن إدراج الدول الداعية لمكافحة الإرهاب "اتحاد القرضاوي" على قائمة الإرهاب قد باتت نتائجه تظهر منذ الساعات الأولى لإصدار البيان، فقد نفت حركة النهضة التونسية ذات التوجهات الإخوانية انتماء زعيمها راشد الغنوشي إلى هذا الكيان الإرهابي، وزعمت أن وجود اسمه وصورته ضمن أعضاء "اتحاد القرضاوي" على الموقع الإلكتروني إنما هو بسبب عدم تحديث الموقع.
إن تبرؤ الغنوشي من الانتماء لهذا الكيان الإرهابي مقدمة لتبرؤ العديد من أعضائه، حيث إن الكرة الآن باتت الآن في ملعب الأعضاء المنتمين لـ"اتحاد القرضاوي" ودولهم التي يحملون جنسياتها، ولهم الخيار بين الانتماء للإرهاب أو التبرؤ منه، وترك القرضاوي والقره داغي وولد الددو وغيرهم يحملون راية الإرهاب لوحدهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة