أخيراً، تم تصنيف ما يُسمى "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" جماعة إرهابية. وأقول "أخيراً" لأنها كانت خطوة يلزم اتخاذها قبل وقت طويل.
أخيراً، تم تصنيف ما يُسمى "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" جماعة إرهابية. وأقول "أخيراً" لأنها كانت خطوة يلزم اتخاذها قبل وقت طويل. وليس خافياً على أحد أن "الاتحاد" المزعوم لا هو عالمي، ولا هو لعلماء المسلمين، بل منظمة إجرامية يتربع على قمتها واحد من أسوأ من عبثوا بالدين الإسلامي الحنيف وشوَّهوه وتاجروا به، وهو يوسف القرضاوي. ربيب جماعة الإخوان الإرهابية، وصاحب فتاوى الموت التي راح في محرقتها عشرات الآلاف من الشباب المسلم الذي سقط في مهاوي التطرف، ودُمرت بها دول ومُزقت أوطان واندلعت حروب واشتعلت أحقاد وقُتل وشُرِّد ملايين العرب والمسلمين في بلاد الدنيا يستجدون المأوى والقوت.
شخصية كهذه كانت الأنسب لتلتقطها قطر، وتسلط عليها الضوء، ليستخدم كل من الطرفين الآخر في تحقيق أهدافه ومراميه. وكان إنشاء كيانات تدعي العالمية، وتزعم تمثيلها لعلماء الإسلام، وسيلة مناسبة لتحقيق الأهداف الشيطانية لكلا الشريكين. ومن هنا أنشئ "اتحاد القرضاوي"، و"المجلس الإسلامي العالمي" (مساع) الذي لا يختلف عن شقيقه، ومؤسساتٌ وهيئاتٌ ومنظماتٌ تحمل أسماء "الإسلامية" و"الخيرية"، وهي في حقيقتها خطوط إنتاج كثيف للإرهاب، فكراً وتنظيماً وتمويلاً وترويجاً وتنسيقاً بين فصائله وجماعاته التي تختلف أسماؤها، لكن نقطة التلاقي بينها دائماً كانت الدوحة، حيث تُدبَّر المؤامرات وتُحاك المكائد. ويستوي في ذلك "داعش" و"القاعدة" و"طالبان" و"جبهة النصرة" و"الإخوان المسلمون" و"حزب الله اللبناني" و"أجناد مصر" و"جند الأقصى"، وكل من يسعى في خراب الدول العربية والإسلامية متستراً بالدين. وإذا كانت صفة "العالمي" تنطبق على اتحاد القرضاوي في شيء، فهو أنه جعل نشر الإرهاب وتجنيد الإرهابيين "عالمياً"، وجعل تنفيذ العمليات الإرهابية "عالمياً" لا تسلم منه عاصمة أو دولة، كما جعل الخوف من الإسلام وكراهيته ومعاداة المسلمين مرضاً عالمياً.
هي لحظة اختيار لهؤلاء العلماء؛ فإما أن يختاروا البقاء في الكيانات الإجرامية، وهم بذلك يشاركون في دعم الإرهاب بشكل مباشر، وينطبق عليهم ما ينطبق على باقي المنتمين إلى "اتحاد القرضاوي" وإلى "مجلس المساعي الخبيثة"، وإما أن يعلنوا خروجهم؛ لأن واجبهم الديني والوطني يُحتم عليهم أن يكونوا في الجهة التي تحارب الإرهاب، وتحول دون تشويه الإسلام.
لذلك كله، أعتبرُ تصنيف "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" ضمن الجماعات الإرهابية، إجراءً متأخراً، فلقد كان رأس الحربة في التحركات القطرية لدعم الإرهاب، والغطاء الأبرز الذي خدعت به قطر كثيراً من المسلمين. و"مساع" هو أحد الأذرع القطرية المشابهة، إذ تندرج تحت "المجلس الإسلامي العالمي" - ولنضع خطاً تحت صفة "العالمي" التي تتكرر كثيراً – منظماتٌ وهيئاتٌ لا همَّ لها إلا تشويه صورة الدول العربية التي ترفض إرهاب قطر والإخوان المسلمين وذيولهما. ويضم "المجلس الإسلامي العالمي" المزعوم شذاذ الآفاق ممن ثبت- بما لا يدع مجالاً للشك- تحريضُهم على الإرهاب ومشاركتهم فيه، مثل حسن الدقي وحاكم المطيري وعبدالرحمن بن عمير النعيمي وغيرهم، وكلهم على قوائم المتهمين بالإرهاب في بلدانهم وفي بلدان أخرى، وعلى قوائم الأمم المتحدة للإرهاب أيضاً.
إن الخطوة الأخيرة من جانب دول التحالف الرباعي ضد الإرهاب تضع الأمور في نصابها، وتصيب قلب الهدف، فجوهر مشكلتنا مع قطر هو تمويلها للإرهاب ودعمها له. وأي تسامح أو تساهل مع الإرهاب أو السماح له بالنفاذ من ثغرة معينة هو خطأ قاتل، وروح الحزم والحسم التي تتعامل بها دول التحالف الرباعي ضد الإرهاب هي السبيل الوحيدة لاحتواء هذا الخطر الذي لن يسلم منه أحد، حتى قطر التي تتصور أنها تأمن شر الإرهاب بالتحالف معه واستخدامه سلاحاً ضد أشقائها.
يجب أن تعلم قطر أن آليات حصار الإرهاب المدعوم والممول منها ستستمر، وأنه لن يُسمح لها أو للكيانات الإجرامية التي تُمولها بحرية التخريب، ولن يُمكنها حماية شراذم الشر التي تجمعها من كل مكان في العالم العربي والإسلامي، لتجعل من الدوحة منطلقاً لهم ولتابعيهم لمواصلة أنشطتهم الإرهابية في كل مكان تبلغه أيديهم وحقدهم، كما هي حال المطلوبين الأحد عشر الذين تضمنتهم القائمة الأخيرة. ولا شك في أن جمع أحد عشر شخصاً من المتورطين في جرائم إرهابية هو عمل تقوم عليه أجهزة قطرية تكرس جهدها لهذا الهدف، وهو ما يسمح لها بأن تستجلب آلات القتل هذه من إرهابيي الصومال والعراق وليبيا والبحرين، ومن فلول الهاربين من مصر، وتوظفها لخدمة مخططاتها وأهدافها، بما يحتاجه ذلك من تنسيق تتدخل فيه مؤسسات رسمية متعددة، ومن عمليات استخباراتية معقدة وأموال طائلة.
ومن المهم الإشارة إلى أن المنتسبين إلى "اتحاد القرضاوي" من العلماء المسلمين لن يكونوا خارج إطار التجريم، لأن مجرد انتسابهم إليه، ولو بالاسم، يجعلهم شركاء في الجرم وفي تزيين الانضمام إلى كيان إرهابي لا تخفى جرائمه على أحد، كما أن استمرارهم في عضوية هذا الاتحاد أمر لا يمكن تبريره أو قبوله، فلدى هؤلاء العلماء من الحكمة ومن الوعي ومن المكانة ما يجعلهم أولى الناس بحساب خطواتهم، وبدحض كل الشكوك، والنأي بالنفس عن مواطن الشبهة والريب، فكيف بموضع تأكدت جرائمه بالأدلة الساطعة؟
هي لحظة اختيار لهؤلاء العلماء؛ فإما أن يختاروا البقاء في الكيانات الإجرامية، وهم بذلك يشاركون في دعم الإرهاب بشكل مباشر، وينطبق عليهم ما ينطبق على باقي المنتمين إلى "اتحاد القرضاوي" وإلى "مجلس المساعي الخبيثة"، وإما أن يعلنوا خروجهم؛ لأن واجبهم الديني والوطني يُحتم عليهم أن يكونوا في الجهة التي تحارب الإرهاب، وتحول دون تشويه الإسلام. ولنا أن نأمل خيراً؛ لأن كل الإشارات من دول التحالف الرباعي تقول إن أوان التساهل مضى، ولحظة الحساب حانت، وإنه لا مجال للمناورة أمام العابثين والمتآمرين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة