القائمة الأخيرة التي أصدرتها دول التحالف الرباعي لمكافحة الإرهاب يوم الخميس تؤكد نهجاً اعتمدته دول التحالف منذ تشكيلها تحالفها
القائمة الأخيرة التي أصدرتها دول التحالف الرباعي لمكافحة الإرهاب يوم الخميس تؤكد نهجاً اعتمدته دول التحالف منذ تشكيلها تحالفها، وهو نهج يجب التمسك به وعدم التنازل عنه، والمتمثل في أننا لا نحتاج وليس من الضروري أن تكون قوائم الإرهاب التي نصدرها معتمدة من قبل الآخرين، حتى وإن كان الآخرون هي الولايات المتحدة، أو حتى من أي طرف دولي كالأمم المتحدة، فأمننا مسألة نحن وحدنا من يحددها ويعرف مصدرها لا الآخرون، ومصادر تهديدنا نحن أيضاً من يعرفها ويلمسها ويعيشها لا غيرنا، خصوصاً أن الإجراءات التي ستتخذها دول التحالف الرباعي ضد هذه القوائم هي ضمن إجراءاتها السيادية التي ليس لأحد الاعتراض عليها.
الأمر الآخر أن الاختلاف واضح بيننا وبين الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية في تحديد العمل الإرهابي، وبالتالي تحديد المهددات لأمننا، من هي؟ وما هي؟ كذلك ما تبين في اجتماع الجامعة العربية الأسبوع الماضي، وفي التصويت الذي جرى في الأمم المتحدة على الانتهاكات الإيرانية لحقوق الإنسان، فدول شقيقة، للمملكة العربية السعودية أفضال عليها وقفت معها وساعدتها في أحلك ظروفها، بررت صمتها وعدم دعمها لها في مكافحتها للإرهاب الموجه ضدها وضد البحرين والإمارات بالرغبة في الوقوف على الحياد، معتبرين تلك المهددات الحقيقية لأمننا مجرد «خلافات ثنائية»!
بل إن العديد من الأفراد في تلك القوائم لا يعد إرهابياً في نظر الآخرين، رغم أن جرائمه تنطبق عليها كل العناصر الإرهابية، إنما لحسابات واعتبارات ومصالح لهذه الدولة أو تلك مع هؤلاء فإنهم يمتنعون عن تصنيفها إرهابياً إلى حين تنتهي تلك المصالح، وأمننا لا يمكن التهاون فيه أو التنازل عنه انتظاراً للتوقيت المناسب لتلك الدول.
لا يمكن أن ننتظر أن تتوافق معنا دول عربية أو أجنبية أو منظمات أممية، وتقتنع بتجريم أفعال من هم على قوائمنا الإرهابية حتى نتحرك، لا يمكن أن ننتظر إلى أن تهاجم تلك التنظيمات المصالح الأميركية حتى تتفق معنا أن أعمالها وممارساتها تصنف تحت بند الإرهاب، أما جرائمها في حقنا ففيها نظر
دولة كالولايات المتحدة مثلاً تتعامل دوائرها الاستخباراتية مع العديد من التنظيمات الإرهابية بعيداً عن أعين بقية الدوائر الفيدرالية، وبعيداً عن رقابة الرأي العام، حيث استغرق الأمر للسكوت عن علاقة أميركا بالقاعدة أكثر من ثلاثين عاماً إلى حين أقرت بها هيلاري كلينتون عام 2012 علناً، لتقر بأن الولايات المتحدة الأميركية هي التي ساهمت في تأسيسها منذ بداية الثمانينات، بمعنى أنها دولة على استعداد للامتناع عن تصنيف تنظيم قتل من مواطنيها المئات تصنيفاً إرهابياً إلى حين الاكتفاء من خدماته، وإلى حين تضطر اضطراراً للكشف عن العلاقة السرية التي تربطها بتلك التنظيمات، فأميركا لم تصنف «حزب الله» على أنه إرهابي، إلا عام 1997، في حين أنها تعلم أنه هو من يقف وراء تفجير بيروت عام 1983 وقتل المئات من جنودها، وكذلك الحال بالنسبة لـ«القاعدة» التي بدأت هجماتها على أهداف أميركية منذ عام 1992 في الصومال، ومن بعد ذلك عام 1993 حاولوا تفجير مركز التجارة العالمي، ثم عام 1998 فجروا سفارتي أميركا في تنزانيا وكينيا، وعام 2000 فجروا الباخرة الأميركية «يو إس كول» إلى أن وصلنا إلى عام 2001 لتقع الجريمة الكبرى في عقر دراهم أمام مرأى وسمع الرأي العام الأميركي، حينها تحركت الولايات المتحدة لتصنيفها والرد عليها على أنها منظمة إرهابية.
وها هي من جديد تتردد في تصنيف الإرهاب الذي تمارسه دولة قطر على دول التحالف لاعتبارات خاصة بمصالحها القومية، فيختلف الخطاب من إدارة إلى إدارة أميركية، ثم يختلف الرأي على تصنيف من تتعامل معهم قطر، فبعض التنظيمات تعدها أميركا إرهابية، وبعضها الآخر في نظرها هذا التصنيف فيه نظر، وهذا التفاوت قياساً بما يضر مصالحها وأهدافها وتوقيتها المناسب، وهذا «الوقت» لا نملكه، فنحن الذين نحدد من يهدد مصيرنا وكياننا، ونحن نحدد التوقيت المناسب لأمننا لتصنيف تلك التنظيمات والمؤسسات والأفراد لنتخذ في حقها الإجراءات التي تناسبنا، إذ إننا نحن من نخوض حرب بقاء وليس أحد آخر، ولنا الحق كل الحق في اتخاذ ما يلزم لحفظ أمننا والقضاء على مهدداته.
لذلك لا يمكن أن ننتظر أن تتوافق معنا دول عربية أو أجنبية أو منظمات أممية، وتقتنع بتجريم أفعال من هم على قوائمنا الإرهابية حتى نتحرك، لا يمكن أن ننتظر إلى أن تهاجم تلك التنظيمات المصالح الأميركية حتى تتفق معنا أن أعمالها وممارساتها تُصنف تحت بند الإرهاب، أما جرائمها في حقنا ففيها نظر!
خصوصاً أن الإجراءات التي ستتخذها الدول الأربع في حق من هم على قوائمها، سواء كانت مقاطعتها أو استصدار مذكرات اعتقال بحقها لمحاكمتها على جرائم يدينها القانون الوطني، هي حق من الحقوق السيادية.
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة