"الطابونة".. تراث قديم أحيته أزمات المعيشة والغلاء في لبنان
دفعت الأزمات المعيشية التي يمر بها لبنان إلى إعادة إحياء تراث قديم اندثر، وهو "الطابونة" التي تستخدم في إعداد الخبز والمناقيش.
فمع ارتفاع أسعار المحروقات والغاز وجد اللبنانيون في "الطابونة" وسيلة للتوفير كونها تعتمد على الحطب لإشعال النار، ما يدفع البعض لاستخدامها حتى في طهي الطعام.
الممرض طارق فواز أحد الذين يساهمون في إحياء هذا التراث، يشير في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إلى أنه في البداية اعتبر الأمر تخليداً لذكرى صديقة والدته الفلسطينية التي كانت ترغب في تعليمه صناعتها، وحاولت أن تنقل له أسرارها قبل أن توافيها المنية.
ويضيف طارق: "العام الماضي قررت أن أعد واحدة بمساعدة والدي وقد نجحنا، وعندما داهمت الأزمة الاقتصادية لبنان وارتفع سعر الغاز إلى حدود قياسية بدأ الطلب عليها من قبل معارفي قبل أن تتوسع دائرة الراغبين باقتنائها".
وتتم صناعة "الطابونة" من التربة البيضاء والتبن إضافة إلى شبك حديدي بين طبقات التربة، وصاج حديدي في أرضية الفرن وهي تستخدم كما قال ابن بلدة شحيم "لإعداد جميع أنواع الخبز، وكذلك طهي الأطعمة، مع التشديد على أن المأكولات التي تخرج منها صحية كونها لا تعتمد على الغاز والمازوت بل الحطب".
على الرغم من أن طارق (35 سنة) يمارس مهنة التمريض إلا أن الوضع في لبنان، كما يقول، يحتاج إلى العمل في أكثر من مجال لتأمين حياة كريمة، ومن هنا كانت صناعة الطابونة باب رزق جديد إضافة إلى كونها هواية".
ويضيف: "عندما أتلقى اتصالاً من زبون أتوجه إلى المكان الذي يريد إنشاء الطابونة فيه، أعاينه لأبدأ العمل عليها حيث أنها تحتاج بين يوم ويومين لإنجازها ونحو 10 أيام لجفاف المواد المستخدمة كي تصبح جاهزة للاستعمال".
أهم ما يميز الطابونة، كما قال طارق، إضافة إلى توفير الطاقة هو "الشكل الجميل لها كموقد وإتاحة الفرصة لاجتماع العائلة والجلوس أمامها، كما أن من يتخذ صناعتها كمهنة لا يحتاج إلى امتلاك أو استئجار محل لتصنيعها حيث يتم إنشائها مباشرة في المكان الذي يقرره الزبون".
وختم طارق بالقول: "هذه الثقافة القديمة تذكرنا بأيام الماضي الجميل الذي أخبرنا عنه أجدادنا، حيث كانت المحبة تنتشر بين الناس والخير يعم الجميع وما أحوجنا في هذه الأيام إلى ذلك".