"العين الإخبارية" تنشر تفاصيل الاتفاق السياسي بالسودان
اتفاق المجلس العسكري الانتقالي وقوى التغيير يؤسس لنظام برلماني للحكم، وسط تعهد من الأطراف الموقعة على احترامه والالتزام بما جاء فيه.
أيام كـ"سم الخياط" مر من خلالها ممثلو المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير، قبل التوصل إلى اتفاق سياسي محدد لهياكل الحكم بالسودان، خلال الفترة الانتقالية.
اتفاق يؤسس لنظام برلماني للحكم، وسط تعهد من الأطراف الموقعة على احترامه والالتزام بما جاء فيه.
وفي حضور الوساطة الأفريقية الإثيوبية، وبعد 12 ساعة من التفاوض، أرجأت الأطراف النقاش، حول وثيقة الإعلان الدستوري التي تحدد صلاحيات ومهام أجهزة الحكم إلى يوم الجمعة المقبل.
مبادئ عامة
خصص الاتفاق السياسي، الفصل الأول، للمبادئ العامة، حيث اتفق الطرفان على قدسية مبدأ السيادة الوطنية ووحدة التراب السوداني والوحدة الوطنية لهذا البلد بكل تنوعاته.
ويتعامل الطرفان بمبدأ الشراكة وحسن النية والكف عن الخطاب العدائي والاستفزازي، على أن يلتزم كلاهما بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والقيم التقليدية للشعب السوداني.
كما تم الاتفاق على مبدأ تسوية جميع الخلافات التي قد تطرأ بالحوار والاحترام المتبادل.
الترتيبات الانتقالية
أما الفصل الثاني من الاتفاق فتم تخصيصه للترتيبات الانتقالية، وتحديد نسب تقاسم السلطة بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير.
واتفق الطرفان على أن يشكل مجلس السيادة من 11 عضواً، 5 عسكريين يختارهم المجلس الانتقالي و5 تختارهم قوى إعلان الحرية والتغيير، ويضاف إلى هؤلاء الـ10 شخصية مدنية يتم اختيارها بالتوافق بين الطرفين.
ويترأس أحد الأعضاء العسكريين مجلس السيادة 21 شهراً، ابتداءً من تاريخ التوقيع على الاتفاق، بينما يترأسه الـ 18 شهراً المتبقية أحد الأعضاء المدنيين بالمجلس، وذلك خلال المدة الإجمالية المحددة بـ3 سنوات.
بينما ترك تحديد صلاحيات ووظائف وسلطات مجلس السيادة للمرسوم الدستوري الذي تم إرجاء مناقشته ليوم الجمعة.
وحول مجلس الوزراء، اتفق الطرفان على أن تختار قوى إعلان الحرية والتغيير اسم رئيس الوزراء للحكومة المدنية، وفق الشروط الواردة بالمرسوم الدستوري.
وبحسب الاتفاق، يتشكل مجلس الوزراء من شخصيات وطنية ذات كفاءات مستقلة لا يتجاوز عددها الـ20 وزيراً بالتشاور يختارهم رئيس مجلس الوزراء من قائمة مرشحي قوى إعلان الحرية والتغيير، عدا وزيري الدفاع والداخلية اللذين يعينهما المكون العسكري بمجلس السيادة.
وأضاف الاتفاق: "ولرئيس مجلس الوزراء أن يرشح استثناءً شخصية حزبية ذات كفاءة أكيدة لممارسة مهمة وزارية".
كما يحدد المرسوم الدستوري الانتقالي المنتظر مناقشته والاتفاق حوله لاحقاً صلاحيات وسلطات مجلس الوزراء.
ونص الاتفاق على حرمان من يشاركون في المجلس السيادي أو الوزراء من الترشح في الانتخابات اللاحقة للفترة الانتقالية.
وأورد النص: "لا يجوز لمن شغل منصباً في مجلس السيادة أو مجلس الوزراء أو ولاة الولايات أثناء الفترة الانتقالية الترشح في الانتخابات التي تلي الفترة الانتقالية".
مجلس تشريعي ولجنة تحقيق
وعلى الرغم من حسم الاتفاق لجميع النقاط الخلافية إلا أنه أرجأ مناقشة الخلاف حول المجلس التشريعي إلى مرحلة مقبلة، واكتفى الأطراف باحتفاظ كل منهما بموقفه فيما يتعلق بالنسب في المجلس التشريعي الانتقالي.
واتفق الطرفان على أن تُرجأ المناقشات بشأن تشكيله إلى ما بعد تكوين مجلسي السيادة والوزراء، على أن يتم ذلك في فترة لا تتجاوز 3 أشهر من تكوين مجلس السيادة.
وإلى أن يشكل المجلس التشريعي الانتقالي، تؤول سلطاته المرتبطة بسن مشروعات القوانين إلى مجلس الوزراء وتجاز من قبل مجلس السيادة.
ونص الاتفاق السياسي على تشكيل لجنة تحقيق وطنية مستقلة في أحداث العنف التي وقعت في الثالث من يونيو/حزيران 2019 وغيرها من الأحداث والوقائع التي تمت فيها خروقات لحقوق وكرامة المواطنين مدنيين أو عسكريين كانوا.
مهام المرحلة الانتقالية
وبخصوص وضع السياسة والمنهج الفعال لتحقيق السلام الشامل في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، أكد الاتفاق على التشاور مع الحركات المسلحة كافة.
ويعمل الاتفاق على بسط عملية السلام الشامل في مدة لا تتجاوز 6 أشهر من تاريخ التوقيع عليه.
ويعتمد مجلس الوزراء خطة اقتصادية ومالية وإنسانية عاجلة لمواجهة التحديات الناجمة عن الأوضاع الراهنة.
المساندة الدولية
الطرفان اتفقا كذلك على دعوة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوربي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وكافة الدول الشقيقة والصديقة لحشد الدعم القوي الاقتصادي والمالي والإنساني لتطبيق هذا الاتفاق ومساندة السلطات الانتقالية من أجل النجاح التام لمهامها ووظائفها المختلفة.
ويدعو الاتفاق الدول الصديقة للعمل على المساعدة في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع العقوبات وإعفاء الديون، على أن تخضع هذه المساندة لمبدأ الشراكة البناءة بين الخرطوم وكافة الشركاء في إطار الاحترام التام لسيادة هذا البلد، وعدم التدخل في شؤونه مهما كان الشريك ومهما كان موضوع الشراكة.
تطلعات الشعب
ويشدد العسكري الانتقالي وقوى التغيير على أن هذا الاتفاق يأتي استلهاماً لنضالات الشعب السوداني الممتدة عبر سنوات النظام الديكتاتوري البائد، منذ استيلائه على السلطة وتقويضه للنظام الدستوري في الثلاثين من يونيو/حزيران 1989.
ويستطردا "كما يأتي إيماناً بثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 المجيدة التي انتظمت أرجاء البلاد لاقتلاع النظام البائد، ووفاءً لأرواح الشهداء الأبرار وإقراراً بحقوق كافة المتضررين من سياسات نظام الإنقاذ".
وبحسب الوثيقة التي أطلعت عليها "العين الإخبارية" يمثل الاتفاق استجابةً لتطلعات الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة وتحقيق الديمقراطية وبناء الدولة الوطنية ذات السيادة وفق مشروع نهضوي متكامل وإرساء مبادئ التعددية السياسية.
ويهدف الاتفاق لتأسيس دولة القانون التي تعترف بالتنوع وترتكز على المواطنة أساساً للحقوق والواجبات وإعلاء لقيم العدالة الاجتماعية والعدل والمساواة وحفظ كرامة الإنسان ومساواة الرجال والنساء في الحقوق والواجبات.
ويتوجه الحكم في المرحلة المقبلة نحو تعزيز النمو الاقتصادي بما يحقق الرفاهية والرعاية للجميع، وتوطيد التوافق الاجتماعي وتعميق التسامح الديني والمصالحة الوطنية، واستعادة وبناء الثقة بين أهل السودان جميعاً، وفقاً للاتفاق نفسه.
وشدد على تحقيق أهداف إعلان الحرية والتغيير المتوافق عليها بين الأطراف لتصفية نظام الثلاثين من يونيو/حزيران 1989، وإنفاذ تدابير العدالة الانتقالية ومكافحة الفساد واستعادة الأموال العامة المنهوبة، وإنقاذ الاقتصاد الوطني وتحقيق العدالة الاجتماعية ودولة الرفاه والرعاية الاجتماعية وإصلاح أجهزة الدولة والخدمة العامة.
يشار إلى أن المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير وقعا على الوثيقة الأولى من الاتفاق السياسي بينهما، بعد جلسة تفاوض "ماراثونية" استمرت لأكثر من 12 ساعة.
واعتبر الوسيط الأفريقي للسودان، محمد الحسن ولد لبات، الأربعاء، أن توقيع المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير للوثيقة الأولى من الاتفاق السياسي، يشكل نقطة حاسمة في إطار التوافق بين الطرفين.
وفي الخامس من يوليو/تموز الماضي، توصل المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير إلى اتفاق لتشكيل هياكل السلطة الانتقالية عقب وساطة مشتركة ناجحة قادها الاتحاد الأفريقي وإثيوبيا التي أنهت أشهراً من التوتر.
aXA6IDE4LjExNi44Ni4xNjAg
جزيرة ام اند امز