قصة صاحبة مقبرة "زعماء الجزائر".. ثرية دُفنت بين الأهالي
كثيرة هي القصص الغريبة في التاريخ الجزائري والمليئة بالنهايات "غير المتوقعة"، بل هي سيناريوهات سينمائية "حقيقية" وليست من وحي الخيال.
ومن بين القصص الغريبة وربما المؤثرة والمعبرة في تاريخ الجزائر، توجد قصة "مقبرة العالية" التي تعتبر أشهر مقبرة في الجزائر، أو بالأحرى قصة "صاحبتها" التي وهبتها لكنها دفُنت في مقبرة أخرى.
- ضريح إيمدغاسن.. سر أمازيغي عمره 2300 سنة يجذب السياح للجزائر
- لعشاق السياحة العلاجية.. هل زرت الحمامات المعدنية في الجزائر؟
ومقبرة "العالية" تُعرف بأنها المكان المخصص لدفن رؤساء الجزائر وكبار مسؤوليها وكذا عدد من شهداء المقاومات الشعبية والثورة التحريرية ضد الاحتلال الفرنسي، وتسمى أيضا بـ"مربع الشهداء".
ويرقد في مقبرة العالية جثامين رؤساء الجزائر، وهم أحمد بن بلة، هواري بومدين، الشاذلي بن جديد، محمد بوضياف، علي كافي، وعبد العزيز بوتفليقة، بالإضافة إلى "الأمير عبد القادر" وهو مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة وقائد أول مقاومة شعبية ضد الاحتلال الفرنسي في 1830، بالإضافة إلى عدد من القادة عسكريين وسياسيين.
"السيدة العالية"
المقبرة سُميت على اسم سيدة جزائرية تنحدر من قبيلة أولاد نايل، ولدت عام 1891 وتوفيت سنة 1932، كانت سيدة غير كل السيدات بحسب الدراسات التاريخية.
فهذه السيدة واسمها الكامل "عالية حمزة"، كانت امرأة صالحة وزاهدة في حياتها، التي كرستها لخدمة الفقراء واليتامى، واشتهرت بكونها من أغنى سيدات الجزائر.
حيث وهبت قطعة أرض من أملاكها الخاصة كمقبرة لدفن الموتى المسلمين في عهد الاستعمار الفرنسي للجزائر وتحديدا عام 1930، وبعد استقلال الجزائر سُميت المقبرة على اسمها، وتقدر مساحتها بنحو 800 ألف متر مربع.
ومن سوء حظها، أنها كانت عاقرا ولم تنجب أولادا من زوجها "كرميش محمد" الذي كان يعمل مدرسا للغة العربية، ورغم حرصها على ارتداء الملابس غالية الثمن والمجوهرات، إلا أنها كانت تحرص دائما على إقامة الولائم للفقراء والمساكين، وتقتني لهم الألبسة، وهو ما جعلها تحظى باحترام وتقدير كبيرين عند الجزائريين، حتى أن منزلها كان مقصدا لكل فقير ومحتاج.
ومن غرائب الصدف، أن "السيدة العالية" التي منحت أرضاً وقفاً كمقبرة في العاصمة والتي تنحدر من منطقة "أولاد نايل" التي تجمع محافظتي المسيلة والجلفة، إلا أن قبرها يتواجد بمنطقة "سور الغزلان" بمحافظة البويرة، ولم تحدد الأبحاث التاريخية أسباب دفنها في هذه المنطقة تحديدا، ومكتوب عليه "ضريح ولية صالحة".
روايات كثيرة
وكثيرة هي الروايات التي يرويها العارفون بهذه المقبرة عن حقيقة صاحبتها، وتذكر بعض الروايات أنها توفيت مسمومة بعد عودتها من الحج، وأن أهلها هم من وضعوا لها السّم في الأكل للسيطرة على أملاكها الكبيرة.
غير أن الغريب هو أن قبرها لا يوجد في المقبرة التي وهبتها، بل في مسقط رأسها بمنطقة "سور الغزلان"، وكُتب عليه "الولية الصالحة العالية حمزة"، لكن وفق روايات بقيت غير مؤكدة.
قد يبدو الأمر غريبا نوعا ما، لأن المقابر في الجزائر تبقى بعيدة عن الأحياء السكنية، إلا مقبرة العالية، التي يحيط بها من كل صوب أحياء سكنية، وكأن الأهالي يتبركون بتلك المقبرة أو بصاحبة المقبرة.
وهو ما يجعلها جارا غريباً وغير مألوف عند الكثيرين وفق ما يرويه سكان المناطق القريبة منها.
ورغم ذلك، فإن الدراسات التاريخية لم تعط للعالية حقها، وقليل من الجزائريين يعرفون قصة هذه المرأة الفاضلة وقصة حياتها.
ومع ذلك، فإن العارفين بقصة هذه المرأة يؤكدون بأنها "كانت نموذجا للمرأة الجزائرية الحنونة والمعطاءة"، ورغم "ثرائها الشديد" إلا أنها كانت مأوى ومقصدا لكل باحث عن مأوى وكل محتاج أو فقير.
aXA6IDMuMTQ1LjgxLjI1MiA= جزيرة ام اند امز