لعشاق السياحة العلاجية.. هل زرت الحمامات المعدنية في الجزائر؟
يعتبرها قاصدوها "ملاجئ للعلاج الطبيعي" من عدة أمراض، هي الحمامات المعدنية المنتشرة في الجزائر.
ولعل تلك الحمامات المعدنية من أكثر الأماكن التي يقصدها الجزائريون بمئات الآلاف وربما أكثر سنوياً، لما يرون فيها من "مستشفيات مائية طبيعية" تعالج "أمراضاً عضوية وحتى نفسية".
- ضريح إيمدغاسن.. سر أمازيغي عمره 2300 سنة يجذب السياح للجزائر
- أهم المعالم السياحية في الجزائر.. آثار وقصور ومزارات طبيعية و"أهرامات"
وأكثر قاصديها من كبار السن الذين يبحثون عن علاج لأمراضهم المزمنة على رأسها "الروماتيزم" والتهاب المفاصل، وكذا مزارات للراحة والاستجمام النفسييْن، كون تلك الحمامات المعدنية توفر لزائريها ما يشبه "المنتجعات السياحية" وبأسعار منخفضة.
المنابع الجوفية
وتسبح الجزائر على أكثر من 200 منبع لما يسمى بـ"المياه الحموية الجوفية"، والتي تكون ساخنة على مدار العام، حتى إن معظمها تبقى درجة حرارتها مرتفعة وسط الثلوج التي تشهد انخفاضاً كبيرا في درجات الحرارة.
وتحولت معظم تلك المنابع إلى "منابع قابلة للاستغلال كمحطات حموية عصرية"، وتم الاستثمار فيها بعد أن أقيم في معظمها "مراكز للمعالجة بمياه البحر"، وأخرى "للعلاج بمياه البحر".
أما أهم ما يجذب الجزائريين للحمامات المعدنية هي "المعالجة بمياهها"، خصوصا الذين يعانون من أمراض جلدية أو التهاب المفاصل.
وتستعرض "العين الإخبارية" في هذا التقرير، أشهر 7 حمّامات معدنية في الجزائر، بعضٌ منها لها أسماء غريبة.
"الصالحين 1"
يسمى "حمّام الصالحين"، ويقع بمحافظة خنشلة الواقعة شرقي الجزائر، وتحديدا ببلدية "الحامّة"، ويعد أقدم حمّام معدني في الجزائر.
حيث تفيد دراسات تاريخية استنادا إلى منقوشات مكتشفة بالحمّام المعدني إلى أن تشييده كان عام 69 ميلادي، خلال فترة حكم الإمبراطور الروماني "تيتوس فلافيوس فسباسيانوس"، وتفيد أيضا الدراسات بأنه كان مركز لاسترخاء الجنود الرومان بعد عودتهم من المعارك.
وبه مسبحان، واحد "روماني" محاط بالأعمدة، ومسبح دائري، بالإضافة إلى 3 غرف تحوي كل واحدة منها 4 برك مائية صغيرة.
"الصالحين 2"
حمّام معدني آخر بالاسم ذاته غير بعيد عن محافظة خنشلة، ويقع في ولاية بسكرة في الجنوب الشرقي من الجزائر، ويعد من بين أكثر الحمامات المعدنية التي يقصدها الجزائريون، ويعود تاريخه أيضا إلى فترة الرومانيين وفق روايات تاريخية، رغم أن البعض منها تشكك في وصول الرومان إلى بوابة الصحراء الجزائرية.
ويعزو الأخصائيون ذلك إلى خصوصياته البيئية ومياهه المعدنية التي يقال إنها "تقدم فرصاً للشفاء من عدة أمراض"، حتى إن الأطباء المختصين في العلاج الطبيعي ينصحون مرضاهم بالذهاب إليه.
ويؤكد أخصائيون جزائريون بأن مياه "حمّام الصالحين" "لها قدرة عجيبة" على الشفاء من بعض الأمراض المزمنة، نظرا لاحتوائها على الكبريت والصوديوم والكلور.
وهي العناصر التي أثبتت الأبحاث العلمية بأنها تساهم في علاج عدة أمراض مزمنة من بينها "الروماتيزم" وأمراض جلدية وتنفسية.
"قرقور"
"حمّام قرقور" يقع في محافظة سطيف (شرق)، وهو مصنف "الثالث عالمياً" بعد حمامات ألمانيا وتشيكولوفاكيا سابقاً، وتقدر سرعة تدفق الماء به 8 لتر في الثانية وبدرجة حرارة 48 درجة مئوية.
وعن سر تسميته، يذكر أهالي المنطقة بأنه يعني "ذلك الصوت النابع من حركة الماء انطلاقاً من جوف الأرض" عندما يضع الإنسان أذنيه على سطح الأرض فإنه يسمع "قرقرة".
وهو أيضا من أكثر الحمّامات المعدنية التي يقصدها الجزائريون في كل فصول العام، خصوصاً للمصابين بالأمراض الجلدية والتنفسية وأمراض العيون وحتى بعض أمراض النساء.
وبه مركز للعلاج في مجال التأهيل الحركي والوظيفي للمشلولين، وكذا للتدليك الطبي، والعلاج بالذبذبات الكهربائية، وأكدت أبحاث فرنسية سابقة بأن مياهه تحتوي على إشعاعات نووية.
"الدَّبَّاغ" أو "المسخوطين"
من أغرب أسماء الحمامات المعدنية في الجزائر وأكثرها طرافة، "المسخوطين" ويقع في محافظة قالمة الواقعة في الشمال الشرقي من الجزائر.
و"المسخوط" كلمة في الدارجة الجزائرية، وتعني الشخص الذي يعاني من عدة أمراض، وتطلق عادة لذم شخص أو لتوصيف حالته المتردية.
غير أن أسطورة قديمة ترجع سبب تسميته بـ"المسخوطين" إلى كلمة "مسخوط" التي تعني في التاريخ الجزائري القديم أن "الصخور المتواجد في ضواحي الحمّام المعدني والقريبة من شلال هم أشخاص مسخوا أو تحولوا إلى حجارة بسبب كفرهم وتعديهم على حدود الله".
"ريغة"
حمّام "ريغة" يقع في محافظة عين الدفلى الواقعة وسط الجزلئر، وتبلغ مساحته 16 هكتارا، وتصنف مياهه كأحسن أنوع المنابع العلاجية والتي تصل درجة حرارتها إلى 68 درجة مئوية في المنبع، وتنبع من جبال "زكار".
وتحتوي مياه حمّام "ريغة" على الكثير من المعادن، من بينها الحديد والكبريت وكبريتات الكالسيوم، وهي المعادن التي تساعد في علاج أمراض العظام والجلد.
"ملوان"
حمّام "ملوان" يقع بمحافظة البليدة وسط الجزائر، وتوصف منطقته بـ"الطبيعة العذراء"، بالنظر إلى تواجده وسط جبال "ملوان"، والتي تعتبر أيضا من أكثر المقاصد السياحية للجزائريين خصوصاً في فصل الشتاء.
"بوحنيفية"
في غرب الجزائر، توجد أيضا الكثير من الحمامات المعدنية، ومن أشهرها "بوحنيفية" الواقع في محافظة معسكر، وهي مسقط "الأمير عبد القادر" مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، وزعيم أول مقاومة شعبية ضد الاحتلال الفرنسي.
واللافت أن هذا الحمّام المعدني يستقطب أسبوعياً نحو 150 ألف زائر من مختلف محافظات الجزائر، حيث يشتهر بكونه مركزا مزودا بتجهيزات طبية حديثة و أطباء مختصين في مجال العلاج بالمياه المعدنية.
ومن أكثر الأمراض التي يقال إن حمّام "بوحنيفية" يسهم في علاجها، يوجد الروماتيزم وأمراض الجلد مثل الطفح الجلدي وحتى الشلل.
وكذا أمراض الأنف والأذن والحنجرة، وأمراض الحساسية، وتصلب الشرايين، بالإضافة إلى آثار الحروق والالتهاب الرئوي المزمن، وحتى أمراض الجهاز البولي.