"بيوت النمل".. العمارة الإسلامية والعالمية في منتجع جزائري
تمكن المنتجع السياحي "عش النمل" في العامين الماضيين من جلب مئات الزبائن والسياح، لدرجة وصلت إلى تعليق الحجز لفترات نتيجة التوافد الكبير.
كثيرة هي الفنادق على مختلف أنواعها بالجزائر، لكن من النادر أن تجد فندقاً غريباً وفريداً في هندسته المعمارية.
على بعد 470 كيلومتراً غربي العاصمة، يقع أغرب فندق بالجزائر، وتحديداً في منطقة "بوزجار" التابعة لولاية "عين تيموشنت"، ويأتي على شكل "بيوت النمل".
الفندق لا يعلم عنه الجزائريون الكثير، بل إن كثيرا منهم "كذّب" صوره المتداولة عبر منصات التواصل، وأرجعوا وجوده إلى دولة أخرى، إلا أن الحقيقة أنه فندق جزائري وبهندسة معمارية مزجت بين العمارة الإسلامية والعالمية.
الفندق عبارة عن قرية سياحية تبلغ مساحتها 30 هكتاراً تقع بين محافظتي عين تيموشنت ووهران، يطلق عليها بعض التسميات، بينها "عش النمل" و"قرية النمل"، وهي التسميات التي لم يخترها صاحب المنتجع مكي إبراهيم.
من درجة انبهار الزبائن بالمنتجع، أطلقوا عليه تلك المسميات مستمدين ذلك من البرامج الوثائقية والرسوم المتحركة العلمية التي تصور تجمعاً لبيوت النمل بذلك الشكل.
فكرة سويسرية
انجر مشروع المنتجع السياحي "بوزجار" عام 2016، ليكون نموذجاً سياحياً فريداً في الجزائر وأفريقيا، اختار صاحبه موقعاً استراتيجياً جاذباً للسياح، إذ يتوسط سلسلة جبلية "لا تغيب عنها الثلوج" خلال فصل الشتاء.
ولم يكن صدفة اختيار ذلك الموقع، فقد سعى مكي إبراهيم لاستنساخ ذات التجربة في سويسرا ليطبقها في بلاده، إذ صنف التصميم الأولي على أنه "براءة اختراع" معترف بها دولياً، ليحصل على حق إنشاء فندق مشابه له بالجزائر.
وتعد الجزائر 4 دولة في العالم تحصل على حق الاعتماد على المخطط الهندسي بعد كل من سويسرا وفرنسا والولايات المتحدة.
غير أن صاحب مشروع "عش النمل" السياحي، اختار أن يضفي لمسة من هوية الجزائر على تصميم المهندس المعماري العالمي دانيال جراتالو، ليمزج ذلك الفن العالمي بهندسة عربية إسلامية تزيد من راحة زواره.
ويعود سبب موافقة المهندس الفرنسي "جراتالو" على منح رخصة إنشاء فندق مماثل بالجزائر إلى أن إبراهيم مكي كان طالباً عنده، وكانت ثقته الكبيرة في طالبه بمحلها، بأن أضفى على تصميمه الطابع المعماري العربي الإسلامي.
ويعمل صاحب المشروع على توفير امتيازات أخرى للسياح، بإنشاء حديقة ألعاب مائية، ومركز خاص للعلاج بمياه البحر، مستفيداً من اقتراب شاطئ "بوزجار" الخلاب، كما يوفر لزواره حوض سباحة وملعباً لكرة القدم.
واهتم الفندق أيضا بتكوين عماله في الفندقة والإعلام السياحي والطبخ الجزائري والغربي، ليجمع بكل ذلك خصوصيات مستوحاة من البيئة الجزائرية وثقافتها وأصالتها ومحيطها الأورومتوسطي.
نموذج فريد
قد "يرتبك" زائر المنتجع السياحي للوهلة الأولى وهو يدخل تلك المنطقة، فقد يخيل له أنه سيضيع بين تلك المنازل الصغيرة، ويستغرب إن كان في فندق أو مجموعة فنادق، لاحتوائه على 180 غرفة متناثرة بشكل منظم.
فقد صمم الفندق بغرف مستقلة تشبه بيوت النمل، بفضاء دائري في الداخل، وبه أيضا عدد 2 مطبخ، كل منهما تم تجهيزه بكل عتاده، وأحدهما مفروش بـ"جلسة جزائرية" لمن يريد الجلوس حول مائدة الغداء أو العشاء كما في منازل الجزائريين.
ووضع صاحب المشروع غرف الفندق تحت تصرف زبائنه بين الفردية والثنائية والمخصصة للعائلات، وخصص بكل واحدة فيها شرفة كبيرة تمنح للزائر إطلالة تأمل على جمال المنطقة، تزيد من استرخائه وراحته.
وتمكن المنتجع السياحي في العامين الماضيين من جلب مئات الزبائن والسياح، لدرجة وصلت إلى تعليق الحجز لفترات نتيجة التوافد الكبير للجزائريين على "فندق عش النمل"، بينهم مغتربون.