"الدغمة".. سلالة غنم نادرة تقاوم الانقراض بالجزائر
ثروة حيوانية هائلة توجد بالجزائر يتربع على عرشها مختلف أنواع الأغنام، إلا أن واحدا منها يصارع البقاء ويقاوم الانقراض.
"الدغمة" التي عرفتها أجيال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي صورة منقوشة في العملة الجزائرية "الدينار" من فئة 20 سنتيماً النقدية، والتي كان يسميها الجزائريون بـ"4 دورو" فصيلة تقاوم الانقراض.
- 9 عادات فريدة لأمازيغ الجزائر بعيد الأضحى.. أغربها "التخضيب بالدم"
- "بربوشة الكتف".. وجبة أمازيغية بالجزائر لثاني أيام عيد الأضحى
سلالة نادرة من الأغنام وتعد من أفضل سلالات الغنم في العالم وموطنها الأصلي الجزائر، وكما عانت في القرن الـ19 من "تهريب" الاحتلال الفرنسي، فهي لا تزال تقاوم الوجود منذ أكثر من 4 عقود.
وتحصي الجزائر، وفق إحصائيات رسمية، نحو 28 مليون رأس غنم، وأكثر من مليون رأس بقر، و5 ملايين رأس ماعز، وأكثر من 50 ألف رأس من الخيول بمختلف سلالاتها.
السلالة "المهربة"
وعشية عيد الأضحى من كل عام "يتحسر" الجزائريون على غياب واحدة من أفضل أنواع الأغنام في العالم وهي "الدغمة".
و"الدغمة" سلالة غنم موطنها الأصلي مدن غرب الجزائر، وظهرت من محافظة "النعامة" منذ مئات السنين، وانتقلت بعدها إلى محافظات أخرى وهي البيض، وسعيدة، والنعامة، وتلمسان، وبشار.
وكانت سلالة "الدغمة" من بين ضحايا الاحتلال الفرنسي للجزائر (1830-1962)، الذي باشر عمليات "تهريبه" من الجزائر نحو فرنسا في السنوات الأولى لاحتلالها الجزائر.
وتؤكد الأبحاث والدراسات التاريخية أن الاحتلال الفرنسي دشن خطا للسكك الحديدية خصيصاً لتهريب "الدغمة"، وبدأها من محافظة بشار إلى غاية منطقة المحمدية في الجزائر العاصمة، وهرّب أعداداً ضخمة منها عبر الميناء.
وعقب نيل الجزائر استقلالها عن الاحتلال الفرنسي عام 1962 قررت تسمية طريق في العاصمة باسم ""طريق الخرفان Route Moutonnière".
وتسميته بذلك جاءت لحادثة تاريخية شهدها هذا الطريق خلال فترة الاحتلال الفرنسي، حيث كان "شاهدا على حادثة مرور أكثر من 2 مليون رأس غنم من سلالة الدغمة" نهبها جنود الاحتلال من منطقة "المشرية" التابعة لمحافظة النعامة في الجنوب الغربي من البلاد، وساقتها نحو ميناء الجزائر العاصمة، لتنقلها بعدها إلى مدينة مرسيليا الواقعة في الجنوب الفرنسي.
مميزات نادرة
ويصف مربو المواشي في الجزائر سلالة "الدغمة" بـ"السلالة الاقتصادية"، ويعتبرونها "صديقة الموّال" في إشارة إلى مربي المواشي.
ويعزون ذلك إلى أن سلالة "الدغمة" "تكتفي بالمرعى فقط" عكس الأنواع الحالية من الغنم التي تتطلب كميات كبيرة من الأعلاف.
"الدمغة" أيضا سلالة "ولاّدة" وفق الأخصائيين في البيطرة، إذ إنها تنجب بين خروفين إلى 4 خراف كل 14 شهرا، خصوصاً إذا كانت في بيئتها الأصلية.
حماية من الانقراض
ولا توجد إحصائيات رسمية في الجزائر عن عدد رؤوس سلالة "الدغمة"، إلا أن المؤكد أنها باتت "تواجه الانقراض".
وخلال الأعوام الأخيرة أطلقت مجموعة من مربي المواشي غرب الجزائر حملات لمنع انقراض سلالة "الدغمة"، والحفاظ عليها وإعادتها إلى عهدها السابق.
وخلال يونيو/حزيران الحالي، أطلق "المركز الجهوي للتلقيح الاصطناعي وتحسين السلالات" بمنطقة "بلحنجير" التابعة لمحافظة النعامة (ولاية النعامة) برنامجاً "لتحسين تكاثر سلالة الأغنام المحلية الدغمة والحفاظ على خصائصها الوراثية".
وتقرر إنشاء مشتلة خاصة لـ"الفحول من سلالة الدغمة الحمراء"، وهدفها "تكثيف البحث التطبيقي وبعث بنك الجينات لتكاثر هذا الصنف ذو الجودة العالية من الأغنام".
وأشار المركز إلى أن هذه العمليات "ستمكن من تكوين قطيع نموذجي كبير نوعا ما من الفحول سيشكل منطلقاً لمباشرة تجارب واسعة النطاق مع عدد أكبر من موّالي الولاية والمناطق المجاورة لتكاثر هذه السلالة والمحافظة على نقاء نسلها".