صفقة «علم الروم».. دفعة كبرى لمفاوضات مصر مع صندوق النقد
يرى خبراءأن صفقة «علم الروم» التي أبرمتها الحكومة المصرية مع شركة الديار القطرية تمثل دفعة قوية لمسار الإصلاح الاقتصادي، وتحديداً فيما يتعلق باستكمال متطلبات المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج صندوق النقد الدولي.
ومن المرتقب أن تحصل مصر على 2.4 مليار دولار فور إتمام وإقرار المراجعتين.
وتمنح صفقة "علم الروم" صورة أكثر استقراراً للاقتصاد المصري في أعين المؤسسات الدولية والمستثمرين العالميين، فيما تأتي هذه الخطوة في وقت تستعد الحكومة المصرية لاستقبال بعثة صندوق النقد خلال الأسابيع المقبلة لإجراء المراجعات الجديدة ضمن البرنامج الممتد، وهي مراجعات تستهدف تقييم التقدم في ملفات سعر الصرف، برنامج الطروحات الحكومية، الدين العام، وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وهو الملف الذي حظي بأولوية كبيرة في المناقشات الأخيرة بين القاهرة والصندوق.
وتبلغ القيمة الإجمالية لصفقة "علم الروم" نحو 29.7 مليار دولار، منها 3.5 مليار دولار نقدًا تُسدَّد قبل نهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل، إضافة إلى استثمارات عينية ضخمة بقيمة 26.2 مليار دولار تنفذ على مراحل تمتد لسنوات، لتصبح واحدة من أضخم الاتفاقيات الاستثمارية في تاريخ مصر الحديث.
ويقع مشروع "علم الروم" في الساحل الشمالي بالقرب من مرسى مطروح، ويستهدف تطوير مدينة سياحية وعمرانية متكاملة، بما يعزز خلق فرص عمل جديدة ويُنشّط قطاعات التشييد والبناء والخدمات والسياحة.
الصفقة تمهد الطريق أمام مفاوضات صندوق النقد الدولي
أكد الدكتور مصطفى بدرة الخبير الاقتصادي أن الصفقة تعد خطوة محورية في استيفاء شروط صندوق النقد الدولي، خاصة فيما يتعلق بجذب تدفقات قوية من الاستثمار الأجنبي المباشر بعد صفقة "رأس الحكمة".
وأوضح أن الصندوق لم يربط هذا الشرط فقط ببرنامج الطروحات الحكومية، بل شدد على ضرورة ضخ استثمارات حقيقية داخل السوق المصرية، وهو ما تحقق بوضوح من خلال هذه الصفقة، مشيرًا إلى أن المراجعتين الخامسة والسادسة من المتوقع أن تمرّا بسلاسة.

ويتفق معه الدكتور عز الدين حسانين الخبير المصرفي الذي أكد أن الصفقة تمثل دليلًا عمليًا على التزام الدولة بتحقيق مستهدفات الصندوق، خصوصًا فيما يتعلق بجلب عملة صعبة جديدة للسوق، معتبرًا أنها تفتح الباب أمام موجة جديدة من الاستثمارات الأجنبية طويلة الأجل.
وأضاف أن المكاسب لا تتوقف عند الجانب المالي، بل تشمل تعزيز قدرة الاقتصاد المصري على امتصاص الصدمات، وإرسال رسالة طمأنة واضحة للمستثمرين الدوليين بأن مصر ما زالت سوقًا آمنة وجاذبة رغم التحديات الإقليمية والاقتصادية.
تأثير الصفقة على سعر الجنيه المصري
تُعد صفقة "علم الروم" مصدرًا مهمًا لزيادة المعروض من العملة الصعبة داخل الاقتصاد المصري، إذ يسهم حجم الاستثمار الكبير في تعزيز الاحتياطي الأجنبي وتقليل الضغوط على الجنيه.
وقال الدكتور عز الدين حسانين إن ضخ 3.5 مليار دولار نقدًا انعكس فعليًا على تحسن العقود الآجلة غير القابلة للتسليم للجنيه أمام الدولار، ما يشير إلى تحسن التوقعات بشأن المعروض من العملة الأجنبية واستقرار سعر الصرف، مؤكدًا أن الصفقة قد تمهّد لاستثمارات مماثلة خلال الفترة المقبلة.
ومن جانبه، أوضح الدكتور ماهر جامع الخبير الاقتصادي أن حصول مصر على الدفعة النقدية قبل نهاية ديسمبر سيعزز الاحتياطي النقدي، ويخفف الضغط على التزامات الدين الخارجي، ويوفر سيولة إضافية لتمويل الاحتياجات الأساسية للدولة.
وأشار جامع إلى أن المشروعات العملاقة من هذا النوع تحدث حراك واسع في القطاعات الإنتاجية وسوق العمل، متوقعًا أن ينعكس المشروع، الذي تقترب قيمته من 30 مليار دولار، على قطاعات الحديد والأسمنت ومواد البناء، ويوفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، إلى جانب تنشيط التنمية العمرانية والخدمية في المناطق الجديدة.
وأكد أن “كل مشروع ضخم يجذب مشروعًا آخر”، مشيرًا إلى أن صفقة "علم الروم" تمثل رسالة قوية للمستثمرين العالميين بأن السوق المصرية مستعدة لاستقبال استثمارات طويلة الأجل، فضلًا عن دور المشروع في خفض التكدس في المدن الكبرى وخلق مجتمعات عمرانية أكثر تطورًا وجودة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTIg جزيرة ام اند امز