"مدرسة الأمل".. فيلم وثائقي مغربي يرصد معاناة البدو الرُحَّل وحق التعليم
بناء أقرب لغرفة مهجورة، اتخذه السكان مركزا لتعليم أبنائهم، وسط معاناة مع شح الأمطار ومصادر الغذاء، فكان هذا البناء هو "مدرسة الأمل".
المدرسة تقع وسط صحراء قاحلة في منطقة الظهرة قرب مدينة أوطاط الحاج أقصى شرق المغرب، وتقوم على أكتاف مُعلم متطوع رأى من واجبه تعليم أطفال عائلات البدو الرُحَّل، الذين اختاروا هذه المنطقة لقربها من سفوح جبال الأطلس المكللة بالثلوج، على أمل أن تذوب وتسوق لهم الماء.
ويتنافس فيلم "مدرسة الأمل" ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية في الدورة 22 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، إذ اتخذ مخرجه محمد العبودي المدرسة مدخلا لاستعراض الحياة القاسية للبدو الرحل، وطرح أسئلة حيوية عن مستقبل الأجيال القادمة.
وعن فكرة الفيلم، قال العبودي إن اكتشافه للمكان كان بمحض الصدفة حيث ذهب إلى منطقة الصحراء الشرقية لجبال الأطلس، قرب أوطاط الحاج، ليرى الواقع الشائك لتلك المنطقة وتمزق أحلام سكانها بين الاستقرار الصعب في تلك المنطقة في ظل شبه غياب للماء، وبين البحث عن معلم يتكفل بتدريس أبنائهم.
وبقي الفضول المهني حافزا لدى العبودي، حتى أخبره السكان بأنهم وجدوا متطوعا لتدريس أبنائهم، فقرر الشروع في تصوير فيلمه على الفور.
وقال العبودي: "التقيت بالمعلم وقلت له سأصور عنك وعن أهل القرية فيلما وثائقيا فكان رده.. لدينا نفس المهمة ونفس الهدف إذن"، وفقا لـ"رويترز".
تدور أغلب أحداث الفيلم داخل المدرسة المكونة من حجرة متواضعة، تبعد نحو 7 إلى 10 كيلومترات عن مساكن الأهالي، ومعلق على أحد جدرانها سبورة قديمة، ويديرها معلم يعمل بإمكانيات بسيطة.
ويفد أغلب التلاميذ على دواب كما هناك من باع من أغنامه ليشتري دراجة هوائية توصل طفله إلى المدرسة.
ويتخلل الفيلم مشاهد بعض أسر القرية وهي تحاول إقناع صغارها بالعدول عن الدراسة، إما لظروف هذه العوائل وحاجتها إلى سواعد أبنائها اللينة للعمل، أو لإقناع الفتيات الصغيرات بالزواج والتخلي عن حلم الدراسة المهدد بالزوال في أي لحظة يختفي فيها الماء.
وبدا الفيلم الوثائقي في بعض مشاهده كأنه تخيلي أو روائي وليس واقعيا يوثق لنمط عيش هذا المكان القصي من أرض المملكة المغربية، لكن العبودي يعتبر أن فيلمه "خليط من المشاعر، لحظات تبكي فيها ولحظات تضحك فيها من أعماق القلب".
وقال: "أتتبع الأحداث، لا أتدخل إلا بشكل محدود في المونتاج مثلا، ففي الوثائقي تحدث أشياء عفوية حتى لو طلبها المخرج في الفيلم الروائي لا تأتي بتلك الجمالية".
وفي إحدى اللقطات يظهر تلميذ تواق إلى الدراسة، حاول بكل ما أوتي من شغف أن يقنع والديه بالتعلم، بالرغم من كبر سنه، إلا أن ظروفه القاهرة اضطرته أن يهاجر لمدينة قريبة ليعمل في البناء، فغادر المدرسة وعيناه تقطران أسى وحسرة، أو كما قال العبودي: "نظرات لخصت معاناة الساكنة بأكملها".
والعبودي، الذي درس الإخراج التلفزيوني في أستراليا، شغوف بالقضايا الإنسانية والاجتماعية إذ سبق له صنع فيلم "نساء بدون هوية" الذي تناول قضية الأمهات العازبات، ومن خلاله اكتشف أن معظمهن غير متعلمات، ومن هنا فكر في فيلم يتناول قضية التعليم بالمغرب.
وقال: "الفيلم الوثائقي في المغرب لا يزال خاما، بحيث لم يتم استغلال المواضيع المتاحة بشكل كاف، لا يزال أمامنا الكثير من أشغال الحفر والتنقيب في الأفكار عن مواضيع".
وأضاف أن فيلم "مدرسة الأمل" اجتمعت فيه عدة مواضيع وليس التعليم وحده، كمسألة الهجرة القروية، ونضوب المياه في عدد من المناطق المغربية، ومشكلة غياب البنية التحتية، وكذلك عادات وتقاليد مجحفة كتزويج فتيات صغيرات في السن وحرمانهن من الدراسة.
وسبق للفيلم الذي تبلغ مدته 78 دقيقة أن جاب مهرجانات عديدة في أمستردام وبروكسل والدوحة، وفاز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان تورنتو.
aXA6IDE4LjE5MS4yNy43OCA= جزيرة ام اند امز