تنشط حالياً في شمال نيجيريا ثلاثة تنظيمات إرهابية، هي "داعش" و"بوكو حرام" و"القاعدة".
فرع هذا التنظيم الأخير يسمى "أنصارو"، ويتركّز مجال نشاطه في الشمال الغربي من نيجيريا.
ومنذ مطلع عام 2022، نلاحظ تغييرات مهمة للغاية تُظهِر مساعي "أنصارو" لاكتساب وزن أكبر داخل تنظيم "القاعدة" الإرهابي.
ففي أوائل أبريل/نيسان الجاري، هاجمت جماعة "أنصارو" قاعدة عسكرية، ما أسفر عن مقتل 17 جندياً وثلاثة مواطنين في بوليواير في بيرنين غواري بولاية كادونا، وإصابة 40 آخرين.
وكان الهجوم رسالة واضحة حول التغييرات في طريقة نشاط الجماعة الإرهابية.
ففي كل من بيرنين غواري، وفي العديد من القرى في شمال غرب نيجيريا، تفرض "أنصارو" الضرائب والإتاوات على السكان، وعندما ترفض بعض القرى دفع "الإتاوة"، تتعرض للهجوم من قبل حشد من الدراجات النارية يقوده أفراد مسلحون يأتون على الأخضر واليابس، بل ويختطفون بعض السكان المحليين كرهائن للحصول على الفديات، ثم يعيدون الكرّة حتى يحصلوا على المال المطلوب.
تجري هذه الأحداث الأخيرة في منطقة تبلغ مساحتها تقريبا 160 كم × 160 كم، وتمتد هجمات الجماعة إلى ست ولايات في شمال غرب نيجيريا.. وبالمثل، شوهدت تحركات المجموعة من ولاية النيجر إلى زامفارا.
وشكّل استهداف القطار المتجه من العاصمة أبوجا إلى كادونا مصدر قلق كبير للسلطات. إذ راح ضحية الهجوم 8 أشخاص، واختطف عدد آخر من المسافرين بالإضافة إلى تفجير السكة الحديدية.
وعلى الرغم من أنه لم يتم تبنّي الهجوم، فإن كل المؤشرات توحي بأن "أنصارو" هي من تقف خلفه بالتعاون مع قطّاع الطرق، وذلك من أجل المطالبة بالفديات وإطلاق سراح الرهائن وتبادل أكثر من 100 شخص بـ16 من كبار القادة الإرهابيين المسجونين.
في الوقت نفسه، هناك مُعطى آخر يؤكد نية جماعة "أنصارو" الإرهابية التوسع، وهو إصدارها أول صحيفة دعائية، "الياقوت"، والتي صدرت في 30 مارس/آذار الماضي، وقد خصصت الجماعة صفحاتها الثماني لنشر دعاية التجنيد الموجهة إلى جمهور مستهدف يضم حتى مقاتلي الجماعات الإرهابية الأخرى.
وعندما تتحدث الصحيفة عن الزعيم السابق لـ"بوكو حرام"، فإنها لا تفعل ذلك بطريقة مُهينة، بل تقدم بعضاً من مواقفه على أنها خاطئة وتدحضها بطريقة متوازنة ورزينة.
ويصرح التنظيم من خلال صحيفته بأن جماعة "أنصارو" هي فرع من تنظيم "القاعدة"، وأنها تنشط بطريقة لا مركزية، تماشياً مع استراتيجيتهم الجديدة.
وتؤكد الصحيفة أنه ربما توجد بعض الخلافات مع المقاتلين، الذين يريدون تجنيدهم، لكنهم يبررون ذلك بـ"اقتباسات دينية"، ويقدمون "القاعدة" على أنها "الخيار الشرعي الوحيد"، مع هدف واضح لاحتكار السردية الدينية، التي يتبعونها وإظهارها على أنها "الحل الوحيد والطريق الصحيح"، واصفةً خصومها بـ"الجهلة".
ومع ذلك، فإن جماعة أنصارو، بصرف النظر عن نيتها للتجنيد عن طريق الدعاية، تقوم بذلك بالقوة أيضاً. إنهم ينشرون أفكارهم في العديد من القرى، ويُعتقد أن الملجأ الرئيسي للجماعة يقع في غابة بوروكو بالقرب من فالالي "ديمبا"، حيث يتم دفع الفديات.
وبالنظر إلى صحيفة "أنصارو" وأفعالها، يمكننا الجزم بأن الجماعة تقلل ارتباطها بالفرع الآخر لـ"القاعدة" في الساحل، أي جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، بل تُظهر أفعالهم أنهم بحاجة إلى تعزيز مصادر التمويل، وبالتالي فإن عدد عمليات الاختطاف سوف يزداد.
يبقى السؤال المطروح ما إذا كان شمال بنين، الذي تم استهدافه حتى الآن من طرف الكتائب التابعة لجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين في منطقة الساحل"، سيصبح منطقة نفوذ وسيطرة تابعة لجماعة "أنصارو" في نيجيريا أم لا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة