الدباشي لـ"العين الإخبارية": السراج يتحمل مسؤولية اشتباكات طرابلس
مندوب ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة قال إن "ما يجرى في طرابلس يتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى المجلس الرئاسي الذي ثبت أنه فاشل"
حمّل مندوب ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة، إبراهيم عمر الدباشي، مسؤولية أحداث العنف التي تشهدها العاصمة الليبية طرابلس، لحكومة الوفاق برئاسة فايز السراج.
وقال الدباشي، في حوار أجرته معه "العين الإخبارية"، إن "ما يجرى في طرابلس يتحمل مسؤوليته بالدرجة الأولى المجلس الرئاسي الذي ثبت أنه فاشل، وغير قادر على إدارة الدولة وتغيير الظروف السائدة".
دور المجتمع الدولي
تابع الدباشي، الذي ترأس مجلس الأمن عام 2009، أن "مجلس الأمن يتحمل المسؤولية أيضاً لفرض حكومة الوفاق عديمة الكفاءة على الليبيين دون أي سند دستوري أو قانوني".
واستنكر "تغاضي بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عن نزع سلاح المليشيات وإعادة دمج أفرادها في مؤسسات الدولة، وإعادة بناء الجيش والأجهزة الأمنية وتمكينها من القيام بدورها، وهي مطالب شعبية يعرفها الجميع".
ورغم وجودها منذ عام 2015، لم تحظَ حكومة الوفاق حتى الآن بثقة مجلس النواب، الأمر الذي يدفع الليبيين للتشكيك في شرعيتها.
وتشهد العاصمة الليبية، منذ نحو أسبوع، اشتباكات عنيفة بين عدد من المليشيات، مثل اللواء السابع، التابع لوزارة الدفاع بحكومة الوفاق، ومليشيات "ثوار طرابلس" و"كتيبة النواصي" و"وأبو سليم"، التابعة لوزارة الداخلية بالحكومة ذاتها.
وأدت الاشتباكات لترويع المدنيين، ما دفع عشرات الأسر الليبية إلى النزوح من منازلها، فضلاً عن مقتل نحو 38 شخصاً وإصابة أكثر من 100 آخرين، وفقاً لما أعلنته وزارة الصحة الليبية.
شروط استقرار ليبيا
اعتبر الدباشي أن بلاده لن تنعم بالاستقرار إلا بإنهاء حالة الفوضى الأمنية والمؤسساتية، وذلك عبر حل المليشيات والكتائب المسلحة، وتوحيد الجيش وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في أقرب وقت ممكن في بيئة آمنة وعلى أسس قانونية سليمة.
وأشار الدبلوماسي الليبي إلى أن المستفيد الأول من حالة الفوضى، التي تعيشها ليبيا، هي المجموعات المسلحة التي تتحكم في القرار السياسي في العاصمة طرابلس وكل أعضاء الحكومات ومجلس النواب ومجلس الدولة الذين يتقاضون مرتبات خيالية دون وجه حق، ويتمنون استمرار امتيازاتهم.
وأكد الدباشي أن قطر وتركيا تأتيان على رأس الدول الداعمة بالمال والسلاح للجماعات الإرهابية في ليبيا.
واعتبر مندوب ليبيا السابق لدي الأمم المتحدة أن جماعة الإخوان الإرهابية كان دورها سلبياً في بلاده ومدمراً ويتناقض مع تعاليم الإسلام.
وأوضح: "ما قامت به (الإخوان) في ليبيا أثبت أنها فئة منافقة عميلة لدول غربية تسعى للسيطرة على السلطة وتهميش خصومها بأي ثمن، ولا علاقة لها بالإسلام، وهي المسؤولة عن تنامي الإرهاب والأيديولوجيات المتطرفة وظهور الجماعات الإرهابية التي تقتل الأبرياء في كل مكان".
أزمة ليبيا
حول تقييمه لدبلوماسية بلاده في إيجاد مخرج للأزمة الليبية، استبعد مندوب ليبيا السابق لدي الأمم المتحدة القيام بأي دور فعال في خروج البلاد من الأزمة، خاصة في ظل ضعف وفساد وعدم كفاءة حكومة الوفاق، والوضع الذي تعيشه وزارة الخارجية بنفس الحكومة حاليا.
واعتبر الدباشي أن حكومة الوفاق هي التي تتحمل أيضاً الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تعيشها ليبيا، لاعتبارها "السلطة الوحيدة التي تملك سلطة غير شرعية للتصرف في أموال الدولة الموجودة بالعاصمة"، حسب قوله.
ويعاني الليبيون من أزمة اقتصادية خانقة، تتمثل في ارتفاع سعر الدولار، وانخفاض السيولة النقدية في المصارف، الأمر الذي يدفع لرواج الأسواق السوداء، وارتفاع الأسعار.
وأشاد الدباشي بإنجازات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، قائلاً: "الجيش حقق إنجازات تاريخية في مكافحة الإرهاب، حيث تمكن من تحرير مدينتي بنغازي ودرنة من قيضة الإرهابيين"، مشيداً بالدعم الذي قدمته "بعض الدول الشقيقة والصديقة إلى الجيش وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة ومصر".
واستبعد الدباشي إجراء الانتخابات في ظل الظروف التي تشهدها ليبيا خاصة العاصمة، فضلاً عن غياب الأساس الدستوري، مستدركاً أنه "إذا صدقت نوايا المجتمع الدولي وعزيمته حول إجراء الانتخابات بالبلاد، فعليه بالضغط على الأطراف الليبية للالتزام بمخرجات مؤتمر باريس، والإسراع بالعملية من خلال تعديل الإعلان الدستوري وتفعيل قرار مجلس النواب رقم ٥ لسنة ٢٠١٤ الخاص بانتخاب رئيس الدولة وصلاحياته".
ومن المقرر أن تشهد ليبيا إجراء انتخابات في ديسمبر/كانون الأول المقبل، وفقاً لمخرجات اجتماع باريس، الذي تمكن من الجمع بين الأطراف الليبية المتنازعة في العاصمة الفرنسية في مايو/أيار الماضي.
ليبيا.. بين المليشيات والبعثة الأممية
بشأن تقييمه لمدى نجاح البعثة الأممية حول ليبيا، أوضح الدبلوماسي الليبي أن البعثة كانت "فاشلة تماماً بكل المقاييس، والسبب مراعاتها لأجندات بعض الدول الكبرى أكثر من مراعاتها لمصلحة ليبيا.. بداية من تشجيع وفرض المحاصصة في تولي المناصب إلى إعاقة تنفيذ الإجراءات الأمنية في الاتفاق السياسي، وتعزيز قدرات المجموعات المسلحة في العاصمة بدلاً من نزع سلاحها".
وبناء عليه، استبعد الدباشي تنفيذ خارطة الطريق للمبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، موضحاً أنها تتعارض مع الأجندات الإيطالية والبريطانية في بلاده، التي تقوم على "استدامة الفوضى إلى حين النجاح في تنصيب حكومة عميلة لهما في ليبيا".
واسترجاعاً لأحداث 17 فبراير/شباط 2011، والتي كان هو أول من أعلن مطالبها بعد 5 أيام من انطلاقها، قال الدباشي إن "ثورة فبراير/شباط كانت حقيقية وعفوية، ولكن كانت تنقصها القيادة الواعية والقادرة على خلق المؤسسات وإدارة الدولة، الأمر الذي أدى لاستغلال بعض الدول السذاجة السياسية للقيادات الليبية والتنافس على المصالح الشخصية وشعور الليبيين الإيجابي حيالها بسبب المساعدات التي قدمتها للثورة، لإطلاق العنان لمخابراتها كي تعيث فساداً في ليبيا، وتنمي النعرات الجهوية والقبلية التي أصبحت وقوداً للاقتتال والتنافس على السلطة والثروة، حتى عمّ الشعور بخيبة الأمل والإحباط كل الليبيين".
وذكر الدباشي أنه "لم يكن بالإمكان نزع السلاح من الثوار بعد سقوط القذافي مباشرة، لأنه لم تكن هناك قوة أخرى قادرة على حفظ الأمن".
كما اعتبر أن قرار تسليح الثوار "كان صائباً وضرورياً، لكن الخطأ في استمرار تسليح المليشيات التي تكونت بعد سقوط القذافي".
وأرجع مندوب ليبيا السابق لدي الأمم المتحدة استمرار المليشيات حتى الآن "نتيجة تراكم أخطاء الحكومات، حيث تقرر منح مكافآت للثوار على دورهم الأمني، فقفز الرقم من 30 ألف ثائر حاربوا فعلاً قوات القذافي إلى حوالي ربع مليون يحصلون على المكافآت، وهو ما جعل المليشيات تتوالد وتتغول على الحكومات".
وتعززت قوة المليشيات، وفق الدباشي، مع تعامل الأمم المتحدة معها، باعتبارها "القوة المسيطرة على القرار الأمني، ولا يمكن عمل أي شيء دون رضاها، ومن الطبيعي ألا تقبل نزع السلاح الذي يجلب لها الأموال في غياب قوة أخرى قادرة على هزيمتها واستعادة هيبة الدولة".
aXA6IDMuMTQ1LjU4LjE1OCA= جزيرة ام اند امز