2022.. عام الحراك الحكومي والدبلوماسي بالجزائر
شهدت الجزائر خلال عام 2022، حراكا حكوميا ودبلوماسيا غير مسبوق منذ سنوات طويلة.
فخلال العام المنصرم، أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تعديلين وزاريين على حكومة أيمن بن عبد الرحمن، كما استضافت الجزائر القمة العربية الحادية والثلاثين، بعد غياب دام لنحو من 17 سنة منذ قمة 2005.
تعديلات حكومية
شهدت الحكومة الجزائرية تعديلا وزاريا محدودا في فبراير/شباط الماضي شمل حقيبتي المالية والثقافة والفنون حيث عين الرئيس تبون كلا من عبدالرحمن راوية وزيرا للمالية خلفا لأيمن بن عبد الرحمن نفسه الذي كان يجمع بين منصبي رئيس الوزراء ووزير المالية، وصورية مولوجي التي كانت تشغل منصب مدير مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بولاية وهران وزيرة للثقافة والفنون خلفا لوفاء شعلال التي أمضت نحو العام في المنصب.
وبينما سبق لراوية شغل منصب وزير المالية مرتين بين عامي 2017 و2020، تعد هذه أول مرة تدخل فيها مولوجي إلى التشكيل الحكومي.
ولكن لم تمض سوى 4 أشهر حتى أقال تبون وزير المالية راوية، بعد شهر من إقالة محافظ بنك الجزائر المركزي رستم فاضلي، في خطوة فسرها المحللون بعدم رضاء الرئيس عن الأداء الاقتصادي للحكومة.
وفي مارس/آذار الماضي، أعلنت الرئاسة الجزائرية في بيان مقتضب إقالة عيسى بكاي وزير النقل، لارتكابه "خطأ فادحا في ممارسة عمله".
ورغم أن البيان لم يوضح طبيعة الخطأ الجسيم إلا أن هذه هي من المرات النادرة في الجزائر التي يتم فيها الإعلان عن سبب إقالة مسؤول.
وجاءت إقالة بكاي غداة إعلان وزارة النقل عن تسيير أكثر من 100 رحلة إضافية لشركة الخطوط الجوية الجزائرية إلى الخارج، بعد تعليق الرحلات الجوية الدولية في إطار القيود المتعلقة بجائحة فيروس كورونا.
ودخل بكاي (57 سنة) الحكومة الجزائرية مع أول تشكيلة وزارية في عهد الرئيس تبون كوزير منتدب (وزيردولة) للتجارة الخارجية، قبل أن يتولى وزارة النقل في يوليو/تموز 2021.
تعديل موسع
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أجرى الرئيس تبون تعديلا على حكومة بن عبد الرحمن شمل 6 حقائب وزارية، أبرزها وزارة الداخلية.
التعديل تضمن تعيين 5 وزراء جدد، بالإضافة إلى تولي كمال بلجود وزير الداخلية، حقيبة النقل خلفا لمنجي عبد الله الذي عُين أمينا عاما للرئاسة.
وعين تبون، إبراهيم مراد وزيرا للداخلية، بعد أن كان يشغل منصب وسيط الجمهورية، وهي هيئة طعن غير قضائية تساهم في حماية حقوق المواطنين وحرياتهم وفي قانونية سير وعمل المؤسسات المختلفة وهي أشبه بفكرة ديوان المظالم.
التعديل الوزاري شمل كذلك تعيين الأمين العام لوزارة الصحة عبد الحق سايحي وزيرا للصحة خلفا لعبد الرحمن بن بوزيد الذي تم استدعاؤه لمهام أخرى، لم يتم الإفصاح عنها، كما تمّ تعيين الوزير المنتدب (وزير دولة) السابق المكلّف باقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة ياسين المهدي وليد، وزيرا لاقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، وتعيين كمال بيداري وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي خلفا لعبد الباقي بن زيان وتعيين لخضر رخروخ وزير للأشغال العمومية والري خلفا لكمال ناصري ، وتعيين علي عون وزيرا للصناعة الصيدلانية خلفا لعبد الرحمن لطفي بن باحمد.
وبالمقابل، تضمن التعديل الوزاري إلغاء أي وزارة منتدبة (وزارة دولة)، ما يعني إقالة الوزير المنتدب المكلّف بالمؤسسات المصغّرة نسيم ضيافات للحكومة، كما أنهيت مهام بن عتو زيان وزير الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة، مع إلحاق الطاقات المتجددة بوزارة البيئة التي تتولاها سامية موالفي.
وشهد التعديل الحكومي إلغاء الوزارة المنتدبة (وزارة دولة) للمؤسسات المصغرة، ولاقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة وإدماجها بوزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغرة، كما أُلغيت وزارة الموارد المائية والأمن المائي، ووزارة الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة التي ألحِقت بوزارة البيئة.
ويعد أيمن بن عبدالرحمن هو ثاني وزير أول يعينه الرئيس تبون الذي تولى منصبه في ديسمبر/كانون الأول 2019، بعد عبدالعزيز جراد الذي شكل الحكومة في يناير/كانون الثاني 2020 وأجرى عليها ثلاثة تعديلات، قبل أن يقال في 2021.
المحلل السياسي الجزائري شريف لخضاري، برر في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" كثرة التعديلات الوزارية التي دخلت على حكومة أيمن بن عبد الرحمن في وقت قصير، قائلا "هناك تقييم دائم للأداء الحكومي، وعندما يرى الرئيس تبون ضرورة للتغيير ينفذه فورا".
وأضاف "الجزائريون ربما غير معتادين على هذه التغييرات، فالوزراء كانوا يبقون لسنوات طويلة في مناصبهم، ولكن الرئيس تبون له سياسة مختلفة".
وأشار إلى أن تبون عادة ما يعلن عن خطته ومشاريعه بل وحتى التعديلات الوزارية في اللقاء الدوري الذي يعقده مع الصحافة المحلية ويذاع على التلفزيون الجزائري، وهو ما يمثل نقلة في الأداء الرئاسي والحكومي.
ورغم تصريحات تبون، إلا أن التعديل الحكومي تجاهل وزارات بعينها كان الشارع الجزائري يطالب بتغييرها، وأغلبها وزارات اقتصادية تمس الحياة اليومية للمواطن، الذي تضرر اقتصاديا بسبب أزمة الكورونا.
القمة العربية
جاءت استضافة الجزائر للقمة العربية في 1و2 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تاريخية لعدة أسباب إذ أنها أول قمة عربية منذ 2019 بسبب أزمة جائحة الكورونا، كما أنها أول قمة رقمية بالكامل، وعقدت بدون أوراق، كما تزامنت مع الذكرى 68 لاندلاع الثورة التحريرية بالجزائر.
- مصادر تكشف لـ"العين الإخبارية": لماذا حققت قمة الجزائر ما يتمناه العرب؟
- "إعلان الجزائر".. حماية الأمن القومي العربي والحياد حيال حرب أوكرانيا
وكان مقررا أن تستضيف الجزائر القمة العربية في مارس/آذار 2020، إلا أنه وبسبب الكورونا، تأجل انعقاد القمة أكثر من مرة، وصولا إلى تاريخ الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وهو الموعد الذي حرصت عليه الجزائر، لرمزيته بالنسبة لها كونه تاريخ اندلاع ثورتها التحريرية عام 1954، وهو الذكرى التي احتفلت بها الجزائر هذا العام بحضور القادة العرب في حفل كبير.
وشهدت قمة الجزائر، حضورا عربيا رفيع المستوى، وناقشت عدة قضايا، أبرزها القضية الفلسطينية، والأزمة الليبية، وتطورات الأوضاع في العراق ولبنان وليبيا واليمن والصومال جيبوتي وتعزيز العمل العربي المشترك، وضرورة بناء علاقات سليمة ومتوازنة بين المجموعة العربية والمجتمع الدولي وتوحيد الجهود لمكافحة الإرهاب والتطرف.
كما لم تغب الأزمات الدولية عن اجتماع القادة العرب الذين أكدوا ضرورة الالتزام بمبادئ عدم الانحياز وبالموقف العربي المشترك من الحرب في أوكرانيا الذي يقوم على نبذ استعمال القوة والسعي لتفعيل خيار السلام عبر الانخراط الفعلي لمجموعة الاتصال الوزارية العربية.
واعتبر الدكتور موهوب شريف أستاذ السياسة والعلاقات الدولية بجامعة وهران أن استضافة الجزائر للقمة العربية تحمل عدة رسائل يجب الانتباه لها.
وقال شريف لـ"العين الإخبارية" أن الرسالة الأولى هي عودة الجزائر للصف الأول عربيا، بعد 17 عاما من آخر قمة استضافتها، مشيرا إلى أن فترة مرض الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة منذ 2013، أثرت كثيرا على الحضور الجزائري عربيا وإقليميا، وتلاها فترة الحراك الشعبي منذ 2019، ثم أزمة الكورونا في 2020.
وأضاف أن الرسالة الثانية هي تقدير القادة العرب للجزائر، وهو ما ظهر جليا في الحضور العربي رفيع المستوى، على مدار يومي القمة، بالإضافة إلى حرص القادة على المشاركة في الاحتفال بذكرى اندلاع الثورة الجزائرية،
وأوضح أن الرسالة الثالثة كانت العلاقات الطيبة التي تجمع الرئيس تبون بالقادة العرب، وهو ما عكسه الاستقبال الحار بينه وبين الكثير من الرؤساء والقادة العرب، في مطار الجزائر.
مؤتمر الفصائل الفلسطينية
واستبقت الجزائر القمة العربية باستضافة مؤتمر "لم الشمل" للفصائل الفلسطينية، بمشاركة ممثلين لكل الفصائل، ورغم أن المؤتمر لم يخرج بجديد، إلا أنه أظهر وأكد اهتمام الجزائر بالقضية الفلسطينية.
زيارات مكثفة متبادلة
شهد العام 2022 كذلك زيارات مكثفة قام بها الرئيس عبد المجيد تبون إلى الخارج، كما استقبل العديد من الرؤساء والقادة في الجزائر.
شملت زيارات تبون عدة دول منها الإمارات والسعودية ومصر والكويت وإيطاليا وقطر وتركيا، فيما من المقرر أن يقوم بزيارة مرتقبة إلى موسكو، التي تجمع بلاده معها علاقات قوية، في كافة المجالات.
كما استقبل الرئيس تبون في الجزائر ملوك ورؤساء وقادة عدة دول منها فرنسا وكوبا والأردن وقطر وإثيوبيا وإيطاليا وليبيا والسودان.
وعكست تلك الزيارات المتبادلة انفتاح الجزائر على التعاون مع دول العالم في كافة المجالات خاصة الاقتصادية منها.
ومنذ بدء الأزمة الأوكرانية في فبراير/شباط الماضي تحولت الجزائر إلى قبلة لوزراء خارجية أوروبا الذين حاولوا إقناعها بمد بلادهم بالغاز بديلا لروسيا، لكن الجزائر التي تربطها علاقات قوية بروسيا لم تستجب.
aXA6IDMuMTQ1LjE3Ni4yMjgg
جزيرة ام اند امز