"خيانة" عسكري جزائري.. "زلزال" تجسس وحرب إلكترونية
معلومات صادمة تعيد للواجهة قضية عسكري استعادته الجزائر بعد هروبه إلى تركيا وتفتح ملفات جنرالات بالمؤسسة العسكرية.
معلومات كشفت عنها صحيفة "الوطن" الجزائرية الناطقة بالفرنسية، في تقرير لها ذكر أن التحقيقات الأمنية المعمقة مع الملازم الأول قرميط بونويرة الذي تمكنت الجزائر من استعادته بعد فراره إلى تركيا العام الماضي والمتهم بـ"الخيانة العظمى، أفضت إلى توقيف وسجن نحو "30 جنرالاً" من المؤسسة العسكرية.
- الجزائر توجه تهمة "الخيانة العظمى" للعسكري المرحل من تركيا
- للمرة الأولى.. الجيش الجزائري يفضح علاقة الإخوان بتركيا
ووفق معلومات الصحيفة، "أطاحت" التحقيقات الأمنية والعسكرية مع المتهم "بونويرة" بـ30 جنرالا تتراوح رتبهم العسكرية بين لواء وعقيد وعميد، وكشفت أيضا عن "تورطهم في قضايا فساد".
وفي الوقت الذي أحدثت فيها معلومات الصحيفة الخاصة جدلاً واسعاً بالجزائر، لم تعلق السلطات الجزائرية، بما فيها العسكرية بعد على ما ورد بالتقرير.
ولم يحدث من قبل في الجزائر أن يصل عدد الجنرالات الموقوفين إلى 30 شخصاً، حتى عقب فضيحة ضبط أضخم شحنة من الكوكايين في مايو/أيار 2018، وسقوط نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في أبريل/نيسان 2019.
وهما السابقتان اللتان شهدتا متابعات قضائية وأحكاماً قاسية بالسجن، شملت عددا كبيرا من كبار ضباط المؤسسة العسكرية الجزائرية.
"تجسس"
وبحسب رواية الصحيفة الجزائرية، توصلت التحقيقات مع المساعد الأول قرميط بونويرة حتى إلى "قضية تجسس على قائد الجيش السابق الراحل قايد صالح".
وذكرت اسم اللواء عبدالقادر لشخم الذي كان يشغل منصب "المدير المركزي للاتصالات"، مشيرة إلى "دوره الكبير في فرض قرميط بونويرة سكرتيرا خاصاً لقائد الجيش السابق".
الصحيفة الجزائرية ذهبت أبعد من ذلك في معلوماتها التي قالت إنها "نقلا عن مصادر أمنية خاصة" لم تسمها، عندما أوضحت أن هدف اللواء "لشخم" من فرض المساعد الأول بونويرة في منصب حساس تابع لقيادة أركان الجيش هو "التجسس على قائد الجيش السابق الراحل الفريق أحمد قايد صالح".
فساد وحرب إلكترونية
وأشارت الصحيفة المعروفة بقربها من بعض دوائر صنع القرار بالجزائر إلى أن آخر الجنرالات الذين صدر بحقهم قرار بالسجن المؤقت اللواء عبدالحميد غريس، الأمين العام السابق لوزارة الدفاع، بعد إقالته الشهر الماضي من قبل الرئيس الجزائري.
وأصدر القضاء العسكري الجزائري، الأسبوع الماضي، قرارا بوضع اللواء عبدالحميد غريس رهن السجن العسكري.
ووفقاً لتقارير من الإعلام المحلي الجزائري، وجهت له تهم ثقيلة وغير مسبوقة بالجزائر تتعلق أساساً بـ"أنه كان فاعلاً مهماً في شبكة الجنرالات التي كانت وراء حرب إلكترونية بعنوان "باديسية-نوفمبرية" بعد سقوط نظام بوتفليقة في 2019.
ويقصد بـ"باديسية" نسبة لمؤسس "جمعية العلماء الجزائريين" التي تأسست قبل الثورة التحريرية الجزائرية عام 1954، و"النوفمبرية" دلالة على شهر اندلاع الثورة التحريرية الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي (1954 – 1962).
وبحسب إعلام محلي، تمت "الإطاحة بالشبكة" المكونة من عدة أسماء ثقيلة في الجيش الجزائري بينهم رئيس جهاز الأمن الداخلي الأسبق واسيني بوعزة المحكوم عليه بـ16 سنة سجناً نافذة مع تجريده من رتبته لواء إلى "جندي"، على خلفية تورطه في عدة قضايا أبرزها "محاولة التأثير على الانتخابات الرئاسية المقامة نهاية 2019 لصالح المرشح عز الدين ميهوبي"، بحسب القضاء العسكري الجزائري.
خيانة مزدوجة
صحيفة "الوطن" ألمحت أيضا إلى تورط الجنرالات الـ30 في "خيانة مزدوجة"، وذكرت أن عددا منهم "متورط" في قضية هروب المساعد الأول قرميط بونويرة، و"تزويده بملفات عسكرية حساسة" قالت إنه "سلّم جزءا منها لشخصيات معارضة بالخارج".
أما "الخيانة الثانية" التي أشارت إليها الصحيفة فهي "خيانة بحق قائد الجيش السابق" الفريق أحمد قايد صالح.
واعتبرت أن ما توصلت إليه التحقيقات الأمنية والعسكرية "أكدت خيانتهم لثقة وضعها فيهم الراحل قايد صالح ولمناصب المسؤولية الحساسة، سواء في قضايا سياسية أو مرتبطة بالفساد".
في المقابل، شككت مصادر إعلامية جزائرية أخرى في عدد الجنرالات المسجونين مؤخرا والمتابعين في قضية بونويرة.
ونوهت مواقع إلكترونية جزائرية وصفحات كبرى عبر منصات التواصل إلى أن الرقم "مبالغ فيه"، معتبرة أن عدد الجنرالات المسجونين منذ العام الماضي في هذه القضية "لم يتجاوز 10 جنرالات".
الخيانة العظمى
في أغسطس/آب 2020، كشفت الجزائر تفاصيل وحيثيات قضية العسكري الذي استعادته نهاية الشهر يوليو/تموز من العام ذاته من تركيا بعد هروبه بـ"معلومات وملفات حساسة" عن الجيش، وفق ما انفردت به "العين الإخبارية" في وقت سابق.
ووجّه القضاء العسكري تهمة "الخيانة العظمى" لبونويرة مع مسؤولين عسكريين آخرين، وأصدرت أمراً دولياً بالقبض على قائد الدرك السابق غالي بلقصير.
وحينها، قالت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان اطلعت عليه "العين الإخبارية"، إن العسكري ومن معه يواجهون تهم "الخيانة العظمى"، حيث استحوذوا على معلومات ووثائق سرية بغرض تسليمها لأحد عملاء دولة أجنبية.
ووجهت التهمة لكل من "المساعد الأول المتقاعد قرميط بونويرة، والرائد هشام درويش، والعميد غالي بلقصير طبقاً لنص المادة 63 فقرة 2 من قانون العقوبات".
ونوه البيان بأن قاضي التحقيق العسكري بالبليدة "قام بوضع المتهمين الاثنين رهن الحبس المؤقت بموجب أمر إيداع لدى المؤسسة العقابية بالبليدة، كما أصدر أمراً بالقبض على المتهم الثالث غالي بلقصير".
وقبل ذلك، سارعت السلطات الجزائرية لطلب تسليمه من تركيا "فوراً"، بعد أن تأكدت الأجهزة الأمنية الجزائرية من محاولة استدراج العسكري الهارب لصالح "مخابرات دولة عربية" للحصول على الملفات والمعلومات الحساسة التي كانت بحوزته "حتى تستعملها تلك الدولة ورقة ابتزاز ضد الجزائر".
وأصدر الأمن الجزائري بياناً مقتضباً، اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله كشف فيه أنه "بأمر من رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني، وبالتنسيق بين أجهزتنا الأمنية وأجهزة الأمن التركية، تم تسليم واستلام المساعد الأول قرميط بونويرة الفار من بلده، والذي سيمثل أمام قاضي التحقيق العسكري".
aXA6IDMuMTYuODIuMTgyIA== جزيرة ام اند امز