بعد نكسة الانتخابات.. مناورة إخوان الجزائر لتشكيل الحكومة
تواصل جماعة إخوان الجزائر "رحلة توسل" المكاسب السياسية لتحقيق أطماعها بالحكم وفق مخططات زادت شبهتها بعد الانتخابات.
ورغم الخيبة التي تعرضت لها التيارات الإخوانية في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت بالجزائر في 12 يونيو/حزيران الجاري، إلا أن الجماعة انتقلت من توسل أصوات الناخبين بتجارة أكدت خسارتها الشعبية من خلال نتائج الانتخابات إلى "توسل وتسول" الحكومة.
- "إخوان الجزائر" والبرلمان الجديد.. صفعة الخسارة تنسف الأكاذيب
- "تملق تبون".. بوصلة إخوان الجزائر في عاصفة انتخابات البرلمان
وبعد الإعلان عن النتائج الرسمية المؤقتة للانتخابات البرلمانية، الثلاثاء الماضي، عادت جماعة الإخوان رغم نكستها للظهور وتوجيه "رسائل غزل وتودد" صريحة وجديدة للرئيس الجزائري عبد المجيد لـ"منحها" قيادة وتشكيل الحكومة المقبلة.
تملق مشبوه
وبنبرة المرتبك والمُحرج من "كذبة تصدر نتائج الانتخابات في جميع الدوائر الانتخابية داخل وخارج البلاد"، ظهر الإخواني عبدالرزاق مقري رئيس ما يعرف بـ"حركة مجتمع السلم" خلال مؤتمر صحفي "متراجعاً" عن اتهاماته المبطنة للرئيس تبون وهيئة الانتخابات المستقلة عن مزاعم "محاولة تزوير الانتخابات في غير صالح" الحركة الإخوانية.
وبخبث جماعة الإخوان "دس سم الأطماع في عسل الحُكم" وفق المتابعين، "عَرَض" الإخواني مقري "خدماته" بشكل صريح وعلني أمام وسائل الإعلام على الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لـ"تشكيل الحكومة" المقبلة.
وأبدى الإخواني مقري "جاهزية" لقيادة الحكومة التي تنبثق عن أول برلمان بعد عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة و"ليس المشاركة فيها فقط"، أو "أية عروض" تأتيه من الرئاسة، على حد زعمه في المؤتمر الصحفي.
كما زعم بأن فصيله الإخواني "يضع شروطاً" لتشكيل الحكومة المقبلة حددها بمدى "توافق برنامج الحكومة الجديدة مع برنامج الحركة".
وانضمت ما يعرف بـ"حركة البناء الوطني" إلى "قطيع التملق الإخواني" للرئيس الجزائري، إذ أعلن رئيسها عبد القادر بن قرينة "استعداد" حركته الإخوانية لـ"المشاركة في حكومة يقودها الرئيس عبدالمجيد تبون".
وأشار مراقبون لخرجة الإخوانييْن مقري وبن قرينة على أنها فضحٌ لمخططات الجماعة الإخوانية المشبوهة لـ"التوغل إلى الحكم" من بوابة الحكومة، بعد رهانها الخاسر على "الطوفان البشري" الذي يدخلها إلى أروقة السلطة.
كما يؤكد المتابعون، بأن كشف الإخواني مقري عن أطماع قيادة الحكومة المقبلة "رغماً عن الدستور والقانون" يوحي "بوجود طبخة إخوانية مشبوهة تحت الطاولة بدأ الإعداد لها قبل الانتخابات البرلمانية".
إذ انتقلت الحركة الإخوانية من "التملق" غير المسبوق لرئيس البلاد وتسول أصوات الناخبين بأوراق المتاجرة الخاسرة بالدين وأكبر القضايا الحساسة عند الجزائريين بالحملات الانتخابية وسط استياء وغضب شعبييْن، إلى التودد للسلطة لقيادة الحكومة المقبلة.
ويؤكد الخبراء القانونيون وسلطة الانتخابات بالجزائر على عدم أهلية الكتل النيابية الـ13 الممثلة في البرلمان الجديد لتشكيل الحكومة، مشيرين إلى النتائج التي أفرزتها صناديق اقتراع الانتخابات التشريعية.
وأظهرت النتائج الأولية المؤقتة المعلن عنها عدم وجود "أغلبية برلمانية" تمكنها من تشكيل الحكومة المقبلة، وأفرزت صناديق الاقتراع "أغلبية رئاسية" تعطي الصلاحية لرئيس البلاد تعيين "وزير أول" بصلاحيات محدودة، وتعود صلاحية اقتراح الوزراء الجدد إلى رئيس الجمهورية وفق ما ينص عليه الدستور الجديد.
درس سياسي
ورد، مساء السبت، جيلالي سفيان رئيس حزب "جيل جديد" المعارض بشكل غير مباشر على "اللهث الإخواني" وراء تشكيل الحكومة المقبلة، وأكد على أن حزبه "لا يؤمن بحكومة تأتي من تشريعيات يقاطعها 80 % من الناخبين".
كما شدد "جيلالي" على أن حزبه "يملك مشروعاً لبناء مجتمع وليس مشروعاً للوصول إلى مقاعد في السلطة، مشروع مجتمع نعمل من أجله وليس من أجل أشخاص" في تلميح لتودد التيارات الإخوانية للرئيس الجزائري لمنحها صلاحية تشكيل الحكومة المقبلة.
أبعاد الخيبة الإخوانية
ومُنيت جماعة إخوان الجزائر بهزيمة مدوية "متعددة الأبعاد" في الانتخابات التشريعية الأخيرة، رغم محاولاتها "التقليل" من حدة الصدمة، والعودة لإيهام الرأي العام بمزاعم "النتائج التاريخية".
ومن أصل 6 تيارات إخوانية، فشلت 3 منها في الوصول إلى البرلمان، بينما دخلت 3 تشكيلات إخوانية "متشرذمة وأقلية" إلى الغرفة التشريعية بـ106 مقعد نيابي من أصل 407 مقعدا، وهو ما يمثل 21 %.
كما يوضح الخبراء القانونيون بأن عدد المقاعد البرلمانية التي حصلت عليها جماعة الإخوان تؤكد بأنهم "فصيل غير شرعي شعبياً" بالنظر إلى حجم المقاطعة غير المسبوق في الانتخابات التشريعية والذي وصل إلى 77 % أي ما يمثل نحو 18 مليون ناخب مقاطع.
وأن نسبة الإخوان الانتخابية لم تكن إلا جزءا فقط من 23 % شاركوا بالانتخابات، وهو ما يعيد نسف أكاذيب "القوة الشعبية الإخوانية" مرة أخرى.
أما نسبة 21 % داخل البرلمان، فيؤكد الخبراء القانونيون "عدم قدرتها" على تشكيل "أغلبية برلمانية" تمنحها "شرف" تشكيل الحكومة لثلاثة أسباب موضوعية، أو يعطيها ثقلاً في البرلمان الجديد.
أولها -وفق الخبراء- اشتراط قانون الانتخابات حصول التشكيلة السياسية على 205 مقاعد برلماني لضمان الأغلبية البرلمانية.
والثاني هو عدم اعتراف قانون الانتخابات والدستور بـ"الكتل النيابية المتحالفة بعد الانتخابات لتشكيل أغلبية برلمانية"، وأن التحالفات القانونية هي التي تتشكل قبل الانتخابات بقوائم انتخابية وبرنامج موحد.
أما ثالث الأسباب فهو حالة الصراع المزمن بين التيارات الإخوانية التي دخلت إلى البرلمان، وصعوبة دخولها في تكتل برلماني موحد، وذلك باعترافها، عندما استبعدت قياداتها الإخوانية الدخول في تحالفات داخل البرلمان لتشكيل الحكومة.
ووسط كل ذلك، لم يستعبد متابعون للشأن السياسي بالجزائر أن تضع السلطات الجزائرية جماعة الإخوان في واجهة الحكومة المقبلة للتغطية على الورطة السياسية التي أفرزتها صناديق الاقتراع ونسب المشاركة المتدنية ورفض أغلبية الناخبين الانخراط في العملية السياسية.
ويطرح المراقبون أسباباً لحجم المقاطعة الواسع، أبرزها اصطدام الناخبين بالوجوه ذاتها التي سارت في فلك النظام السابق على رأسها التيارات الإخوانية، والذي يعده خبراء "عقاباً شعبياً للإخوان" بمقاطعة قرابة 80 % من الناخبين.
بالإضافة إلى الأسباب الاقتصادية والاجتماعية وتدهور القدرة الشرائية للجزائريين التي وصلت إلى 50 % في عز جائحة كورونا.
aXA6IDE4LjIyMi4yMC4yNTAg جزيرة ام اند امز