"تملق تبون".. بوصلة إخوان الجزائر في عاصفة انتخابات البرلمان
إخوان متشرذمون بكل شيء ومتوحدون في أطماعهم، حقيقة بالجزائر أكدتها خطابات ونوايا الجماعة برحلة اللهث وراء مقاعد البرلمان.
أطماع موحدة لجماعة إخوان الجزائر كشفوا عنها في الحملات الانتخابية للاستحقاق النيابي المقرر، غدا السبت، أكدتها "لغة الغزل" الموحدة للتيارات الإخوانية الموجهة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
- نوادر و"تخاريف" إخوان الجزائر تثير شهية الساخرين
- غطاء الدين في ميزان إخوان الجزائر.. "تجارة خاسرة" بموسم الانتخابات
وصعّد إخوان الجزائر من لهجة "التملق" لتبون خلال الأسابيع الـ3 من عمر الحملة الانتخابية بشكل غير مسبوق، ما دفع مراقبين للاستغراب والتساؤل عن "سر الخطاب الجديد" وأجمعوا على "عدم براءته".
وفكك محلل سياسي جزائري في تصريح لـ"العين الإخبارية" خطابات جماعة الإخوان المتملقة والمغازلة للرئيس عبدالمجيد تبون، وكشف عن أهدافها التي لخصها في "الطمع بقيادة الحكومة المقبلة"، من خلال "عرض نفسها كبضاعة جاهزة للحكم".
يأتي ذلك بعدما دفعت التطورات الأخيرة في الخطاب الإخواني المثير إلى طرح تساؤلات من قبل مراقبين عن إن كان ذلك التملق "محاولة من الجماعة للتموقع في المشهد المقبل الذي سيفرزه البرلمان الجديد بعد استشعارها حجمها الشعبي والسياسي" الذي يهدد "قوتها الافتراضية" التي بنتها من نظام المحاصصة السري، وأعطاها ما ليس لها طوال 3 عقود كاملة، بحسب المراقبين.
أم أن الأمر مرتبط بـ"حسابات سياسية جديدة للسلطة الجزائرية من خلال الدفع بتيارات الإخوان لتكون بديلا جديدا جاهزا لواجهة النظام بعد ورطة فراغ أحزاب السلطة التي كانت مسيطرة في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة".
التملق الإخواني
وبشكل غير مسبوق، توحدت الخطابات الإخوانية بالحملات الانتخابية باتجاه "الثناء" على السلطة الجزائرية ورئيسها عبدالمجيد تبون، رغم زعمها "المعارضة"، حاولوا من خلالها إعطاء صورة "تناغم" بين الإخوان والسلطة
الإخواني عبدالرزاق مقري رئيس ما يعرف بـ"حركة مجتمع السلم" كان أكثر "المتملقين" للرئيس الجزائري، وأعرب في عدة تجمعات شعبية عن "ثقته بتبون"، وصرح مرة بأنه "أصبح على قناعة بوجود مؤشرات لنزاهة الانتخابات".
مقري فضح جزءا من المخطط الإخواني عندما "أعرب عن سعادته" للتصريحات الأخيرة لتبون التي تحدث فيها عن علاقات بلاده مع تركيا والتي وصفها بـ"الجيدة"، حتى إنه (مقري) عبّر عنها بالقول "بردلي قلبي" أو "اشف غليلي".
أما الإخواني عبدالله جاب الله رئيس ما يعرف بـ"جبهة العدالة والتنمية"، فقد قاد "حملة متناقضة" بحسب المراقبين، عندما زعم بأنه في المعارضة منذ 50 عاماً، لكنه حافظ طوال 21 يوماً من الحملة الانتخابية على "اجترار أسطوانة السلطة عن أهمية الانتخابات لمستقبل البلاد" و"خطورة مقاطعتها".
ووصل به الأمر إلى إصدار "فتاوى سياسية" عن المشاركة والمقاطعة، زاجاً بالدين في الأطماع السياسية كعادة جماعة الإخوان، وفق ما ورد في تعليقات جزائريين عبر منصات التواصل.
الحال نفسه مع بقية التيارات الإخوانية التي خاطبت في معظم التجمعات الشعبية قاعات شبه فارغة بخطابات "تغيب عنها المشاريع السياسية"، وتحول "التملق ومغازلة السلطة" إلى "مشروع سياسي إخواني بامتياز".
والغريب في الخرجات الإخوانية الأخيرة -وفق المتابعين- هو تغير لهجة الجماعة 180 درجة كاملة في الحملة الانتخابية الأخيرة، بعد أن قاطعت انتخابات الرئاسة التي جاءت بتبون للحكم واستفتاء تعديل الدستور ورفضت كل الخيارات الدستورية لإنقاذ البلاد".
وكانت مبررات الإخوان حينها تتراوح بين "وجود مؤشرات على تزوير انتخابي وعدم توفر أجواء مناسبة وضمانات كافية لتنظيم الاستحقاق، والدعوة لمرحلة انتقالية"، فما الذي تغير بعد كل ذلك؟
مغازلة متبادلة
في مقابل ذلك، أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون عما يعرف بـ"الإسلام السياسي" و"المدافعة" عن الإخوان جدلا واسعاً في البلاد، وعدها جزائريون "مؤشرا على تغير بوصلة الجزائر"، فيما أشار خبراء إلى أنها "مؤشر على صفقة سياسية خفية مع الجماعة لتصدر المشهد المقبل"، بينما قلل آخرون منذ ذلك وعدوها "مناورة رئاسية لتمرير الانتخابات بأقل الأضرار".
واعتبر تبون بأن "التيارات الإخوانية في الجزائر مختلفة عن الموجودة في بقية الدول العربية"، مشيرا إلى أن بلاده "تخلصت من الإسلام الراديكالي إلى غير رجعة" في إشارة إلى "الجبهة الإرهابية للإنقاذ" الإخوانية.
طمع إخواني
"طمع ومزايدة وحسابات"، هكذا سارع المحلل السياسي الدكتور عامر رخيلة للرد على تساؤلات المراقبين عن حقيقة وسر الغزل المتبادل بين جماعة الإخوان والرئيس الجزائري.
وفي حديث مع "العين الإخبارية" أعطى المحلل السياسي قراءة تحليلية موضوعية للخطاب الإخواني الجديد، كشف فيه عن سر تلون الجماعة.
وقال الدكتور رخيلة: "القاعدة بالجزائر تسير بشكل عكسي، يفترض بأن السلطة التنفيذية هي من تغازل الأحزاب والتيارات مهما كانت أهميتها في المجتمع وحجمها، لكن بالجزائر الأمر يختلف، إذ إن الأحزاب كبيرة أم صغيرة تتبارى فيما بينها في مغازلة السلطة التنفيذية ممثلة في شخص رئيس الجمهورية".
وتابع مجيباً عن سر ذلك بالقول: "لماذا ذلك؟ لأن الثابت الآن من خلال قانون الانتخابات أننا لن نكون أمام أغلبية برلمانية، وبالتالي فإن هذه البدعة المستحدثة في الدستور الجزائري بين النظامين البرلماني والرئاسي، ونتجه لأغلبية رئاسية".
وأقر دستور 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 عدة تغييرات، كان من أبرزها وأكثرها إثارة للجدل مسألة "الأغلبية الرئاسية أو البرلمانية"، وأشار الدستور إلى تشكيل الحكومة من قبل الأغلبية البرلمانية في حال حصول حزب على أغلبية مقاعد البرلمان، أو يتم تعيين "وزير أول" في حال لم يتشكل في البرلمان أغلبية حزبية، واصطلح على تسميتها بـ"الأغلبية الرئاسية" في إشارة إلى الأحزاب أو المستقلين الذين يسيرون في فلك السلطة.
وهنا وضح المحلل السياسي ذلك بالإشارة إلى أن "الأغلبية الرئاسية تذهب لرئيس الجمهورية، وهذا ما يعني أن له قوى سياسية تلتف حوله، والحكومة المقبلة ستتشكل من هذه الفسيفساء التي سيفرزها البرلمان المقبل، سواء من القوائم الحزبية أو المستقلة، وتتسابق بمجرد إعلان النتائج لإبداء الولاء لرئيس الجمهورية طمعا لأن يكون لها موقع على مستوى المؤسسات الحكومية، وربما الطمع أيضا في وظائف أخرى خارج ذلك".
المعارضة المزيفة
وطرح الدكتور عامر رخيلة "إشكالاً"، وأوضح بأن "الأحزاب الإسلامية (الإخوانية) وأقول للأسف كونها لا تملك برنامجاً ورؤى وما زالت تجتر خطاباً انتهى زمنه ولم يبق له صدى في الشارع، فإن هذه التيارات لا ينتظر منها إلا التأييد، ولذلك فإن تلك الأسماء (مقري وجاب الله وبن قرينة) لم يكن يوم موقف جدي في مسألة المعارضة".
مضيفاً بأن "مواقفهم كانت دائما تتحرش بالسلطة لمحاولة استمالتها، أو أنها كانت تمارس ازدواجية الخطاب، وما يطرح للاستهلاك للرأي عام شيء، وما يحدث في الكواليس شيء آخر"، مؤكدا في السياق على أن "الإسلاميين (الإخوان) بالجزائر فقدوا لونهم السياسي".
حسابات جديدة
وما شد انتباه المحلل السياسي -بحسب تصريحه- هو ما يعرف بـ"حركة البناء" الإخوانية التي يقودها عبد القادر بن قرينة.
وأعرب عن استغرابه "من تمدد الحركة الإخوانية في جميع المحافظات الـ58 للجزائر رغم حداثة تأسيسها (2012) وعدم وجودها في الساحة".
واعتبر رخيلة بأن "هناك مؤسسات أخرى هي من تلعب هذه اللعبة"، ودعا "السلطة التنفيذية إلى الانسحاب من العملية الانتخابية حتى لا تكون نتائجها مطعوناً فيها".
وأكد على أنه "بهكذا خطاب سياسي ورؤى ومدخليات لا يمكن القول بأننا نتوجه نحو بناء ديمقراطي، إذا لم تتم إعادة الاعتبار للعملية الانتخابية كآلية من آليات التسيير الديمقراطي، وهذا سيؤدي إلى إنهاء ما بقي من قيمة للصندوق الانتخابي".
aXA6IDMuMTMzLjEwOC4xNzIg جزيرة ام اند امز