"إخوان الجزائر" والبرلمان الجديد.. صفعة الخسارة تنسف الأكاذيب
نتائج رسمية للانتخابات التشريعية الجزائرية لم تنسف "الصدارة المزعومة" لجماعة الإخوان للبرلمان الجديد فقط بل وجهت صفعة لأطماعهم.
"اكتساح مزعوم" استبقته الجماعة "المهووسة بالحكم" بقرع طبول الفرح والفوضى، لكن سرعان ما صُفع إخوان الجزائر ليستفيقوا، الثلاثاء، من "سكرات نشوة انتصار الزحف نحو الحكم" على صداع وآلام الأدلة القاطعة على كذبة "تصدر" نتائج الانتخابات.
- نتائج أولية لانتخابات الجزائر تنسف أكاذيب الإخوان
- إخوان الجزائر يستبقون هزيمتهم الانتخابية بالتصعيد والوعيد
كذبة سوداء أضافوها لسجلهم المتخم بالمتاجرة والأكاذيب وتلفيق الحقائق والتضليل، وألبسوها "ثوب الضحية" ودسوا في جيوبها "أسلحة الفوضى والتهديد والوعيد" كعادة الجماعة: حُكم البلاد أو الحُكم على البلاد بالخراب، بحسب مراقبين.
ويؤكد الخبراء القانونيون أن دخول الإخوان إلى البرلمان الجزائري الجديد كان "متشرذماً"، إلا أنه جاء "مضخما" بمئات الآلاف من الأصوات الانتخابية التي لم تكن لهم، لكن حازوها بموجب قانون الانتخاب الجديد الذي يُعطي "الأفضلية للأحزاب والتيارات في اشتراط عتبة الـ5% من إجمالي الكتلة الناخبة، أو ما يعرف بـ"5 + 1".
أما حصول الإخوان على المركز الثالث في الانتخابات فيقول عنه محللون وخبراء قانونيون لـ"العين الإخبارية" إنه جاء نظرا لاستفادة الجماعة من خسارة القوائم المستقلة الذي فاق عددها الـ800 قائمة، وذهاب الأصوات الناخبة المعبر عنها لتلك القوائم إلى الأحزاب والتيارات الإخوانية بموجب قانون الانتخاب الجديد.
كما أن ما يثبت ذلك هو حصول الحركتين الإخوانيتين "مجتمع السلم" و"البناء الوطني" على مقعد نيابي واحد في كثير من المحافظات، وهي المقاعد التي حصلوا عليها من نسبة الـ5% من قوائم المستقلين التي فشلت في بلوغ تلك النسبة القانونية.
كما كشف المؤتمر الصحفي لرئيس سلطة الانتخابات، محمد شرفي، اليوم الثلاثاء، كذب الإخوان بتصدرهم نتائج الانتخابات البرلمانية وفوزهم بغالبية المقاعد.
وكشف شرفي في المؤتمر عن عدم تمكن أي تيار سياسي وبشكل مطلق من الحصول على عتبة 5% في دوائر انتخابية كبيرة، ما دفع إلى جمع كل الأصوات الانتخابية وتقسيمها على القوائم الانتخابية".
معطيات تشكل بحسب المتابعين في الجزائر، صدمة كبيرة للجماعة التي تبجحت لـ3 عقود كاملة بأوهام "القوة الشعبية الضاربة" وزادت عليها طوال الحملات الانتخابية بأكذوبة "الاكتساح والتصدر" التي ابتلعوها ولم يجدوا من يهضمها.
وبعد الكشف عن النتائج الرسمية، يتضح زيف وادعاءات جماعة الإخوان بـ"تصدرها" لأول برلمان بعد رحيل نظام بوتفليقة الذي كانوا خلاله أكبر المستفيدين من نظام المحاصصة السري، وفق المراقبين.
ومن أصل 407 مقاعد نيابية، حصلت 3 تيارات إخوانية على 114 مقعدا نيابيا، وهو ما يمثل 22% من إجمالي مقاعد البرلمان الجزائري، بينهم الحزب المسمى "جبهة العدالة والتنمية" الذي يقوده الإخواني عبدالله جاب الله.
وتعرض ذلك الحزب لأكبر هزيمة في تاريخه بحصوله على مقعدين اثنين فقط، بعد أن تعدت مقاعده في البرلمانات السابقة 10 مقاعد نيابية.
ويرى المراقبون أن دخول جماعة الإخوان "أقلية ومقسمة على 3 تيارات" للبرلمان الجديد يؤكد سقطوها المدوي وبداية اندثار تدريجي لها بالساحة السياسية، ونكسة جديدة ألمت بها، بعد أسابيع من خطابات الدعاية وأقاويل "سنكون القوة الأولى والمهيمنة".
"جسر" المستقلين
وقدم الخبير القانوني الجزائري الدكتور عامر رخيلة التفسير القانوني لما أسماه "نتائج مستمدة من ضعف القوائم المستقلة"، في مقابل تراجع الإخوان أمام الأحزاب التقليدية ومفاجأة المستقلين.
وقال: "النتائج التي حصلت عليها الأحزاب جاءت نتيجة الهزائم التي تعرضت لها القوائم المستقلة، لأن معظمها لم يتجاوز العتبة".
وأكد أن الأحزاب والتيارات التي حصلت على مقاعد نيابية "لو كانت في مواجهة أحزاب وقوى منظمة حتى ولو كانت مستقلة، فإنها لن تحصل على هذه النتيجة، والنتائج الحالية يتم تقاسمها".
وتابع بالقول: "كون المعادلة غير متكافئة فقد أعطتنا هذه النتائج، وحصول هذه الكتل السياسية على المقاعد البرلمانية مستمد من ضعف القوائم المستقلة وعدم قدرة الأخيرة على حملات إقناع الناس واستمالة الناخبين".
وعن نظام العتبة، أوضح الخبير القانوني أن الأحزاب والتيارات التي وصلت أو تجاوزت العتبة يقضي القانون بأن "يتم تقسيم المقاعد عليها من الأحزاب أو القوائم التي لم تصل إلى نصاب العتبة، وإذا اقترب حزب من النسبة المعتمدة للحصول على مقعد تضاف له أصوات القوائم البعيدة عن العتبة".
وأشار إلى مراحل تطبيق قانون الانتخابات الجديد، إذ تبدأ المرحلة الأولى بإقصاء الأحزاب والقوائم التي لم تحصل على نسبة 5%، والثانية تقسيم المقاعد حسب معدل الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب المتقدمة، حيث "إذا كانت هناك قائمة مقصية تضاف أصواتها إلى من يفوقها في عدد الأصوات".
ونوه إلى إشكالات طرحتها هذه القاعدة، وكشف عن حصول مرشحين على نحو 10 آلاف صوت لكنها أقصيت مقابل حصول مرشح آخر في قائمة أخرى على 7 آلاف صوت لكنه حصد مقعدا في البرلمان.
وفسر ذلك بأن عملية الانتخاب تتم على مستويين، وذلك على مستوى القائمة وعلى مستوى ترتيبها، وهنا المرشح الخاسر من القوائم المستقلة يكون ضحية الترتيب".
رسائل للإخوان
وفي المؤتمر الصحفي لإعلان النتائج المؤقتة للانتخابات، وجه محمد شرفي رئيس هيئة الانتخابات "رسائل مشفرة" لما يعرف بـ"حركة مجتمع السلم" الإخوانية على تشكيكها في نزاهة العملية الانتخابية وفي دور الهيئة لضمان شفافية الاقتراع.
وأكد "ثقة ومصداقية وشفافية البرلمان المنتخب التي تعتمد على تركيبته للمرة الأولى من معايير جماعية وفردية قانونية سمحت بظهور مجلس شعبي وطني مشكل من شباب ونساء وجامعيين".
وأوضح أيضا محمد شرفي أن "الناخب الجزائري كان يصوت ولا يختار، وهو اليوم بعد الحراك الشعبي والقيم التي رسختها ديمقراطية 12 ديسمبر/كانون الثاني 2019، ودستور نوفمبر/تشرين الثاني 2020 يصوت بكل حرية".
وعلى ضوء النتائج الرسمية المعلن عنها للانتخابات النيابية الجزائرية والتفسيرات القانونية التي عرّت "المقاعد المنفوخة للإخوان"، يؤكد المتابعون للشأن السياسي الجزائري، أن دخول جماعة الإخوان البرلمان المقبل "أقلية متشرذمة" نتاج "خطاباتهم البائسة والشعبوية، ومتاجرتهم بأي شيء لتحقيق أطماع سياسية".
وخلال الحملة الانتخابية، غازل الإخوان الناخبين بأنواع تجارية متعددة، بينها "الفياجرا" السياسية التي طالبوا بها، أو شهداء الثورة التحريرية والقضية الفلسطينية، وحتى بالمنتخب الجزائري لكرة القدم ونجومه الذين طالبوهم بـ"الكف عن المتاجرة بأسمائهم".