ظهور تبون يربك إخوان الجزائر "الخبارجية الجدد"
أحدث الظهور الأول للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الأسبوع الماضي، منذ قرابة شهرين بعد إصابته بفيروس كورونا صدمة وارتباكاً في صفوف جماعة الإخوان بالجزائر.
ارتباك إلى درجة الفزع قال عنه متابعون وجزائريون عبر منصات التواصل الاجتماعي إنه أعاد خلط حساباتهم ومخططاتهم الخبيثة التي انتقلت من "الاستيلاء على السلطة بأي شكل" منذ نشأتهم قبل 3 عقود إلى "البقاء في المشهد السياسي بأية صفة" منذ حراك 2019.
- تبون في أول ظهور منذ إصابته بكورونا: عودتي للجزائر قريبة
- هل تكتب تعديلات دستور الجزائر نهاية الإخوان؟
ومع ظهور تبون الأول وما أحدثه من صدمة للإخوان وسقوط واحد من أقنعة الفتنة والاصطياد في المياه العكرة، أخرج جزائريون وصفاً جديدا لجماعة الإخوان وهو "الإخوان الخبارجية"، مشبهين تحركاتهم المشبوهة بـ"الدور الذي كان يقوم به خونة الثورة التحريرية ضد الاستعمار الفرنسي" (1954 – 1962).
واعتبر المغردون أن الوضع الصحي للرئيس الجزائري "أبان مرة أخرى حقيقة ارتباط الإخوان بجهات خارجية وهرولتهم في كل مرة ليكونوا معول خراب مخططات أطراف خارجية ضد الجزائر كل ما تسنى لهم ذلك".
يأتي ذلك بعد أن ركب إخوان الداخل موجة فتنة إخوان الخارج منذ كشف الرئاسة الجزائرية عن نقل تبون إلى ألمانيا للعلاج من فيروس كورونا نهاية أكتوبر/تشرين الثاني الماضي.
وكان الإخونجي عبد الرزاق مقري رئيس ما يعرف بـ"حركة مجتمع السلم" الإخوانية من بين الأبواق التي نفخت في الشائعات المركزة حول حقيقة الوضع الصحي لتبون، وطالب بـ"إظهاره عبر الفيديو".
قصة "الخبارجية"
"الخبارجية" مصطلح قديم في الجزائر، أعاده الرئيس الحالي إلى القاموس السياسي في مقابلتين صحفيتين شهري مايو/أيار وآب/أغسطس الماضيين، عندما اتهم صحفيين ومعارضين بـ"التخابر مع سفارات أجنبية" وتقديم تقارير دورية لها.
ووصف تبون هؤلاء بـ"الخبارجية"، في إشارة إلى "حفنة من الجزائريين خانوا الثورة التحريرية" التي اندلعت ضد الاحتلال الفرنسي منتصف خمسينيات القرن الماضي بعد أن عملوا على تقديم معلومات عن الثوار الجزائريين لجيش الاحتلال الفرنسي خلال الثورة التي دامت 7 أعوام ونصف العام (1954 – 1962).
وانتهت باستشهاد أزيد من مليون ونصف المليون جزائري وحصول الجزائر على استقلالها بعد 132 سنة من الاحتلال.
ويطلق عليهم أيضا تسميات أخرى بينها "الحركى" و"القومية"، فيما كشف مجاهدون جزائريون (مناضلون في الثورة التحريرية) لـ"العين الإخبارية" عن أن "الخبارجية" كانوا "أخطر أنواع خونة الثورة الجزائرية".
وذكر عدد منهم بأن "الخبارجية كانوا أشخاصاً من القرية أو المدينة لكن هوياتهم ظلت مجهولة عند سكانها وضحاياهم"، إذ كان كانوا يعملون كـ"مخبرين سريين لجيش الاحتلال الفرنسي ويجلسون مع الأهالي كغيرهم من الناس، ثم يعملون على نقل تقارير مفصلة عن دعم الجزائريين للثورة وإعطائهم أسماء كل من دعمها أو قرر الالتحاق بصفوفها".
وبناء على تلك المعلومات يقود جنود الاحتلال الفرنسي حملة عسكرية في تلك القرية أو المدينة، ويقومون بـ"جمع سكانها في ساحة كبيرة، ومعهم الخبارجي الذي قدم لهم المعلومات".
وأكد الثوار الجزائريون لـ"العين الإخبارية" بأن "الجيش الفرنسي كان يغطي رأس الخبارجي، بقطعة من القماش مع ثقبتين في جهة العينين، دون أن يتكلم حتى لا يعرفه أهل المدينة، ويشير بأصبعه إلى الأشخاص المتورطين في نظر جيش الاحتلال الفرنسي".
ويتعرض هؤلاء لكل أبشع أنواع التعذيب لدفعهم على تقديم معلومات عن قادة الثورة التحريرية وصلت إلى "سلخ جلودهم" و"بقر أعينهم"، وكان لهؤلاء "الخبارجية" الآلاف من الضحايا، إلا أن خيانتهم للثورة الجزائرية انتهت بنيل الجزائر استقلالها وإقرار الجيش الفرنسي بهزيمته أمام الثوار.
"الخبارجية الجدد"
ولم يتوان الجزائريون عبر منصات التواصل عن إطلاق تسمية "الخبارجي" على جماعة الإخوان، بعد أن عملت خلال فترة غياب الرئيس الجزائري عن البلاد على التشكيك في بيانات الرئاسة حول وضعه الصحي، وفق أجندة مشبوهة جديدة سرعان ما اصطدمت بظهور تبون، وردة فعل الجزائريين.
وسبق لمسؤولين جزائريين أن اتهموا جماعة إخوان الخارج بأنها وراء "حملات الشائعات حول وضع تبون الصحي"، واعتبرتها وسائل الإعلام الإخوانية والقطرية "مصدراً لمعلوماتها"، عندما تبنت معلومات عن "وفاة تبون" وغيرها من شائعات الفتنة الإخوانية.
وبالتزامن مع ذلك، خرج الإخواني عبد الرزاق مقري في مؤتمر صحفي أوائل الشهر الحالي، طالب بـ"إظهار تبون عبر الفيديو"، زاعماً أن ذلك "يوقف الشائعات".
واتهم رواد مواقع التواصل جماعة إخوان الداخل والخارج بـ"التحالف مع الدوائر الفرنسية المشبوهة غير الحكومية" لإدخال الجزائر في الفوضى والفتنة من خلال الترويج لشائعات مفضوحة.
وذكر متابعون، بأن إطلاق الجزائريين على جماعة الإخوان بـ"الخبارجية" لم يكن محض صدفة أو سخرية من أدوارهم المشبوهة، بل استناداً إلى توازي حملات الشائعات التي قادوها مؤخراً مع الحملات ذاتها التي قادها إخوان الجزائر في أوروبا والممولين مع النظام القطري، وبعضهم عميل لمخابراتها وللمخابرات القطرية.
بالإضافة إلى تلك الدوائر الفرنسية المشبوهة التي يقودها اليمين المتطرف ومنظمات "الحركى" وهم خونة الثورة الجزائرية الذين هربوا مع جيش الاحتلال الفرنسي غداة نيل الجزائر استقلالها.
وتساءل ناشطون عبر منصات التواصل عن سر اهتمام إخوان الجزائر بالوضع الصحي للرئيس عبد المجيد تبون، في الوقت الذي لم يشكل وضع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة أي "حرج لهم" وسعوا في المقابل للتمديد لولايته الرابعة عاماً أو عامين آخرين وهو على كرسي متحرك، وسط حالة من الغضب الشعبي غير المسبوق الذي أخرج ملايين الجزائريين إلى الشوارع مطالبين برحيل نظامه.
فزع إخواني
وعلى عكس بقية الأحزاب الجزائرية، انتظر إخوان الجزائر "ثلاثة أيام كاملة" بعد ظهور تبون في 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي لـ"استيعاب صدمة ذلك الظهور ومضمونه".
وذكر مراقبون، بأن رد فعل ما يعرف بـ"حركة مجتمع السلم" الإخوانية أظهر حجم الخوف الذي اعتراهم بعد عودة تبون التأكيد على اعتزامه تعديل قانون الانتخابات الذي سينهي "عصر نظام المحاصصة السري" الذي استفادت منه التيارات الإخوانية لنحو 3 عقود، ومنحها مقاعد برلمانية ومحلية بطرق غير قانونية.
واستند المتابعون في ذلك على خرجة "حمس" الإخوانية التي فضحت حقيقة "عدائهم لتبون" وخشيتهم من تغيير لعبة القمار السياسي، بعد أن زعمت بأن تغيير القانون سيكون "أمرا واقعاً مفروضاً مثل تعديل الدستور".
وسارعت للتشكيك في مضمون التعديلات المقبلة على قانون الانتخابات حتى قبل صدورها وأعلنت "تحفظها" على قرار الرئيس الجزائري، ما يوحي وفق المراقبين بأن جماعة الإخوان استشعرت بأن الإصلاحات السياسية المقبلة في الجزائر لن تكون في صالحها، ولم يبق أمامها إلا النفخ في شائعات مستقبل البلاد.