إخوان الجزائر بعد بوتفليقة.. أيتام تائهون وأقنعة تتساقط
"العين الإخبارية" تستعرض الأقنعة الـ6 التي سقطت عن جماعة الإخوان في الجزائر بعد انهيار نظام الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة
لم يكن أركان النظام الجزائري السابق الخاسر الوحيد من استقالة الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة، فقد أثبتت الأحداث المتتالية منذ تفجر "أزمة الترشح للولاية الخامسة" وما بعدها، بأن صدمة "رحيل بوتفليقة عن الحكم" زلزلت وكر جماعة الإخوان، رغم زعمهم معارضة نظامه في العقدين الماضيين.
- كورونا الجزائر.. دولة تكافح الوباء و"إخوان" يتشبثون بـ"الجهل"
- إخوان الجزائر.. نفعية انتهازية تخون الحراك الشعبي
ولم يعد خفيا أو مجالا للشك لدى عامة الجزائريين، أن الإخوان لم يكونوا إلا "تيارات طفيلية تتغذى من شجرة نظام بوتفليقة والدولة العميقة".
وأحدثت استقالة بوتفليقة "القسرية" جزعاً وارتباكاً مفضوحاً لدى الإخوان، ترجمته مواقفهم المتناقضة والمهرولة من التآمر والتشكيك و"الركوب" تارة والتملق والخنوع تارة أخرى خلال الفترة الماضية، بحسب تصريحات خبراء لـ"العين الإخبارية".
في هذا التقرير، تستعرض "العين الإخبارية" "جميع" الأقنعة التي تساقطت "تباعاً" عن وجه جماعة الإخوان الجزائرية بعد انهيار نظام بوتفليقة، وكشفت زيف ادعاءاتهم بأنهم "القوة الضاربة" في المشهد السياسي بعدما أيقظهم الحراك الشعبي، وحزْم الجيش من تلك الأوهام، وأعادهم إلى حجمهم الطبيعي "المنبوذ شعبيا".
الإخوان.. "المتواطئون"
كعادة جماعة الإخوان "الاصطياد في المياه العكرة"، شرع الإخواني عبدالرزاق مقري رئيس ما يعرف بـ"حركة مجتمع السلم" الإخوانية في محاولة التموقع والاستفادة من احتمال ترشح بوتفليقة لولاية خامسة.
وفي يناير/كانون الثاني 2019، وقبيل إعلان الترشح رسميا بـ"شهرين كاملين"، تفجرت فضيحة لقاءات سرية عقدها الإخواني مقري مع السعيد بوتفليقة شقيق ومستشار الرئيس السابق لـ"التفاوض" على المرحلة وما ستجنيه الحركة الإخوانية من مكاسب سياسية.
وروّج الإخواني لما أسماها "مبادرة التوافق الوطني" التي دعت إلى التمديد لبوتفليقة لعام أو عامين آخرين وعدم إجراء الانتخابات الرئاسية، مُغلقة بغطاء "تكريس إصلاحات سياسية خلال تلك الفترة".
مبادرة زادت من فضح نوايا الحركة الإخوانية، خاصة بعد تسرب رسائل سرية بعثها الإخواني مقري إلى "المجلس الشوري للحركة"، كشفت "أجندة خفية" للتيار الإخواني.
الرسائل السرية كشفت عن تفاوض واتفاق سري بين الحركة الإخوانية وشقيق بوتفليقة "للهيمنة على البرلمان وتقاسم السلطة وفق نموذجي النهضة في تونس والعدالة والتنمية في المغرب"، مع شروع الحركة الإخوانية في تطبيق "استراتيجية لإفشال العهدة الخامسة" استنادا إلى ما ذكره الإخواني مقري في رسالته بأن "عائلة بوتفليقة متحرجة منها (الولاية الخامسة) كثيراً بسبب التدهور الكبير لصحة الرئيس".
بالإضافة إلى الاستيلاء على تنظيم طلابي يدعى "الاتحاد الطلابي الحر" حتى "تدافع به عن عهدة بوتفليقة الخامسة، وتكون ذراعاً لهم في الجامعة الجزائرية واختراقها واستعمالها ورقة ضغط".
و"شدد" الإخواني مقري في رسالته السرية على ضرورة "عدم إخراج تفاصيل الرسالة والاجتماع السري مع شقيق بوتفليقة حتى لا ينقلب الرأي العام علينا (على الحركة الإخوانية) ولكي لا يطعن فينا رئيس الاتحاد الطلابي الحر صلاح الدين دواجي، واتركوا كل الأمور حالياً بشكل سري إلى غاية أن تتضح الأمور أكثر".
الإخوان.. "المتآمرون"
وخلال تلك المرحلة الحساسة التي مرت بها الجزائر، ظهر تسابق وتنافس بين التيارات الإخوانية على "من يتآمر ويتواطأ أكثر للتموقع أكثر"، وهو ما تكرر مع الإخواني عبدالله جاب الله رئيس ما يعرف بـ"جبهة العدالة والتنمية" الإخوانية.
ففي نهاية مارس/آذار الماضي، فضح نشطاء في الحراك الشعبي الإخواني جاب الله، وكشفوا علاقته بـ"الدولة العميقة" بعدما تحول إلى "ناطق رسمي باسمها" من خلال دعوته إلى مرحلة انتقالية تقودها هيئة رئاسية، جمع لها أحزابا معارضة لتُزكيها، والتي عدها الجيش الجزائري "مؤامرة تهدف إلى إعادة سيناريو التسعينيات".
وتسربت معلومات أكدت أن الفريق المتقاعد محمد مدين رئيس جهاز المخابرات الأسبق هو من أرسل "نص المبادرة بحذافيرها" إلى الإخواني جاب الله، ودعاه إلى التسويق والترويج لها، وإقناع بقية أقطاب المعارضة لها.
الإخوان.. "المتسلقون"
بعد أن سارت الأحداث بما لم تشتهيه سفينة التآمر الإخواني، عقب تزايد أعداد الجزائريين في الشوارع الرافضين لبقاء نظام بوتفليقة، لم يجد إخوان الجزائر "حرجاً" في الانتقال بسرعة البرق إلى "دعم الحراك الشعبي" ومحاولة تسلقه والركوب على مطالبه بعد "استشعرت السقوط الوشيك لنظام بوتفليقة".
وسعت التيارات الإخوانية وفق ما ذكره محللون سياسيون في وقت سابق لـ"العين الإخبارية" إلى "التأهب لاختطاف الدولة ومصادرة ثمرة الديمقراطية من خلال زعمهم تبني مطالب المتظاهرين الرافضة للولاية الخامسة".
رد فعل ملايين الجزائريين على تحرك التيارات الإخوانية المشبوه كان سريعاً وصادماً لجماعة الإخوان، بعد أن تعرضت قيادات إخوانية لمواقف محرجة وغير مسبوقة في الحراك الشعبي، أفشلت مساعيهم لركوب الحراك واختطاف ثمار نجاحه.
وقام المتظاهرون بطرد الإخواني جاب الله من مظاهرة في العاصمة على وقع هتافات "جاب الله ارحل"، كما طارد متظاهرون جزائريون في فرنسا الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم الإخواني أبوجرة سلطاني وتعرض للضرب والإهانة واتهموه بأنه "واحد من رموز نظام بوتفليقة".
كما حاولت قيادات حركة مجتمع السلم الإخوانية إيهام الرأي العام بمشاركتها في المظاهرات، ونشرت صوراً لذلك، سرعان ما فضحها رواد مواقع التواصل الاجتماعي والتي لم تكن إلا تجمعاً أمام مقر الحركة في العاصمة وبعيداً عن المظاهرات الحقيقية.
كما حمل المتظاهرون لافتات بها صور شخصيات سياسية "مطالَبة بالرحيل مع بوتفليقة" بينها قيادات إخوانية من حركة مجتمع السلم وجبهة العدالة والتنمية.
الإخوان.. "المتملقون"
مع بداية الأزمة السياسية، حاولت التيارات الإخوانية "توريط الجيش" الجزائري من خلالها تكثيف دعواتها لتدخله، ثم سرعان ما انقلبت بمواقف عدائية بعد أن أعلن قائد الجيش الراحل الفريق أحمد قايد صالح مرافقة مطالب الحراك وحماية المظاهرات، والحرب على الفساد فيما اصطلح عليه "منجل اقتلاع الفساد والعمالة".
استشعرت التيارات الإخوانية جدية وحزم المؤسسة العسكرية بعد أن رأت أركان نظام بوتفليقة يُنقلون الواحد تلو الآخر إلى المحاكم والسجون أمام أنظار العالم بتهم فساد، وهو ما نقل الرعب إلى وكرهم، بعد أن تكشفت فضائح علاقتهم المشبوهة للتمديد لبوتفليقة وخرجت ملفات التمويل الخارجي.
سارعت التيارات الإخوانية إلى تغيير مواقفها من دور الجيش خلال الأزمة بشكل مفضوح، وأعلنوا "دعمهم المزعوم للدور الذي يقوم به" في حماية البلاد والشعب، وكثفوا في الوقت ذاته عبر الإعلام المحلي من تبرير فضائحهم، وتلوينها بألوان "الوطنية والحرص على الوقوف مع خيار الشعب" وغيرها من الأكاذيب التي لم يصدقها حتى أصحابها.
الإخوان.. "الخاسرون"
ظن الإخوان أن "الأمل في الوصول إلى كرسي المرادية" بقي أمامهم، حيث مني مرشحهم في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي بالهزيمة الرابعة لجماعة الإخوان في الرئاسيات.
وطوال حملته الانتخابية، تعرض المرشح الإخواني عبدالقادر بن قرينة إلى "أكبر عمليات طرد" من مختلف المدن والمحافظات الجزائرية، واتهموه بـ"خيانة الحراك بعد أن زعموا (الإخوان) تمثيله ووقفوا مع مطالبه".
لم تكن تلك الخسارة الوحيدة فقط للتيارات الإخوانية، وبات أي ظهور لهم يقابل بوابل من الانتقادات والشتائم والسخرية من قبل الجزائريين الذين أجمعوا على أن "الحراك الشعبي كشف حقيقتهم وزيف شعاراتهم ومواقفهم، وأجندتهم المشبوهة التي لا تخدم إلا مصالحهم الضيقة ومصالح أنظمة إخوانية".