وزير جزائري أسبق يثير ضجة عن كورونا وصيام رمضان
وزير جزائري أسبق يدعو إلى تعليق الصيام هذا العام بحجة أنه ينقص المناعة ويؤدي إلى تفشي كورونا ويتحدث عن تلقيه تهديدات بالقتل
أثارت دعوة نور الدين بوكروح، وزير التجارة الجزائري الأسبق، إلى "تعليق الصيام" هذا العام بعد تفشي فيروس كورونا جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.
بوكروح برر دعوته بأن الصيام "يضعف المناعة"، وأن حديثه يتسق مع تصريحات الأزهر الشريف في هذا الإطار، لكن ذلك لم يشفع له، وجر عليه غضب رواد "السوشيال ميديا"، ليتلقى "طوفانا من الانتقادات والشتائم وصلت إلى التهديد بالقتل"، على حد قوله.
وزير التجارة الجزائري الأسبق (2002 – 2005) نشر مقالاً مطولاً عبر صفحته على موقع "فيسبوك"، الأسبوع الماضي، عن انتشار (كوفيد-19) وصيام شهر رمضان، تطرق فيه إلى جزء من التاريخ الإسلامي وعلاقة الإسلام بالعلم والطب، قبل أن يحذر مما سماه "خطر الصيام في تفشي فيروس كورونا".
المقال الذي حمل عنوان "فيروس كورونا والحضارات"، جاء فيه: "إذا لم يتمكن الكفار (كما يمسيهم الإسلاميون وفق تعبير بوكروح) من أتباع الحضارات والأديان الأربعة الأخرى من القضاء على فيروس (كوفيد-19) في غضون 15 يوما، فإن العلم الديني القديم الصالح لكل زمان ومكان سيواجه إحراجاً خطيراً".
وقال بوكروح، في مقاله: "إما الاضطرار إلى تعليق صيام هذا العام، لأن خواء الجسم يزيد من قابليته لفتك الفيروس ويحفز إذا انتشاره، وإما تثبيت الصيام وبالتالي تحدي خطر تفشٍّ أوسع له في صفوف المسلمين وغيرهم على حد سواء، لأن هؤلاء يعيشون جنباً إلى جنب في كل مكان تقريباً".
وختم بتساؤل "أكثر منه إجابة" وفق منتقديه، قال فيه: "ما الذي يجب أن يمثل الأولوية؟ حياة عدد غير محدد من البشر أم فريضة دينية؟"، وأعطى أمثلة من تجارب التاريخ الإسلامي مع الأوبئة، خاصة خلال الفتوحات.
"فتوى" بوكروح أثارت جدلا واسعا بين رواد مواقع التواصل، الذين دعوه إلى "الابتعاد عن إصدار الفتاوى" واعتباره "غير مؤهل في الطب والدين للإفتاء في موضوع حساس"، مشيرين إلى أن فتوى الترخيص بالإفطار تكون للمريض وليس لمن قد يصاب بكورونا.
ردود الفعل على مقال السياسي الجزائري لم تكن كلها سلبية، إذ دافع البعض عن رؤيته، معتبرين أن "مقاله مستند إلى أدلة من القرآن والسنة والتاريخ الإسلامي وأخرى علمية، ربما غفل عنها أهل الدين". فيما وصف البعض استنتاجاته بأنها "جرأة كان لا بد منها".
الجدل الواسع دفع المفكر الجزائري إلى إصدار توضيح نفى فيه "تقمص دور المفتي"، واتهم منتقديه بـ"سوء الفهم نتيجة الخبر الزائف الذي وصل إليهم"، وكشف عن تلقيه تهديدات بالقتل.
وقال بوكروح: "بعد نشري مقالا على صفحتي في فيسبوك بتاريخ الثامن من هذا الشهر، وجدت نفسي ولا أزال وسط طوفان من الانتقادات والشتائم والتهديدات بالقتل التي تأتيني من بلدي والخارج، بحجة أنني انتهكت حرمة الدين بالدعوة إلى تعليق الالتزام الديني بالصيام بسبب خطر (كوفيد 19). فكرة ليست بالحمقاء فقط بل هي كذلك غير مسبوقة في التاريخ الألفي لدين الإسلام".
وأثنى على ما خلصت إليه لجنة البحوث الفقهية التابعة للأزهر الشريف بأنه "لا يجوز إفطار رمضان للوقاية من فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، لأنه لا يوجد ارتباط بين الصوم والإصابة بالفيروس"، وشدد على أن الأزهر يعد "الأكثر تأهيلاً في العالم لإصدار الفتاوى ومقر العلم الديني الإسلامي".
غير أن السياسي الجزائري اعتبر أن دعوته لتعليق الصيام خشية كورونا مرتبطة ومتناسقة مع بيان الأزهر الشريف، مستدلاً على ذلك بما ورد فيه أنه "لا يوجد دليل علمي حتى الآن على وجود ارتباط بين الصوم والإصابة بفيروس كورونا، لذا لا يجوز الإفطار للوقاية من كورونا".
ونوه بأن استعمال عبارة "حتى الآن" يعني كذلك "وجود احتمال يقول إنه في حال ما سارت الأمور إلى الأسوأ في المستقبل، يمكن لها أن تفتي بتعليقه، فقه النوازل وعلم المقاصد في التشريع الإسلامي يسمح لها بالقيام بذلك، إذ يمكن لكل مسلم أن يحتكم إلى مبدأ حكم الضرورة".