"رقابة محلية".. انتخابات الجزائر بلا إشراف دولي لأول مرة
بدأت انتخابات برلمان الجزائر في وقت سابق صباح السبت، وسط غياب تام للملاحظين الدوليين، وإشراف هيئة مستقلة على العملية للمرة الأولى.
وافتتحت مراكز ومكاتب الاقتراع في جميع المحافظات الجزائرية الـ58 للانتخابات النيابية المبكرة في تمام الساعة الـ8.00 بالتوقيت المحلي (11.00 بتوقيت أبو ظبي) بموجب قانون الانتخابات الجزائري، على أن تستمر عملية التصويت 11 ساعة كاملة، وتنتهي في تمام الساعة 7.00 بتوقيت الجزائر.
- الجزائر تبدأ التصويت في انتخابات البرلمان.. عين على المستقلين
- برلمان الجزائر.. "ولادة قيصرية" بأوجاع عهد بائد وآمال شعب ثائر
ويسمح القانون ذاته، بتمديد الاقتراع في بعض المكاتب والمراكز لمدة ساعة إضافية في حال عدم تمكن الناخبين من القيام بواجبهم الانتخابي، لاسيما أن الانتخابات الجزائرية تشهد عادة زيادة في توافد الناخبين خلال الفترة المسائية.
غياب الملاحظين الدوليين
وتشهد الانتخابات التشريعية المبكرة التي تجرى في الجزائر "غياب الملاحظين الدوليين" للمرة الأولى، حيث نظمت جميع الانتخابات التشريعية والمحلية الـ6 السابقة بحضور مراقبين من هيئات دولية وإقليمية، فيما لم تكشف السلطات الجزائرية عن أسباب هذا الغياب.
فيما تُشرف على عملية تنظيم ومراقبة الانتخابات "السلطة المستقلة للانتخابات" في سابقة هي الأولى من نوعها منذ إجراء الانتخابات النيابية في البلاد.
والسلطة المستقلة، هي هيئة مستقلة استحدثت عشية الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية 2019، وتم النص عليها في دستور نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
وفي آخر انتخابات برلمانية نظمت في مايو/أيار 2017، شارك أكثر من 300 ملاحظ دولي من الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
ومنذ الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، لم تشهد الجزائر حضور مراقبين دوليين، واكتفت السلطات الجزائرية بالملاحظين المحليين ووكلاء المرشحين.
"ضمان جديد"
وكشف عامر رخيلة، الخبير القانوني الجزائري في حديث مع "العين الإخبارية"، أنه منذ إنشاء "السلطة المستقلة للانتخابات"، "لم تعد الجزائر بحاجة إلى ملاحظين دوليين"، مشيرا إلى أنها "باتت الضامن الرئيسي لتنظيم ومراقبة جميع الاستحقاقات الانتخابية التي تجرى في البلاد".
وأشار العضو السابق بالمجلس الدستوري والمحكمة العليا بالجزائر إلى "اعتماد الهيئة المستقلة على نظام مراقبة صارم جديد يعتمد على تسليم مراقبي الأحزاب والمستقلين في مكاتب ومراكز الاقتراع محاضر الفرز بعد إغلاق صناديق الاقتراع".
ونوه بأن هذا الإجراء "يتم العمل به للمرة الأولى وكان من أبرز مطالب المعارضة التي تعتبر ذلك مؤشرا على نزاهة العملية الانتخابية".
وتتضمن محاضر الفرز النتائج التفصيلية للانتخابات بكل مكتب ومركز انتخابي وكل دائرة انتخابية.
وهذه المرة الأولى أيضا التي تشرف فيها هيئة مستقلة على تنظيم ومراقبة الانتخابات التشريعية بعد أن كانت العملية من صلاحيات المجلس الدستوري ووزراتي الداخلية والعدل والمجالس المحلية.
استنفار أمني
وفعلت السلطات الجزائرية، اليوم، "المخطط الأمني" الخاص بالانتخابات، وهو الإجراء الأمني المعمول به في جميع محافظات البلاد والشوارع الرئيسية وبمحاذاة مراكز التصويت منذ التسعينيات، والخاص بتأمين الحملات الانتخابية من أية أعمال إرهابية أو إجرامية أو تخريبية.
ووسط إجراءات أمنية مشددة خصوصاً في العاصمة وعند مداخلها الرئيسية، بدأت عملية التصويت في "تشريعيات الجزائر"، وشهدت معظم الشوارع الرئيسية الكبرى للعاصمة تعزيزات أمنية مشددة، وسط مراقبة مكثفة من مروحيات تابعة لجهاز الشرطة.
والثلاثاء الماضي، أعطى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عقب اجتماع للمجلس الأعلى للأمن، تعليمات لكافة الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية لضمان تأمين العملية الانتخابية خصوصاً بمكاتب الاقتراع.
وسبق ذلك تعهد قيادة الجيش بتأمين الانتخابات وتحذيرها من أسمتهم "المشوشين"، من مغبة المساس بالسير الحسن للانتخابات، وتعهدت في المقابل بـ"النأي" بنفسها عن التدخل في سير العملية الانتخابية، وأكدت على أن دور المؤسسة العسكرية يقتصر على "تأمين" الانتخابات.
وبالتزامن مع ذلك، سنت السلطات الجزائرية قانوناً جديدا قالت إنه "يضع حدا للعمليات التخريبية التي تطال الانتخابات وتضمن السير الحسن للعملية الانتخابية"، وذلك عقب الأحداث التي شهدتها بعض مناطق شرق الجزائر خلال الانتخابات الرئاسية نهاية 2019 والاستفتاء الدستوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، عندما قام محتجون بحرق صناديق الاقتراع وإغلاق مكاتب انتخابية.
وتضمن القانون الجديد عقوبات صارمة بالسجن تصل إلى 20 عاماً بحق المتورطين في انتهاك سير العملية الانتخابية، وغرامات مالية.
ضمانات وهواجس
في هذه الأثناء، جدد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "تعهده" بـ"ضمان نزاهة العملية الانتخابية"، وشدد على أن عهد المحاصصة "قد ولى"، ووصف تلك الفترة بـ"عهد الجاهلية".
وخلال زيارته إلى مقر السلطة المستقلة للانتخابات للوقوف على آخر الاستعدادات الخاصة بالاقتراع، نوه تبون إلى أن الانتخابات التشريعية "فرصة للشباب والمثقفين والمستضعفين مادياً"، مشددا في السياق ذاته على "معاقبة القانون لأي مخالفات خصوصاً في استعمال المال الفاسد".
وأكد في تصريحات لوسائل الإعلام الحكومية أن حماية صوت كل مواطن يصب في اتجاه تجاوز الممارسات السابقة التي من شأنها المساس بثقة المواطن في مؤسساته.
كما أمرت وزارة الداخلية الجزائرية في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، بإلغاء جميع التظاهرات الفنية والرياضية من السبت إلى الاثنين عبر كامل التراب الوطني "للتفرغ لتأمين الانتخابات التشريعية".
ومنعت الوزارة بموجب الإجراء سير كل مركبة لنقل البضائع وصهاريج الوقود، إلى جانب منع نقل البضائع عبر السكك الحديدية، وغلق الأسواق الأسبوعية بكل أنواعها.
ويؤكد المتابعون للشأن السياسي الجزائري، أن "العزوف عن التصويت" يبقى الهاجس "المتعاظم" لدى السلطات الجزائرية و"المرشح الأبرز" في انتخابات الجزائر، وهي المخاوف التي تزايدت بعد استفتاء تعديل الدستور مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، حيث سجلت البلاد "أدنى نسبة اقتراع في جميع الاستحقاقات التي نظمت منذ استقلال الجزائر"، ولم تتجاوز 23.7 %.
وتباينت توقعات الخبراء والمحللين وحتى الخاصة بوسائل الإعلام المحلية الخاصة بنسب المشاركة، حيث كشفت نتائج سبر آراء إعلام محلي عن توقع مشاركة أكثر من 50 % من الهيئة الناخبة، بينما رجح آخرون عدم تجاوز النسبة 30 %.