ثاني خطى الإصلاح.. انتخابات برلمان الجزائر في أرقام
تستعد الجزائر لرسم مشهد سياسي قد يكون مغايرا عن سابقية من عمر التجربة الديمقراطية، بانتخابات برلمان جديد السبت المقبل.
وللمرة الأولى في تاريخ البلاد، وضعت السلطات الجزائرية جميع الترتيبات الخاصة بالعملية الانتخابية تحت إشراف وتنظيم "السلطة المستقلة لمراقبة وتنظيم الانتخابات"، بعد أن كانت العملية من اختصاص وزراتي الداخلية والعدل والمجالس المحلية.
- انتخابات الجزائر.. "طوفان" المستقلين ينافس 28 حزبا
- الرئيس الجزائري يحل البرلمان.. نهاية "تركة" بوتفليقة
وأشار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى أن الانتخابات النيابية المقررة السبت المقبل، تعد الخطوة الثانية في الإصلاحات السياسية التي باشرها منذ توليه الحكم، عقب الاستفتاء الشعبي على تعديل الدستور في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ومن المرتقب أن تدخل الجزائر في صمت انتخابي في تمام منتصف ليل الثلاثاء بالتوقيت المحلي (3.00 بتوقيت أبو ظبي) بعد 3 أسابيع من الحملة الانتخابية للمرشحين المستقلين والأحزاب، تمهيدا لبدء تصويت البدو الرحل بالمناطق النائية والجالية بالخارج، على أن تتجه الأنظار لعملية الاقتراع داخل البلاد، السبت المقبل.
23 مليون ناخب
واستنادا إلى الأرقام الرسمية التي كشفت عنها السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر، فإن انتخاب سابع برلمان تعددي في تاريخ البلاد سيكون في انتظار 23 مليونا و587 ألفا و815 ناخب وهي الكتلة الناخبة الإجمالية، بينها 902 ألف و365 ناخباً في المهجر.
وينتخب جزائريو الداخل في 58 محافظة موزعة عبر 1531 بلدية، بينما تقسم الجالية بالخارج إلى 4 مناطق.
أما حالة "الترقب القصوى" فتنتظر أكثر من 15 ألف مرشح موزعين على 1483 قائمة يسيطر عليها "طوفان المستقلين" في سابقة بالجزائر وبلغ عدد قوائمهم الانتخابية 837 قائمة.
ومن أصل 53 حزباً تقدمت للترشح، لم يتمكن إلا 28 منها من استيفاء الشروط القانونية الواردة في قانون الانتخاب الجديد، وتتنافس مع المستقلين على مقاعد البرلمان بـ646 قائمة.
وأعلن محمد شرفي رئيس سلطة الانتخابات الجزائرية أن هيئته خصصت عددا ضخماً من أوراق الانتخاب الخاصة بالقوائم الانتخابية في المحافظات الـ58 وخارج البلاد، ووصل عددها إلى 1 مليار و200 مليون ورقة انتخاب.
وتحسباً للموعد الانتخابي، وضعت سلطة الانتخابات عددا كبيرا من مكاتب ومراكز الاقتراع، وبلغ عدد مراكز التصويت الإجمالية 12 ألف و236 مركزا بينها 43 مركزا بالخارج.
أما مكاتب الاقتراع فتحددت بـ62 ألف و108 مكتباً، من بينها 356 مكتباً متنقلا لتصويت البدو الرحل، و139 مكتب اقتراع خصصت للجالية بالمهجر.
أما عدد العاملين المشرفين على العملية الانتخابية في جميع مراكز ومكاتب التصويت داخل وخارج الجزائر فقد وصل إلى 493 ألف و721 ألف مؤطر.
التجارب الـ6
ويُجمع العارفون بطبيعة الانتخابات التشريعية الجزائرية، أن البرلمان المقبل قد يفرز صناديق اقتراع بمفاجآت بالجملة قد تغير خارطة المشهد السياسي في البلد الذي بقي منذ تسعينيات القرن الماضي محتكرا مما كان يعرف بـ"أحزاب السلطة".
وتأسس البرلمان الجزائري بغرفة واحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 1976 بعهد الرئيس الأسبق الراحل هواري (1965 – 1978)، قبل أن تدخل الجزائر مرحلة التعددية السياسية والحزبية بموجب دستور 1989 عقب أحداث 5 أكتوبر/تشرين الأول 1988 التي شهدت مظاهرات وأعمال عنف، وسط مطالبات بإصلاحات اقتصادية واجتماعية.
ونظمت الجزائر أول انتخابات نيابية تعددية في تاريخها في ديسمبر/كانون الأول 1991، وحصلت خلالها ما كان يعرف بـ"جبهة الإنقاذ" الإخوانية على أغلبية مقاعد البرلمان، قبل أن يتدخل الجيش ويعلن إلغاء النتائج وتوقيف المسار الانتخابي وحل البرلمان وإعلان حالة الطوارئ واعتقال قادة الجبهة.
وجاء ذلك عقب تمرد التيار الإخواني على سلطات البلاد وأجهزتها الأمنية، والتي باشرها بتحدي قانون الانتخاب عندما نظم حملاته الانتخابية بالمساجد والساحات العمومية، ثم الإخلال بالنظام العام بمظاهرات تحمل شعارات متطرفة.
وبعد تنظيم الانتخابات، تفجرت فضيحة كبرى للجبهة الإخوانية، حيث أكد مشرفون على الانتخابات تعرضهم لمضايقات وتهديد من أجل تزوير الانتخابات لصالح جبهة الإخواني عباسي مدني، ما دفع سلطات البلاد لإلغاء النتائج، قابلها تمرد مسلح من الجبهة الإخوانية أدخل البلاد في أتون حرب دامت أكثر من 10 سنوات وأدت إلى مقتل أكثر من 250 ألف جزائري.
وبعد حل البرلمان، تأسس "المجلس الأعلى للدولة" وكانت هيئة انتقالية لتسيير شؤون البلاد لـ3 سنوات عقب استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد في يناير/كانون الثاني 1992، تم بعدها الإعلان عن "مجلس شعبي انتقالي" (برلمان) لمدة 5 سنوات.
ولاحقا، انتخب الجزائريون أول برلمان تعددي عام 1997، تلتها استحقاقات نيابية كل 5 سنوات وهي مدة العهدة البرلمانية، وجرت في 2002، و2007، و2012، و2017.
وخلال تلك الفترة، سيطر حزبا "جبهة التحرير" و"التجمع الوطني الديمقراطي" على أغلبية مقاعد البرلمان، وشكلا مع أحزاب أخرى ما كان يعرف بـ"التحالف الرئاسي" الداعم للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.
فيما أكد الرئيس الحالي عبد المجيد تبون أن كل الانتخابات السابقة كانت "مزورة"، كونها اعتمدت على "نظام المحاصصة السري" المعروف باسم "نظام الكوتة" الذي استفادت منه أحزاب السلطة وتيارات الإخوان.
برلمان برأسين
وينقسم البرلمان الجزائري إلى غرفتين تشريعيتين بموجب دستور 1996، ويتكون من مجلس الأمة الذي يمثل الغرفة العليا للبرلمان، ويبلغ عدد أعضائه 144 نائباً، ينتخب ثلثي أعضائه عن طريق الاقتراع غير المباشر من طرف أعضاء المجالس المحلية، والثلث المتبقي يعينه رئيس الجمهورية وفق الصلاحيات الدستورية الممنوحة له.
أما الغرفة الثانية أو السفلى؛ فهي المجلس الشعبي الوطني وتتكون من 407 مقعدا نيابياً، يتم انتخاب نوابها عن طريق الاقتراع العام المباشر.