هل يعيد الغاز صياغة اتفاق الشراكة بين الجزائر وأوروبا؟.. خبير يجيب
هل تستثمر الجزائر تداعيات الأزمة الأوكرانية وحاجة أوربا للغاز للضغط باتجاه إعادة صياغة اتفاق الشراكة بينهما؟
تساؤل أجاب عنه الخبير الاقتصادي الجزائري البروفيسور عبد الرحمن مبتول في تصريح لـ"العين الإخبارية"، استبعد من خلاله إمكانية أن تفرض الجزائر شروطها على الاتحاد الأوروبي لتغيير بنود الاتفاق الموقع بينهما منذ 17 عاما.
- سوناطراك تنفذ قرارها.. عقود جديدة لتوريد الغاز إلى فرنسا
- حروب الغاز تشعل ضفتي المتوسط.. رسالة من الجزائر للاتحاد الأوروبي
العام الماضي، أمر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون حكومته بإعادة النظر في اتفاق الشراكة الموقع مع الاتحاد الأوروبي، وهو الاتفاق الذي رأت الجزائر أنه "في صالح الأوروبيين"، قبل أن يبدأ الطرفان مفاوضات أكدت مصادر جزائرية بأنها "لازالت تراوح مكانها".
وبرر الخبير الجزائري الذي كان أحد أعضاء الوفد الجزائري المفاوض في اتفاق الشراكة، بأن إمكانيات الجزائر الحالية من الغاز والنفط "محدودة وغير مستغلة"، ولفت إلى احتياطات الجزائر الهائلة من الغاز الصخري التي قال إن الاستثمار فيها يتطلب 4 أعوام على الأقل، وإن صنفه ضمن الملفات الحساسة.
وكشف لـ"العين الإخبارية" عن لقائه الأخير مع السفيرة الأمريكية بالجزائر إليزابيث مور أوبين، حيث أكدت على رغبة بلادها الاستثمار بالغاز الصخري كون الجزائر تملك ثالث أكبر احتياطي في العالم.
احتياطات ضعيفة
وفي الوقت الذي يرى فيه خبراء اقتصاد بأن الجزائر تملك أوراقاً قوية وليست في ورطة غاز مع أوروبا، أشار مبتول إلى تراجع صادرات الجزائر من الطاقة نحو أوروبا منذ 2007.
وأوضح بأن "الرقم الرسمي الحكومي في الجزائر، فإن صادرات الجزائر بين عامي 2007 و2008 من الغاز كانت 65 مليار متر مكعب، وفي 2021 صدرت الجزائر 43 مليار متر مكعب، والاستهلاك الداخلي وصل تقريباً إلى 40 مليار متر مكعب".
وأضاف أن "الإنتاج يتم حسابه من الاستهلاك الداخلي والصادرات، وحجم الانتاج الإجمالي يصل إلى نحو 100 مليار متر مكعب، ومنها 10 إلى 15 بالمائة ما يبقى في الآبار، ونحو 45 بالمائة صادرات، وتقريبا نحو 40 بالمائة توجه للاستهلاك المحلي".
أما فيما يتعلق بالبترول، فقد لفت "مبتول" إلى أن صادرات الجزائر كانت أكثر من مليون برميل يومياً، و"تقرير الأوبك يقول أن الجزائر في 2021 صدرت 500 ألف برميل يومياً فقط".
معوقات
الخبير الجزائري المطلع على خبايا اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوربي اعتبر ضعف الإنتاج الجزائري وتراجع كميات صادراتها من البترول والغاز "معيقا" لأن يكون النفط ورقة ضغط جزائرية تجاه أوروبا".
وأشار أيضا إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية بقطاع الطاقة الجزائري.
ولفت إلى "تقرير دولي في السنوات الخمس الأخيرة كشف عن أنه في 2030 فإن الطاقة المتجددة تغطي بين 30 إلى 40 بالمائة من الاستهلاك الداخلي في الجزائر، وهي الكمية ذاتها التي يمكن تصديرها أيضا، والآن لا توجد استراتيجية".
وتحدث البروفيسور مبتول عن حصوله على معلومات رسمية تشير إلى "عدم قدرة الجزائر على تزويد إيطاليا بأكثر من 4 مليارات متر مكعب من الغاز، وأنبوب ترانسميد قدرته نحو 38 مليار متر مكعب، ولكن في 2021 صدرت الجزائر فقط 21 مليار متر مكعب، وحجم الصادرات الإجمالي 25 مليار متر مكعب".
الغاز الصخري
وكشف الخبير الاقتصادي الجزائري عن الزيارة التي قامت بها السفيرة الأمريكية إلى مكتبه بمحافظة وهران (غرب) الشهر الماضي، وأشار إلى أن إليزابيث مور أوبين "أكدت على الشركات الأمريكية مهتمة وجاهزة للاستثمار في الغاز الصخري الجزائري".
ولفت إلى أن الجزائر تملك ثالث أكبر احتياطي في العالم "لكنه غير مستغل" ويصل تقريباً إلى نحو 20 ألف مليار متر مكعب، و"لكن الاستثمار فيه يتطلب بين 4 و5 أعوام".
وتابع قائلا: "صحيح أن الجزائر تغطي 11 بالمائة من احتياجات أوروبا في الطاقة، لكن في ظل استراتيجية واضحة يمكن أن تفرض الجزائر شروطها ولكن لن يتحقق ذلك إلى بعد 5 أعوام، ويمكن أن تغطي الجزائر أكثر من 20 بالمائة من احتياجات أوروبا"
خلافات معلقة
وبعد قرابة عقد كامل من المفاوضات، وقعت الجزائر والاتحاد الأوروبي اتفاقية في الأول سبتمبر/أيلول 2005 تنتهي في 2017 قبل أن يتفق الطرفان على تجديده لـ3 أعوام.
كان آخر تقييم لاتفاق الشراكة بين الطرفين في مارس/آذار 2017، وأظهر عدم تحقق الأهداف والنتائج التي توقعتها الحكومة الجزائرية، حيث كشف التقييم عن تعزز "الوقع التجاري للاتحاد الأوربي على حساب الاقتصاد الجزائري"، وهو ما دفع الحكومة الجزائرية إلى تجميد أحادي الجانب للتنازلات التعريفية الممنوحة للاتحاد، ليتم بعدها الاتفاق على تأجيل انشاء منطقة للتبادل الحر إلى سنة 2020.
واعتبرت الجزائر بأن اتفاق الشراكة بات "مجحفاً في حقها" وبأنه استغل الظروف الأمنية والاقتصادية التي كانت تعيشها الجزائر نتيجة حربها على الإرهاب، فيما رفض الطرف الأوروبي طلب الجزائر لإعادة تقييم الاتفاق، ويشترط الأوروبيون على الحكومة الجزائرية إحداث إصلاحات عميقة بما يتماشى "مع طبيعة التعديلات المقترحة".
aXA6IDE4LjIxOS4yMDkuMTQ0IA== جزيرة ام اند امز