الجزائر تهدد بالتحكيم الدولي لاسترجاع "ذاكرتها" من فرنسا
هددت الجزائر باللجوء إلى التحكيم الدولي لاسترجاع أرشيفها المنهوب فترة الاحتلال الفرنسي الذي دام 132 سنة (1830 – 1962) بسبب ما وصفته بـ"التباطؤ الفرنسي في تلبية مطلبها".
وكشف مستشار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون المكلف بالأرشيف والذاكرة عبد المجيد شيخي عن أن الاتصالات مع الجانب الفرنسي لحل قضية الأرشيف المنهوب "تميل إلى التباطؤ".
- "الجزائر أرض الثورات".. سحابة "توتر" مع فرنسا
- "إيكان" تطالب فرنسا بالكشف عن ماضيها النووي برمال الجزائر
وفي تصريح للإذاعة الجزائرية الحكومية أرجع "شيخي" تعثر المفاوضات بين بلاده وباريس إلى "وجود مقاومة من الجانب الفرنسي لمنع تسليم الأرشيف"، مطالباً في السياق ذاته السلطات الفرنسية بـ"ضرورة إعادة الأرشيف المسروق خلال 132 سنة من الاحتلال".
ولوّح مستشار الرئيس الجزائري باللجوء إلى التحكيم الدولي للمرة الأولى، وقال إنه "لا يوجد ما يمنع من اللجوء إلى التحكيم الدولي أو عرض القضية على الهيئات القضائية الدولية في حال لم تلتزم الحكومة الفرنسية بوعودها".
ومن بين الملفات المتعلقة، ذكر شيخي بأن بلاده طالبت باسترجاع أرشيف التجارب النووية الفرنسية التي أجريت في الصحراء الجزائرية، والتي قال إنها "أدت إلى آثار لا يمكن أن تُمحى على سكان هذه المنطقة وعلى البيئة المحيطة بهم".
وأجرت باريس بين الفترة الممتدة من 1960 إلى 1966 أكثر من 57 تجربة نووية في الجنوب الجزائري فيما تقدرها دراسات فرنسية بنحو 210 تجارب فاق عدد ضحاياها 42 ألف جزائري، وفق وزارة المجاهدين الجزائرية (قدماء المحاربين) ومنظمات حقوقية فرنسية.
وأكد شيخي أن بلاده "لن تتخلى عن استعادة الأرشيف والتراث المادي الذي أخذ منها خلال فترة الاحتلال".
واتفق الرئيسان الجزائري عبدالمجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون، يوليو/حزيران الماضي، على تعيين لجنة خاصة مكلفة باسترجاع الأرشيف والذاكرة الوطنية.
خلاف الذاكرة المزمن
وفي سبتمبر/أيلول 2018 قرر ماكرون فتح كل الأرشيف الذي سرقه جيش الاحتلال الفرنسي بعد خروجه من الجزائر عام 1962، أمام القضاء المحلي، كـ"بادرة حسن نية لبدء طي صفحة خلاف الذاكرة مع الجزائر".
وطالب كل الشهود الذين عاشوا تلك الفترة أن يقدموا شهاداتهم؛ لمعرفة حقيقة اختفاء جزائريين وفرنسيين بعد اعتقالهم من قبل الاحتلال، في الجزائر أو على الأراضي الفرنسية.
وأنهت الجزائر وباريس، مطلع يوليو/تموز الماضي واحدة من أكبر الملفات التي أججت العلاقات بين البلدين طوال 60 عاماً فيما يتعلق بـ"ملفات الذاكرة" بعد إعلان الجزائر استرجاعها جماجم شهداء المقاومة خلال فترة الاستعمار الفرنسي (1830 – 1962).
وأجرت السلطات الجزائرية استقبالاً رسمياً ومهيباً لـ24 من رفات شهداء المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي بعد صدور قرار رسمي لـ"دفنهم بشكل يليق بشهداء الجزائر".
ويعتبر مراقبون أن ملف الذاكرة ظل كابوساً ملتصقاً بالعلاقات الجزائرية الفرنسية طوال أكثر من نصف قرن، وكان سبباً في توترات كثيرة بين العاصمتين منذ نيل الجزائر استقلالها عام 1962، خاصة ما تعلق منه بالأرشيف المنهوب، الذي أصر كل رؤساء فرنسا على اعتباره ملكاً للدولة الفرنسية، ورفضوا التفاوض بشأنه مع السلطات الجزائرية.
في وقت لازالت الجزائر تصر على ربط مستقبل علاقاتها مع فرنسا بتسوية ملفات الذاكرة بدءا بالأرشيف والجماجم، والاعتراف بجرائم فرنسا الوحشية في الجزائر، والتجارب النووية جنوبي البلاد.
ومنذ استقلالها عام 1962، لم تتسلم الجزائر إلا 2 % من أرشيفها المنهوب من السلطات الفرنسية، والذي يقدر المؤرخون والباحثون طوله بنحو 10 كيلومترات.
وكشف باحثون جزائريون في وقت سابق لـ"العين الإخبارية" عن "أن عملية ترحيل أو تهريب الأرشيف بدأت سنة 1961 بشكل سري وعاجل، حيث جرى تهريب 200 ألف علبة من الأرشيف بحجم 600 طن".
aXA6IDE4LjExNy4xNjYuMTkzIA==
جزيرة ام اند امز