"الجزائر أرض الثورات".. سحابة "توتر" مع فرنسا
الجزائر تقرر منع قناة "M6" من النشاط على أراضيها بعد بثها وثائقياً اعتبرته مسيئا بعنوان "الجزائر أرض الثورات"
عادت سحابة التوتر مجدداً في سماء العلاقات الجزائرية – الفرنسية على خلفية برنامج وثائقي بثته قناة فرنسية عن الحراك الشعبي بالجزائر، أثار غضب الأخيرة، ليتكرر سيناريو قناة "فرنسا 24".
وقررت الجزائر، مساء الأحد، منع قناة "M6" الفرنسية من العمل على أراضيها بعد إعدادها وبثها تحقيقاً تلفزيونياً عن الحراك بعنوان "الجزائر أرض الثورات"، أظهرت فيه جوانب قالت "إنها مظلمة" في المجتمع الجزائري، ما أثار موجة غضب رسمية وشعبية في البلاد.
- "6 دقائق" تلفزيونية تقطع "هدنة" الأزمات بين فرنسا والجزائر
- الجزائر تستدعي سفير فرنسا احتجاجا على حملة إعلامية ضدها
وأصدرت وزارة الاتصال (الإعلام) الجزائرية بياناً اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، وصفت فيه الوثائقي بـ"النظرة المضللة حول الحراك والعمل الدنيء"، واتهمت الفرق التقنية التي أشرفت على إنجازه بـ"تزوير رخصة التصوير".
وأعلنت الوزارة منع قناة "M6" الفرنسية "من العمل في الجزائر بأي شكل من الأشكال".
واتهمت صحفية فرنسية، من أصل جزائري شاركت في إعداد العمل التلفزيوني، بـ"بتصوير العمل بصحبة مرافق جزائري وهما يحملان ترخيصاً مزوراً للتصوير".
وأرجعت قراراها إلى "مخالفة القناة الفرنسية وفريق العمل القانون الذي يعاقب بشدة على عمليات التزوير".
وتوعدت بمتابعتهم قضائياً بتهمة "التزوير في محررات رسمية أو عمومية (حكومية)" طبقاً لأحكام قانون العقوبات.
وكشفت الوزارة الجزائرية عن طلب تقدمت به قناة "M6" الفرنسية للوزارة "لاعتماد فريق عمل حصة تلفزيونية لبرنامج (تحقيق حصري) 6 مارس/أذار الماضي" لتصوير وثائقي بعنوان "تثمين الازدهار الاقتصادي والسياحي لمدينة وهران وتعدد الثقافات في بلادنا".
وهو الطلب الذي أشارت "الإعلام الجزائرية" إلى أنه "قوبل بالرفض من طرف مصالح وزارتي الاتصال والخارجية".
واتهمت وزارة الإعلام القناة التلفزيونية الفرنسية الخاصة بـ"تعمد بث الوثائقي مع اقتراب موعد الاستفتاء على تعديل الدستور".
وأعربت عن أسفها لما قالت إنه "مع اقتراب أي موعد انتخابي هام بالنسبة للجزائر ومستقبلها، تقوم وسائل إعلام فرنسية بإنجاز ريبورتاجات ومنتجات صحفية وبثها، هدفها الدنيء من ذلك هو محاولة تثبيط عزيمة الشعب الجزائري لاسيما فئة الشباب".
"أرض الثورات"
وبثت قناة "M6" الفرنسية، ليلة الأحد، وثائقياً بعنوان "الجزائر أرض الثورات" في البرنامج التلفزيوني الأسبوع (Enquête exclusive) (تحقيق حصري) والذي يعد أشهر برنامج تلفزيوني في فرنسا، ويبث منذ نحو عقدين على القناة الخاصة.
و"الجزائر أرض الثورات" وثائقي من 75 دقيقة أخرجه الفرنسي من أصول جزائرية "دحمان زيان" وأخرجه وقدمه الفرنسي "برنارد دو لا فيلارديار"، تم تصويره لنحو عامين، وفق ما كشفته القناة الفرنسية عبر صفحتها على موقع "تويتر".
وتطرق الوثائقي للحراك الشعبي بالجزائر الذي خرج مطالباً برحيل نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عقب ترشحه لولاية خامسة، اعتمدت فيه على عينات من شباب جزائريين تحدثوا عن نظرتهم لواقع بلدهم ومستقبله، ومستقبلهم و"نظرتهم للهجرة غير الشرعية".
كما ركز الوثائقي على ما أسماه "خضوع المرأة الجزائرية لزوجها" وتحدثت مع بعض النساء والفتيات، وكذا حرص كثير من العائلات على تعليم أبنائها "حفظ القرآن في سن الثالثة".
وهو ما اعتبرته ردود أفعال جزائريين بأنه "محاولة خبيثة لتقديم صورة سيئة عن الجزائر تشبه صورة الدواعش وطالبان".
واعتبروا أن "غرس تعاليم الدين الإسلامي للأطفال من أقدم خصوصيات المجتمع الجزائري"، وفق ما ورد في ردودهم.
وفي ختام الوثائقي، خلص مقدمه إلى ما اعتبره "يأس بعض الجزائريين من واقع بلادهم، وتفكيرهم في الهجرة كحل وحيد لمشاكلهم".
واعترف مقدم البرنامج، بحسب ما كشفته وزارة الإعلام الجزائرية، عن "اعتماده على كاميرات خفية وصحفيين مجهولين للقيام بالتحقيق الصحفي".
واعتمد الوثائقي على عينات مختارة من النساء والشباب كـ"نماذج من النساء الخاضعات"، على حد وصف القناة الفرنسية، وأشارت على موقعها بأنهن "اختزلن عجز النظام الجزائري".
ومن بين الضيوف يوتوبرز تدعى "نور" مختصة بتقديم نصائح التجميل للنساء.
وكشفت عن "حلمها بالحرية في مجتمعها"، والثانية تدعى "نرجس" حيث قالت إنها "قررت العيش بطريقتها الغريبة في بلد محافظ" وتم تصويرها "في حانة ليلية وهي في حالة سكر".
فيما اختارت المحطة الفرنسية شاباً دخل عالم السياسة "يحلم بإقامة دولة إسلامية في الجزائر، وهو ما دفعه لدخول السياسة".
واللافت أن العينات الثلاث التي اعتمدت عليها قناة "M6" الفرنسية تقدموا بـ"شكوى" للمجلس الأعلى للسمعي البصري في فرنسا وسفارة باريس بالجزائر، اعتبروا فيها أنه "تم استغلالهم بعيداً عن كل المهنية وأخلاقيات المهنة".
ونشرت اليوتوبرز الجزائرية "نور" توضيحاً عبر صفحتها الخاصة على موقع "فيسبوك" اتهمت فيه القناة بـ"نقص المهنية وأنه تم الاتصال بها لإبراز دور المرأة الجزائرية في المجتمع"، مضيفة أنها "لم تتخيل أبدا أنها كانت ستستعمل هي وزوجها لإعطاء نظرة سيئة عن نساء ورجال بلدنا".
وفي 8 مايو/أيار الماضي، استدعت الجزائر سفيرها لدى باريس للتشاور احتجاجاً على ما بثته قنوات (فرانس 5) و(القناة البرلمانية) و(فرنسا 24) من برامج ووثائقيات عن الحراك الشعبي والوضع السياسي بالجزائر.
قبل إعلان البلدين عن تجاوز "أزمة الوثائقيات" في 3 يونيو/حزيران الماضي عقب اتصال هاتفي تلقاه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.