حملة عسكرية فرنسية "مفاجئة" ضد القاعدة بتنسيق جزائري
تصاعد تهديدات القاعدة وداعش في شمال مالي دفع الجزائر وفرنسا ومالي للتحرك عسكريا واستخباراتيا.
أطلقت فرنسا ومالي حملة عسكرية واسعة ضد جماعات إرهابية في شمال مالي، خاصة ضد التنظيم المسمى "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" الذي ينتمي إلى تنظيم القاعدة الإرهابي.
- جماعة إرهابية تابعة للقاعدة تتبنى هجمات بوركينا فاسو
- مناورات عسكرية في الجزائر لصد اختراق الجماعات الإرهابية للحدود
ونقلت وكالات أنباء أوروبية عن مصدر أمني جزائري أن العملية العسكرية تأتي "بالتنسيق مع الجزائر، وأن الدول الثلاث اتفقت على تنفيذ سلسلة من العمليات المتزامنة ضد هذه العناصر الإرهابية".
كما أوضحت أن الدور الجزائري "يتمثل في تعزيز الرقابة على طول حدودها الجنوبية مع دولتي النيجر ومالي، والمشاركة في تبادل المعلومات الاستخباراتية"، في حين دخلت فرنسا بقوات عسكرية على الأرض بمشاركة الجيش المالي.
واستنادا إلى المصدر الأمني الجزائري، فإن "حكومتي فرنسا ومالي تقدمتا بطلب رسمي للجزائر بأن تكثف من عملياتها العسكرية على حدودها البرية مع مالي التي تمتد على مسافة 1370 كلم وحتى مع النيجر التي تمتد على مسافة ألف كلم".
ويهدف التنسيق الاستخباراتي والميداني الفرنسي والمالي مع الجزائر إلى تشديد الحصار على الجماعات الإرهابية في شمال مالي، وتحسباً لفرار عناصر "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" أو جماعات أخرى باتجاه الحدود الجزائرية.
وتأتي الحملة العسكرية التي تقودها فرنسا في شمال مالي عقب الهجومين الإرهابيين اللذين استهدفا مقر الجيش والسفارة الفرنسية في واجادوجو عاصمة بوركينا فاسو في الثالث من هذا الشهر، وأدى إلى مقتل 8 أشخاص، والذي تبنته "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم القاعدة.
- فرنسا تعدل استراتيجية مواجهة داعش بالشرق الأوسط وأفريقيا
- الإمارات: ملتزمون بدعم القوة المشتركة لدول الساحل الأفريقي
وتعد "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" من بين أخطر وأكبر الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الإفريقي والصحراء، وتشكلت شهر مارس/آذار 2017، وجعلت من شمال مالي منطقة عسكرية "جهادية" كما تسمها، ويقودها الإرهابي "إياد أغ غالي"، وتتكون من أربع تنظيمات إرهابية تنشط في المنطقة، وهي "القاعدة في بلاد المغرب"، "أنصار الدين"، "جبهة تحرير ماسينا"، "المرابطون".
كما أعلنت مبايعتها لخليفة أسامة بن لادن على رأس تنظيم القاعدة "أيمن الظواهري"، وأمير تنظيم القاعدة في المغرب "أبومصعب عبد الودود"، وحتى أمير تنظيم طالبان "وهبة الله أخوند زاده".
الجزائر المفاجأة
ويرى المراقبون أن العملية العسكرية الفرنسية كانت "متوقعة" في شمال مالي، لكن عنصر المفاجأة فيها "مشاركة الجزائر ولو من خلال التنسيق الاستخباراتي ومراقبة حدودها"، خاصة وأن الجزائر لم تُخفِ "تحفظاتها" بشأن قوة التدخل السريع التي أنشأتها دول الساحل الخمس مع فرنسا، وإن أكدت "استمرار تنسيقها الأمني الميداني مع هذه الدول، خاصة في مجال التدريب والدعم اللوجستيكي والتعاون الاستخباراتي".
كما سبق للجزائر، التي يمنع دستورها الجيشَ من المشاركة في عمليات عسكرية خارج البلاد، أن أجرت مناورات عسكرية برية مطلع شهر فبراير/شباط الماضي، لصد اختراق للحدود الجزائرية من قبل الجماعات الإرهابية على الحدود مع ليبيا والنيجر.
وفي تعليقه على الأخبار المتداولة، أكد الخبير الأمني الدكتور أحمد ميزاب، في تصريح لبوابة "العين الإخبارية"، أن "مشاركة الجزائر في هذه العملية العسكرية بالتنسيق مع فرنسا ومالي أمر عادي، والأمر يتعلق بمركز العمليات العسكرية لدول الساحل في مدينة تمنراست الجزائرية والذي تعد دولة مالي عضوا فيه".
وأضاف أن "الأمر يتعلق أيضا بمسألة مكافحة الإرهاب في المنطقة، وهذا الإرهاب يتحرك في الحديقة الخلفية للحزام الأمني الجزائري، الذي يشكل تهديداً متزايداً يستوجب المزيد من العمليات العسكرية والتنسيق الاستخباراتي مع الدول المجاورة".
داعش يلحق القاعدة
في هذه الأثناء، ذكرت مصادر إعلامية جزائرية نقلا عن مصادر أمنية، أن السلطات العسكرية والأمنية الجزائرية رصدت "تحركات مريبة ومكثفة" لمجموعات تتبع تنظيم داعش الإرهابي في منطقة الساحل الأفريقي، وخاصة في شمال مالي.
وأكدت أن الأمر يتعلق بمجموعة الجزائري "أبوالوليد الصحراوي" الموجودة في شمال مالي، والتي أعلنت مبايعتها تنظيم داعش.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الأمر لا يقتصر على تحركات مكثفة، بل "مقلقة ومخيفة" خاصة مع تزايد نشاط تنظيم "أنصار الإسلام" المنضوي تحت لواء "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم القاعدة، ووجود تقارب كبير بين التنظيمين الإرهابيين.
وكانت الجزائر قد حذرت من خطر عودة المقاتلين إلى بلدانهم من مناطق النزاع في سوريا والعراق، خاصة التابعين لتنظيم داعش الإرهابي.
وجاءت كلمة الرئيس الجزائري، عبدالعزيز بوتفليقة، في رسالته إلى وزراء الداخلية العرب، مترجمة لهواجس الجزائر من الخطر الداهم على المنطقة، وأنها باتت تتعامل بجدية مع محاولات تنظيم داعش نقل نشاطه إلى المنطقة، وبناء ما يقول الخبراء الأمنيون إنه "قاعدة خلفية له في شمال مالي والنيجر".
وقال بوتفليقة في رسالته: "لقد شهدنا اندحار مجموعات إرهابية كانت تزرع القتل والتدمير، واسترجاع أراضٍ كانت تحت سيطرتها، لكن ذلك لا يجب أن يدفعنا إلى الاستكانة، إذ نجحت عناصر من المجموعات الإرهابية الدامية في الفرار إلى مناطق صراعات أخرى، وهذا ما يُعرف بتفريخ الجماعات الإرهابية، بعد أن يوفر بيئة حاضنة لها، وهذا الأمر يفرض علينا التبادل المكثف للمعلومات والتحفز الدائم والحذر".
وأشار الخبير الأمني الدكتور أحمد ميزاب، في تصريحه لبوابة "العين الإخبارية" إلى أن المعلومات الأخيرة والكثيرة، تؤكد أننا اليوم نتكلم عن عودة فعلية لهؤلاء المقاتلين، وأن الأمر بات واقعاً يجب التعامل معه بسرعة وبقوة".
وتابع قائلاً: "عودة المقاتلين هو معطى موجود من ليبيا إلى الساحل، يقدر عددهم بنحو 14600 إرهابي والعدد مرشح للارتفاع، والتهديدات جدية، والوضع جد حساس، يتطلب تنسيقاً محكماً بين دول المنطقة التي تبقى المتضرر الأكبر من تلاقي هذا النشاط الإرهابي السريع والذي ظهر أيضا منظماً".