أسبوع الجدل بالجزائر.. انقسام حول الانتخابات والمحروقات والحكومة
جدل حول انتخابات الرئاسة ومشروع قانون النفط والطبيعة الدستورية للحكومة الحالية واعتقال النائب الهارب.. أبرز أحداث أسبوع الجزائر
"أسبوع للجدل بامتياز"، قد يكون الوصف الوحيد الذي خرج به المتابعون للأيام الـ7 الماضية في الجزائر، وصنفه المراقبون بـ"الحالة الطبيعية لواقع التحولات التي تشهدها البلاد بعد الحراك الشعبي".
- أسبوع الجزائر.. رفض للتدخل الخارجي وعِبر مستخلصة من "خراب الإخوان"
- أسبوع الجزائر.. الجيش يتعهد بعدم "صناعة الرئيس"
حافظت انتخابات الرئاسة المقبلة على صدارة المواضيع المثيرة للجدل بالجزائر، وسط انقسام بين مؤيد ورافض و"متردد ينتظر ضمانات أكثر" و"صامت يترقب بروز مرشحين مقنعين"، وسط تطمينات جديدة من قائد الجيش بأن تعيد الانتخابات الجزائر "إلى سكة الأمان".
وطفا على سطح المشهد خلال الأسبوع الماضي جدل آخر حول مشروع تعديل كبير في قانون المحروقات بعد مصادقة مجلس الوزراء عليه، واحتج جزائريون في مظاهرات رافضة له، واعتبروه "رهنا لثروات البلاد للشركات متعددة الجنسيات".
ومع تصاعد موجة الرفض الشعبي لبقاء حكومة نور الدين بدوي، اختتم الأسبوع بسجن "النائب الهارب" بهاء الدين طليبة بعد 15 يوما من اختفائه عن أنظار الأمن والعدالة.
ووجدت أحداث أخرى مكانا لها بين نقاشات الجزائريين "الكثيرة"، كان من أبرزها غلق الأمن كنيسة شيدت بطريقة غير قانونية شرق البلاد، وحادثة قتل شرطي لطليقته و4 من أفراد عائلتها، بينما كان منتخب كرة القدم "الموضوع" الوحيد الذي التف حوله الجزائريون مجددا في أسبوعهم الماضي.
"شبح بوتفليقة" يعكر جو الانتخابات
مرت أكثر من 7 أشهر على استقالته وابتعاده عن المشهد، إلا أن اسم الرئيس الجزائري المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة بقي "الأكثر تداولا"، وكثيرون يعدونه "الشبح الذي يتوجس الجميع من عودته بوجه آخر، سلطة وأحزابا وحراكا".
ومع اقتراب انتهاء آجال الترشيحات في 25 أكتوبر/تشرين الأول المقبل لانتخابات 12 ديسمبر/كانون الأول، بلغ عدد مرشحيها المحتملين 145 مرشحا محتملا، وهي الانتخابات التي قال عنها قائد الجيش إنها "القطار الذي وضع الجزائر على السكة الصحيحة والمأمونة".
ورغم أن انتخابات الرئاسة تعد أهم استحقاق انتخابي عند الجزائريين، فإنه لم يسبق أن تباينوا بشأنها كما يحدث مؤخرا، وانقسم الجميع سلطة ومعارضة ومجتمعا بين 4 أصناف، وفق المتابعين للشأن السياسي الجزائري.
طرف مقتنع بأن انتخابات الرئاسة هي "تتويج لنضال شعبي قاطع العزوف السياسي، وحان معها موعد اختيار رئيس شرعي للبلاد"، وآخر لا يختلف معه، لكنه يرى أنها "ناقصة ضمانات".
أما التيار الثالث فيرى فيها "انتخابات شكلية لن تختلف عن سابقاتها بأن تكون موجهة لصالح المرشح الذي ترضى به دهاليز الحكم، وأنها إعادة لتدوير نظام بوتفليقة بشكل أو بآخر".
في حين يقول المراقبون إن هناك موقفا رابعا وصفوه بـ"الصامت والمراقب والمترقب" لبروز مرشحين "بأوزان سياسية ثقيلة من خارج دائرة نظام بوتفليقة أو مرشح ببرنامج ثقيل" قد يُحدث المفاجأة.
ووسط استمرار المسيرات الشعبية الرافضة لإجراء انتخابات الرئاسة بوجود رموز النظام السابق، خرجت 19 شخصية معارضة بما رأته "شروطا تضمن نزاهة وشفافية انتخابات الرئاسة".
تلخصت في إطلاق سراح معتقلي الحراك وسجناء الرأي، ورفع القيود المفروضة على المظاهرات ووسائل الإعلام والدعوة إلى حوار وطني يضم جميع الأطراف.
قانون جديد للمحروقات مثير للجدل
ولم تحجب انتخابات الرئاسة عن أنظار ومسامع الجزائريين الاهتمام بمواضيع أخرى، إذ خرج مئات منهم، الأحد الماضي، في احتجاجات ضد مصادقة مجلس الوزراء على القانون الجديد للمحروقات، معتبرين أنه "وثيقة لبيع ثروات البلاد للشركات متعددة الجنسيات".
غير أن خبراء اقتصاديين أكدوا لـ"العين الإخبارية" أن "هناك مبالغة في انتقاد ما تضمنه القانون الجديد، ومحاولة من بعض الأطراف لتوظيفه سياسيا بهدف زيادة الضغط على السلطات الجزائرية".
وأجمعوا على أنه "مجرد تصحيح لأخطاء جسيمة في القانون القديم الذي شرعه نظام بوتفليقة والذي ساهم في عزوف الشركات النفطية عن الاستثمار بالجزائر، ومغادرة أخرى".
وتضمن القانون الجديد إعفاءات غير مسبوقة في الرسوم والضرائب للشركات الأجنبية والمحلية على كثير من الأنشطة المتعلقة بالاستثمار في قطاع النفط بالبلاد تهدف إلى جذب المستثمر الأجنبي، وفق ما ذكرته الرئاسة الجزائرية.
كما أجمع الخبراء على أن توقيت طرح مشروع القانون "لم يكن موفقا وخاطئا" بالنظر إلى حساسية الوضع الذي تمر به البلاد، وحالة الغموض التي تكتنف مصير انتخابات الرئاسة المقبلة.
ودعت أحزاب وشخصيات من الموالاة والمعارضة إلى ترحيل مناقشة القانون للرئيس الجديد، ومنهم من لم يتحفظ على محتوى القانون، بل على سنه من قبل حكومة "تصريف أعمال".
وأظهر قانون المحروقات الجديد تباينا لافتا بين الخبراء القانونيين حول طبيعة الحكومة الجزائرية، وانقسمت "فتاواهم" بين من يراها حكومة "عادية وبإمكانها اتخاذ القرارات في المسائل الاستراتيجية"، بينما يصنفها آخرون "حكومة تصريف أعمال أو تسيير أزمة كونها تشكلت بعد إلغاء انتخابات الرئاسة التي كانت ستجرى في 18 أبريل/نيسان الماضي".
النائب الهارب.. في قضبة الأمن ثم وراء القضبان
أصدر القضاء الجزائري، مساء الخميس، أمرا بوضع النائب عن الحزب الحاكم بهاء الدين طليبة رهن الحبس المؤقت بمنطقة الحراش في العاصمة.
ووجه قاضي التحقيق بمحكمة "سيدي أمحمد" في العاصمة تهما للنائب طليبة بالفساد، تتعلق بـ"تبييض الأموال والتمويل الخفي للأحزاب، ومنح مزايا غير مستحقة وإبرام صفقات مشبوهة والابتزاز والتمويل الخفي لحملة بوتفليقة الانتخابية".
وجاء ذلك بعد أقل من 24 ساعة من توقيفه في محافظة وادي سوف "جنوب شرق" في أحد المنازل المهجورة، بحسب وسائل إعلام محلية، ليكون بذلك النائب بهاء طليبة أول مسؤول "هارب من العدالة" من عهد بوتفليقة تتمكن الجزائر من القبض عليه.
ويرى مراقبون أن النائب بهاء الدين طليبة "سيكون الغنيمة التي ستجلب معها شخصيات كبيرة متورطة في الفساد"، ويصفه المتابعون بـ"علبة الفساد السوداء".
وعلق عمار سعداني الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الحاكم على توقيف النائب الهارب في تصريح صحفي بالقول: "إنه فيل مغرر به، اصطاده قناص من وراء البحر فقطع قرنه وسلخ جلده وأكل لحمه وفتت عظمه"، في إشارة إلى صلاته بمعارضين مقيمين بين باريس ولندن.