الجزائر في أسبوع.. عفو رئاسي تاريخي وصفعة جديدة لأطماع أردوغان
صدور أكبر عفو رئاسي في تاريخ البلاد وتكذيب الرئاسة تصريحات أردوغان وزيارة وزير الخارجية إلى بنغازي أبرز الأحداث التي طبعت أسبوع الجزائر
تداخلت الأحداث السياسية والاقتصادية في الجزائر خلال الأسبوع المنصرم، بيد أن أبرزها تمثل في إصدار الرئاسة لأكبر عفو في تاريخ البلاد، بالإفراج عن قرابة الـ10 آلاف سجين.
- أسبوع الجزائر.. هزات أرضية وارتدادات سياسية على وقع "فتنة" أردوغان
- أسبوع دبلوماسي بالجزائر.. صفعة من جوار ليبيا لأطماع أردوغان
كما سارعت الجزائر لتكذيب مزاعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي نقل "مضموناً محرفاً من لقائه الرئيس عبدالمجيد تبون" عن ملف الذاكرة مع فرنسا الذي عدته الجزائر "خطاً أحمر" يخص الجزائريين وحدهم.
وحافظت الأزمة الليبية على أولوية الدبلوماسية الجزائرية التي تسعى لإيجاد حل سياسي لها.
وباشرت وساطتها من بنغازي، عقب الزيارة المفاجئة لوزير الخارجية صبري بوقادوم والتي التقى فيها المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي ورئيس الحكومة المؤقتة ورئيس البرلمان.
وفي الشأن الاقتصادي، عينت الجزائر رئيساً جديدا لشركة سوناطراك النفطية، كما صادق مجلس الوزراء على مخطط عمل الحكومة الجديدة قبل عرضه على البرلمان.
وأصدر تبون عدة أوامر لوزرائه، أبرزها إلغاء تصدير اللحوم الجافة الذي يقول المتابعون إنه "كان كلمة السر في محاولة إدخال 701 كيلوجرام من الكوكايين" سنة 2018.
أكبر عفو رئاسي
سجلت الجزائر يومي الثلاثاء والخميس أكبر عفو رئاسي عن المساجين في تاريخها، بعد أن أصدرت الرئاسة الجزائرية مرسومي عفو عن المحبوسين وغير المحبوسين.
كما شملت المراسيم المحكوم عليهم نهائياً والذين يساوي ما تبقى من عقوباتهم أو يقل عن 6 أشهر إلى 18 شهراً.
وبلغ عدد المعفى عنهم في المرسوم الأول 3471 محبوساً والثاني 6294 مسجوناً، ليبلغ العدد الإجمالي 9765 شخصاً.
في وقت لم تكشف الرئاسة الجزائرية عن طبيعة التهم والجرائم والجنح التي توبع بها المفرج عنهم.
الخطوة قوبلت بترحيب شعبي واسع واكتظت مداخل السجون بعائلات المسجونين لاستقبال المفرج عنهم، لكنها في الوقت ذاته فاجأت المتابعين لضخامة العدد الذي "سيخفف الضغط عن السجون" كما رأى حقوقيون، بالإضافة إلى توقيت صدور المرسومين الرئاسيين.
المحلل السياسي والخبير في القانون الدستور الدكتور عامر رخيلة أوجز في تصريح لـ"العين الإخبارية" خلفيات العفو الرئاسي وما حمله من تغييرات جديدة في "ممارسات النظام" التي تعهد تبون عقب انتخابه بـ"إحداث قطيعة مع السابقة".
ومن أبرزها استثناء 11 نوعاً من الجرائم، أهمها قضايا الإرهاب والتجسس والخيانة والمتاجرة بالمخدرات والقتل، إضافة إلى كل ما يتعلق بقضايا الفساد.
وهو بحسب رخيلة، تأكيد من الرئاسة على عدم تسامح الجزائر مع رموز النظام السابق واستمرار الحرب على الفساد.
ويعود ارتفاع عدد المعفى عنهم، كما ذكر رخيلة، إلى تأجيل السلطات الجزائرية العام الماضي إصدار العفو الرئاسي السنوي؛ كون الرئيس المؤقت السابق عبدالقادر بن صالح لا يملك صلاحيات إصداره.
ومن بين الدلالات السياسية لخطوة تبون الجديدة، تهدئة الشارع الذي يقول العارفون بالشأن السياسي إنه "يترقب أفعال الرئيس الجديد" الذي يبحث أيضا عن "سند شعبي يعوضه عن دعم الأحزاب السياسية التي تحولت إلى نقطة سوداء منبوذة في ذاكرة الجزائريين"، سواء المتحالفة التي دعمت بوتفليقة أو التي بقيت تسبح في فلكه مثل التيارات الإخوانية.
وهو ما يعني أن الرئيس الجزائري شرع في تكريس ممارسة سياسية جديدة ترتكز على كسب القاعدة الشعبية مباشرة وتجاوز الأحزاب السياسية، كما فعل في حملته الانتخابية.
إعادة أردوغان إلى حجمه
في سياق آخر، سارعت الجزائر، السبت الماضي لتكذيب تصريحات أدلى بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المعروف بـ"خيانته لحديث المجالس" كما علق متابعون.
وأصدرت الرئاسة ووزارة الخارجية بيانين في توقيت واحد، اتهما فيه أردوغان بـ"الكذب وتلفيق تصريح منسوب للرئيس الجزائري" خلال لقائهما بالجزائر، زعم فيه طلبه ملفات أرشيفية عن الجرائم التي ارتكبتها فرنسا خلال احتلالها للجزائر.
ووصفت الجزائر مزاعم الرئيس التركي بالتصريح المنسوب للرئيس تبون والذي أخرج عن سياقه، والتدخل في مسألة حساسة عن العلاقة مع فرنسا لا تخص إلا الجزائريين".
وأكد مراقبون أن أردوغان وبعد فشل زيارته إلى الجزائر لجرها خارج الصف العربي الرافض لدور أنقرة التخريبي في ليبيا، حاول الزج بها في صراعه مع باريس حول الأزمة الليبية باستخدامه ورقة ملف الذاكرة الذي يأزم العلاقات بين الجزائر وباريس.
وأظهرت الجزائر مرة أخرى موقفاً حازماً تجاه سياسات أردوغان في المنطقة، وهو الموقف الذي أحرج النظام التركي الذي لم يعلق على رفض الجزائر "سياسة الوصاية التي تحدث بها".
في حين، شدد مراقبون على أن موقف الجزائر أكد للرئيس التركي مرة أخرى رفضها "الانسياق وراء سياسة المحاور"، بعد أن فهمت "نيته الشيطانية في محاولة لجر الجزائر إلى صفه في تخريب ليبيا عبر ورقة العلاقات مع فرنسا، بعد أن فشل في شراء موقفها بالصفقات الاقتصادية".
وساطة في ليبيا
وخلال الأسبوع المنتهي، قام وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم بزيارة مفاجأة إلى ليبيا، التقى خلالها للمرة الأولى القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، ورئيس الحكومة المؤقتة عبدالله الثني، ورئيس البرلمان عقيلة صالح، إضافة إلى أعيان بعض القبائل الليبية.
ومن بنغازي، أعلن بوقادوم أن زيارته تندرج في إطار الوساطة الجزائرية التي قبلتها مختلف الأطراف الليبية بهدف الوصول إلى حل سياسي بعيداً عن التدخلات الأجنبية، يعيد الأمن والاستقرار لهذا البلد العربي الذي يعاني من ويلات الإرهاب والتدخلات الأجنبية على رأسها التركي منذ قرابة العقد من الزمن.
والواضح بحسب المراقبين، أن طائرة الدبلوماسية الجزائرية حطت هذه المرة في الأراضي الليبية، حاملة معها "جزائر جديدة في تعاملها مع ملف الأزمة الليبية" كما صرح وزير الخارجية الليبي عبدالهادي الحويج الذي أبدى "ثقة كبيرة بها" وفق تصريحاته الصحفية.
وكان لافتاً الدعوة الخاصة التي وجهها وزير الخارجية الجزائري للمشير خليفة حفتر لزيارة الجزائر، في سابقة هي الأولى من نوعها، في مؤشر على تحول كبير في الموقف الجزائري من مكونات المشهد السياسي الليبي وفق المتابعين.
وأشار المراقبون إلى أن الجزائر التي يقول مسؤولوها إنها "تقف على مسافة واحدة مع جميع الأطراف الليبية وتسعى لإنجاح وساطتها في جارتها الشرقية"، إلا أن المستجدات الأخيرة على الساحة الأخيرة سرعت في تحديدها لموقفها.
أبرزها دور ما يعرف بـ"حكومة الوفاق" الليبية في "استيراد آلاف الإرهابيين التابعين لداعش والمرتزقة من مختلف مناطق النزاع بدعم وتواطؤ تركي"، وهو ما تعتبره الجزائر تهديداً مباشراً لأمنها القومي، سارعت لإرسال رسائل مشفرة للمتورطين فيه بمناورات عسكرية برية وجوية لحوالي أسبوع على حدودها مع ليبيا ومالي.
يضاف له اعتراف الجزائر الصريح بأهمية ودور الجيش الوطني الليبي في حماية البلاد من الإرهابيين والتدخلات الأجنبية، وبأن التنسيق "بات ضرورياً" مع طرف قوي يملك المعطيات العسكرية والاستخباراتية الدقيقة عن انتشار الجماعات الإرهابية ومن ورائها الأجندات الأجنبية خاصة التركية التي تستهدف أمن ليبيا والمنطقة برمتها.