قانون جديد في الجزائر لمكافحة الجرائم الإلكترونية
الرئيس الجزائري يكشف عن ملامح مشروع القانون الجديد الذي تحضره الحكومة لتجريم الإرهاب الإلكتروني
بعد أن وصلت مستويات قياسية في الأعوام الأخيرة، قررت الجزائر مجابهة الجرائم الإلكترونية على اختلاف أنواعها بمشروع قانون يعزز آليات التصدي لها.
و أكد الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، في رسالة نقلها التلفزيون الحكومي أن حكومته تعكف حالياً على إعداد مشروع قانون يعزز آليات التصدي لهذه الآفة الجديدة التي تبدو عينة من الإفرازات السلبية الحديثة الناجمة عن التطورات التكنولوجية الهائلة.
وسرد بوتفليقة جملة من التبريرات التي "أجبرت" حكومته على مواجهة هذه الآفة بالقانون"، وقال إن الجرائم الإلكترونية "أصبحت حقيقة قائمة بفعل توظيف التقنيات العالية التي تتيحها التكنولوجيا في خدمة أهداف غير مشروعة، للإضرار بالأشخاص والمؤسسات والدول".
وأضاف: "بقدر ما نشجع على الاستفادة القصوى من هذه الابتكارات، ونحث أبنائنا على التعامل معها، والبحث والتطوير والإبداع، بقدر ما ننبه إلى الوعي والحيطة، مما قد يرد من العالم المفتوح من السلبيات".
هاجس جديد
ورأى خبراء أمنيون ومختصون، أن إعلان الجزائر عن اعتزامها "تقنين الجرائم الإلكترونية" يعني أنها "أصبحت تتعامل بجدية أكبر مع هاجس جديد فرضته عليها التكنولوجيا الجديدة، والذي لم يعد يقتصر فقط على الابتزاز والفضح والتشهير والتهديد، ليحمل أبعاداً أمنية أجبرت الجزائر على "إحداث تغييرات في مقاربتها الخاصة بمكافحة الإرهاب".
- الجزائر.. تفكيك خلية "الذئاب المنفردة" الداعشية غرب البلاد
- تفكيك 4 خلايا لداعش بالجزائر في النصف الأول من فبراير
حيث كشفت الأجهزة الأمنية الجزائرية منذ العام الماضي، عن تفكيك شبكات إرهابية تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، مختصة في تجنيد الجزائريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، آخرها "6 شبكات" تم تفكيكها منذ بداية 2018 في مختلف مناطق البلاد، و كشفت التحقيقات الأمنية بأنها تشترك في "عقيدة التجنيد" عبر الفضاء السيبراني.
وترجم الرئيس الجزائري مخاوف بلاده من "التكتيك الجديد" للجماعات الإرهابية كما يسميه الخبراء الأمنيون، في رسالته إلى وزراء الداخلية العرب الذين اجتمعوا بالجزائر بداية هذا الشهر.
وقال بوتفليقة إن "الفضاء الافتراضي أضحى تحدياً أمنياً لبلداننا العربية، كما أن الحركات الإرهابية تسعى لاستغلال التقنيات المتطورة، ومن مستجدات العصر، ظهرت خلية سيبرانية للتحريض والتجنيد وشن الهجمات الإلكترونية بالجزائر".
كما شرعت الجزائر مؤخراً في محاربة التطرف "فيسبوكياً"، من خلال صفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لأئمة المساجد المختلفة تحمل اسم "مسجد فايسبوك".
وقال وزير الشؤون الدينية الجزائري، إن الصفحات تهدف لمحاربة الفكر المتطرف والطائفية ونشر مبادئ الإسلام الحقة، عبر خطب وآراء موحدة حول قضايا الأمة.
وتابع مشيراً إلى أن "الجزائريين يحتاجون إلى خطاب تربوي وتوعوي معتدل يرسخ حب الوطن، ويذكرهم بنعمة الاستقرار، خاصة وأن البلاد مرت بمرحلة صعبة خلال تسعينيات القرن الماضي".
وتخشى الجزائر من "موجة تطرف جديدة" مثل التي عاشتها في التسعينات، لكن من "بوابة مواقع التواصل الاجتماعي"، خاصة في ظل ما يؤكده عدد من أئمة الجزائر بوجود "فراغ ديني" لدى بعض الشباب الذي يعتبر "النواة الأولى أو مفتاح التغلغل إلى عقول الآخرين".
وما يزيد من مخاوف الجزائر بحسب كثير من المراقبين، دخول عدد من المذاهب والطوائف الغريبة على مجتمعها، ما يشكل عدة مخاطر على نسيج وتركيبة المجتمع عبر تحوله لمجتمع طائفي ومذهبي، ناهيك عن الأفكار المتطرفة التي "تزرعها" التنظيمات الإرهابية على مواقع التواصل الاجتماعي، كما يؤكد الخبراء الأمنيون.
في حين يرى عدد من المختصين في مجال التكنولوجيا الحديثة والمعلوماتية، أن "مسار" الجرائم الإلكترونية في الجزائر عرف "تطوراً مرحلياً"، انطلاقاً من الجرائم المتعارف عليها الخاصة بقرصنة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الالكتروني.
- وزراء الداخلية العرب يجتمعون بالجزائر.. وملف الإرهاب يتصدر
- الجزائر.. 2018 عام استثنائي في قطاع تكنولوجيا الاتصالات
وأحصت السلطات الجزائرية "2500 جريمة جريمة إلكترونية في 2017" تتعلق بالقرصنة والابتزاز والتشهير والتحرش الإلكتروني والاحتيال، وهو الرقم الذي اعتبره المختصون بأنه "كارثي"، ودقوا معه ناقوس الخطر.
ويؤكد المختصون، أن ارتفاع معدل الجرائم الإلكترونية في الجزائر له علاقة كبيرة بعدد مستخدمي الأنترنت الذي يفوق الـ33 مليون جزائري من أصل 41 مليون هم سكان البلاد من بينهم 19 مليونا يستخدمون موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
وهي الأرقام التي تعني بحسبهم أن مواقع التواصل الاجتماعي "باتت بؤرة خصبة لكل أنواع التطرف، ومصيدة للتنظيمات المتطرفة لتجنيد ضحاياها".