محليات الجزائر.. "بصمة" نحو عهد جديد
حالة من الترقب تعيشها الجزائر في انتظار يوم الحسم المقرر، السبت، خلال الانتخابات المحلية المبكرة، في محطة ستكون الأخيرة بأجندة التغيير.
انتخابات يقول المراقبون إنها آخر وأهم محطة لـ"اجتثاث ألغام النظام السابق"، كون المجالس المحلية تمثل "مصدر قوة" الأحزاب والتيارات التي كانت سندا للنظام السابق، وفق ما يُعرف في أدبيات السياسة الجزائرية بـ"سيطرة السلطة على الإدارة المحلية بأذرعها الحزبية".
- محليات الجزائر.. صمت بانتظار الأمتار الأخيرة من آخر محطات التغيير
- "تهريج وإفلاس".. خطاب إخوان الجزائر في "المحليات" يسقط الأقنعة
ومنذ توليه دفة حكم البلاد نهاية 2019، رسم الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أجندة سياسية سماها "إحداث القطيعة مع ممارسات النظام السابق"، لكنه ربط ذلك بـ"تغيير المؤسسات وليس الوجوه".
وتعد الانتخابات المحلية المبكرة آخر شوط في سباق "الطلاق مع العهد السابق" وفق منظور السلطة الجزائرية، والذي بدأته بتعديل الدستور نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وتعديل قانون الانتخابات مايو/أيار الماضي، ثم الانتخابات التشريعية في يونيو/حزيران الماضي.
سباق تغيير تسعى من خلاله السلطة في الجزائر -وفق المتابعين- لإعادة رسم الخارطة السياسية والتوازنات والتجاذبات التي ظلت متحكمة بها لـ3 عقود كاملة، من خلال الدفع بمتغيرات جديدة مثل المستقلين والمجتمع المدني، وإنهاء عهد "الأغلبية المطلقة" للأحزاب التقليدية و"نظام المحاصصة السري".
وهي المتغيرات التي أعادت ترتيب البيت السياسي بعيدا عن واجهة ما كان يعرف بـ"أحزاب السلطة" وتيارات الإخوان التي كانت تتغذى من "نظام المحاصصة السري" رغم زعمها المعارضة.
وفي العُرف السياسي الجزائري فإن للانتخابات المحلية خصوصية وأهمية "قصوى" للأحزاب السياسية، إذ أشار خبراء قانونيون في وقت سابق لـ"العين الإخبارية" بأنها "الفرصة الكبرى" التي "تضمن انتشار الحزب السياسي، وتؤهل أطر التدرج في مناصب المسؤولية".
والتقت استشرافات كثير من المتابعين لمآلات الانتخابات المحلية بالجزائر عند توقعين اثنين، أولهما رهان المشاركة الشعبية الذي يبدو أنه سيكون مرة أخرى "محرجاً" للأحزاب، بالنظر إلى حالة العزوف عن مجريات الدعاية الانتخابية.
ويعزو المراقبون ذلك لتزامن الاستحقاق الانتخابي مع تركيز المواطن على ارتفاع الأسعار وتراجع قدرته الشرائية، الأمر الذي يجعل البضاعة الحزبية الانتخابية إما في مرمى "التجاهل" وإما "الاستياء" الشعبييْن، بينما يبقى الرهان على "الفئة الشعبية الوفية للمواعيد الانتخابية" والتي ترى فيها "ملاذا آمنا للبلاد".
أما التوقع الثاني فهو عدم خروج الانتخابات المحلية بمفاجآت عن تلك التي أفرزتها انتخابات البرلمان، ما يعني -وفق المراقبين- بقاء تلك الخارطة السياسية بدون أغلبية مطلقة، تقودها الأحزاب التقليدية و"يتذيلها الإخوان"، وسط تراجع لتمثيل المستقلين في القوائم الانتخابية مقارنة بـ"التشريعيات" الماضية.
"أتمم وابصم"
منذ الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية ديسمبر/كانون الأول 2019، بات تنظيم ومراقبة المواعيد الانتخابية من اختصاص هيئة مستقلة للمرة الأولى في تاريخ الجزائر، وهي "السلطة المستقلة لمراقبة وتنظيم الانتخابات"، بعد أن كانت من صلاحيات وزارتي الداخلية والعدل والمجالس المحلية.
ولكل الانتخابات التي جرت في الجزائر شعار خاص بها، وجاء شعار الانتخابات المحلية المقبلة بعنوان "تريد التغيير والبناء المؤسساتي.. أتمم وابصم" باللغتين العربية والأمازيغية، وفق ما كشفت عنه هيئة الانتخابات الجزائرية.
واعتبرت هيئة الانتخابات أن لشعار "المحليات" رمزية خاصة، برزت في الخلفية الخضراء الفاتحة التي تتوسطها خارطة الجزائر، معتبرة أن ذلك تعبير عن "عهد بناء الجزائر الجديدة".
وفي وقت سابق، أكد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أن الانتخابات المحلية المبكرة التي دعا إليها "تشكل محطة هامة تسمح بانتخاب مجالس تمثيلية تأخذ على عاتقها انشغالات وتطلعات المواطن"، مبدياً في السياق تفاؤلا بـ"إيصال الجزائر إلى بر الأمان والاستجابة للتغييرات المنتظرة من طرف المواطنات والمواطنين".
23 مليون ناخب
والانتخابات المحلية المقبلة هي أول اقتراع محلي مبكر وسابع انتخابات تعددية تجري في البلاد بعد انتخابات 1990 الملغاة و1997 و2002، 2007، 2012، 2017، لعهدة تمتد لـ5 أعوام.
كما أنها ثالث استحقاق انتخابي في عهد الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون، بعد استفتاء تعديل الدستور في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 والانتخابات البرلمانية في يونيو/حزيران الماضي.
وكشفت السلطة المستقلة للانتخابات بالجزائر عن آخر الأرقام المتعلقة بالاستحقاق الانتخابي المحلي المرتقب، إذ يرتقب أن يتوجه إلى صناديق الاقتراع، السبت المقبل، 23 مليونا و717 ألفاً و479 ناخبا.
وعكس الانتخابات الرئاسية والتشريعية، لا يحق للجالية الجزائرية بالخارج التصويت في الانتخابات المحلية، ما يعني تقلص الكتلة الناخبة في المحليات المقبلة بعد أن كانت 24 مليونا و589 ألفا و475 ناخبا.
وفيما يتعلق بقوائم الترشيحات، فقد شهدت سيطرة حزبية عكس الانتخابات التشريعية التي عرفت هيمنة المستقلين، ووصل العدد الإجمالي للقوائم المترشحة 1158 قائمة في المجالس الولائية عبر 58 محافظة، بينها 877 قائمة لـ40 حزباً مقابل 281 قائمة للمستقلين.
وبلغ عدد قوائم المرشحين للمجالس البلدية البالغ عددها 1541 بلدية 5848 قائمة بينها 4860 قائمة للأحزاب مقابل 988 قائمة للمستقلين.
وحصلت "العين الإخبارية" على أرقام تفصيلية من السلطة المستقلة للانتخابات الجزائرية، تتعلق بعدد المرشحين في المجالس البلدية والولائية.
وبلغ عدد المرشحين للمجالس البلدية 115 ألفا و230 مرشحا، بينها 95 ألفا و546 مرشحا في الأحزاب، ما يمثل نسبة 83% من إجمالي المرشحين، و19 ألفا و684 مرشحا مستقلا، أي بنسبة 17% من إجمالي المرشحين.
أما عن المجالس الولائية فقد وصل إجمالي عدد المرشحين 18 ألفا و910 أشخاص، بينها 15 ألفا و114 مرشحا من الأحزاب وهو ما يمثل نسبة 79 %، بينما بلغ عدد المرشحين المستقلين 3796 مرشحا، ما يمثل نسبة 21% من إجمالي المرشحين.
وأعلن حزبان مقاطعتهما للانتخابات المحلية وهما "العمال" اليساري و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" العلماني.
فيما أقر تياران إخوانيان وهما ما يعرف بـ"جبهة العدالة والتنمية" و"حركة النهضة" بعجزهما عن الدخول في المعترك الانتخابي بسبب عدم تمكنها من الحصول على التوقيعات القانونية.
aXA6IDE4LjIyMi4xODIuMjQ5IA== جزيرة ام اند امز